تشجع ملهمة هذا المقال الأستاذة الحائزة على دكتوراه في علم التربية من جامعة فوردهام مولي نيس أطباء الأطفال على الدعوة إلى التشخيص المبكر لعسر القراءة لدى الأطفال بالتعاون مع الأطباء المشهورين والعلماء المعنيين. يساهم الآباء والمعلمون ومقدمو الرعاية في تعبيد درب التعلم أمام الأطفال، ومن أهم مراحل هذه العملية تطوير مهارة القراءة لديهم لتؤمن لهم انطلاقةً سريعة وفعالة، لكن للأسف يمثل اكتساب هذه المهارة مشقةً عظيمة بالنسبة للكثير من الأطفال، ويُبدي 10-15% منهم علامات عسر القراءة وفق الإحصائيات التاريخية.

يعبر مصطلح عسر القراءة عن عجز تعليمي محدد من منشأ بيولوجي عصبي يتميز بصعوبة التعرف على الكلمات بدقة وطلاقة، وضعف في التهجئة ومهارة فك الرموز. تَنتُج هذه الصعوبات عن عجز في العامل الصوتي اللغوي (عملية إصدار الأصوات)، ولا تتعلق غالبًا بالقدرات المعرفية الأخرى أو بسوء التعليم المدرسي.

أظهرت دراسات التصوير العصبي الحديثة على الأطفال والرضع أن عسر القراءة مرتبط بتبدلات بنيوية في الأجزاء المسؤولة عن القراءة في الدماغ، وبعكس المفاهيم الخاطئة المنتشرة حول هذه المشكلة وجدت الجمعية الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن عسر القراءة لا يمثل صعوبة في الفهم -مع أنه قد يقود إلى مشاكل في الفهم في وقت لاحق- ولا يَنتُج عن مشاكل بصرية أبدًا؛ فالطفل الذي يعاني منه لا يرى الحروف مقلوبة أو معكوسة.

دليل العلامات المبكرة لعسر القراءة - التشخيص المبكر عسر القراءة لدى الأطفال - منشأ بيولوجي عصبي - العامل الصوتي اللغوي - عملية إصدار الأصوات

شددت المنظمات المختصة مثل الجمعية الدولية لعسر القراءة، والجمعية الدولية لمحو الأمية، وجمعية صعوبات التعلم الأمريكية على ضرورة الكشف المبكر عن الأطفال المصابين بعسر القراءة، ونوهت إلى دور الأهالي والمعلمين ومقدمي الرعاية في المشاركة في هذه العملية.

ما الذي نبحث عنه أولًا؟

عندما يدرك الأهالي والمعلمون أن عسر القراءة عجز في القدرة على فهم البنى الصوتية، سيكونون أكثر قدرة على ملاحظة علاماته التحذيرية الباكرة. يمثل الوعي الصوتي مهارةً أساسيةً في القراءة والكتابة؛ فهو يتيح للأطفال تلقي سيل شفهي من الجمل وتقسيمها إلى كلمات، ومن ثم تقسيم هذه الكلمات إلى مقاطعها اللفظية التي تُقسم بدورها إلى أصوات مفردة.

سيعاني الأطفال كثيرًا إن لم يتقنوا مهارات الوعي الصوتي لما ستسببه من عجز عن مطابقة أسماء الحروف مع مقابلاتها الصوتية (مثلًا حرف الميم وطريقة لفظه)، وعن تقسيم الكلمات إلى أجزائها (مثل كلمة راعي البقر بالإنكليزية cowboy تقسم إلى مفردتي cow وboy)، وعن جمع الأصوات الفردية لتشكيل كلمات أكبر (مثل جمع الحروف ن-م-ر لتشكيل كلمة نمر) أو معالجة الأصوات وتحليلها، مثلًا ماذا تشكل كلمة نمر بعد حذف حرف النون من بدايتها؟

تبدأ علامات عسر القراءة بالظهور في سن الثالثة، وتتجلى في ضعف بالمهارات الصوتية والإدراك السريع للأسماء، ومشاكل في التعرف على الحروف والذاكرة العاملة، لكن تَوفُّر أحد هذه الأعراض بمفرده ليس كافيًا لتشخيص عسر القراءة، وفي ما يلي علامات عسر القراءة حسب المراحل العمرية:

علامات محتملة مرتبطة بالسجل الطبي للعائلة (تتوافر في كافة الأعمار):

  •  سجل طبي عائلي بعسر القراءة.
  •  اضطرابات عجز الانتباه وعجز الانتباه المفرط.
  •  اضطرابات لغوية تطورية.

العلامات المحتملة لدى الرضع ومرحلة ما قبل المدرسة:

  •  مشاكل في تهجئة الكلمات، سداجة بدلًا من سجادة مثلًا).
  •  عجز عن استحضار الكلمات المناسبة أو استخدام لغة غامضة.
  •  مشاكل في التعرف على الأغاني أو الأشعار وتذكرها.
  •  تأخر في تطوير مهارة التحدث.
  •  مشاكل في تذكر الأسماء والحروف.
  •  ضعف القدرة على التعرف على الحروف وأسمائها.

علامات محتملة لعسر القراءة في مرحلة رياض الأطفال والصف الأول:

  •  مشاكل في تجزيء الكلمات إلى مقاطعها اللفظية.
  •  الاستمرار في المناغاة (الكلام الشائع للأطفال) لفترة طويلة.
  •  مشاكل في تحديد الأصوات في سياق الكلمة، مثلًا: ماذا نسمع في آخر كلمة بطريق؟
  •  مشاكل في التعرف على الحروف وأصواتها. ما هو هذا الحرف؟ كيف يُلفظ؟
  •  ارتكاب أخطاء أثناء القراءة الشفهية لا علاقة لها بالكلمات الموجودة في الصفحة.
  •  انتقاء كلمات صعبة التهجئة والكتابة.
  •  صعوبة دمج الأصوات معًا لتشكيل كلمات.

علامات محتملة لعسر القراءة في الصف الثاني وما بعد:

  •  إظهار علامات الإحباط مثل تجنب القراءة والتذمر من صعوبتها.
  •  مشاكل في الكتابة والتهجئة وتحليل الكلمات غير المألوفة.
  •  مشاكل في فهم وتذكر ما يقرأ.
  •  مشاكل في تذكر الكلمات كثيرة التردد.
  •  إظهار المشقة والبطء أثناء القراءة.
  •  الحاجة لوقت طويل للإجابة عن الأسئلة الشفهية.

نظرًا إلى أن العديد من الولايات والأنظمة المدرسية تتبنى الفحوصات المبكرة الشاملة لعسر القراءة، يجب على المعلمين جمع بيانات الفصل الدراسي وتوثيق تقدم الطلاب وإجراء تقييمات تساعد في تحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى تقييمات أكثر شمولًا، فهذه الملاحظات بالإضافة إلى معرفة المعلمين ستوفر رؤية مهمة لمختصي محو الأمية وعيادات مشاكل القراءة والمرشدين النفسيين في المدرسة القادرين على تقديم تشخيص رسمي لعسر القراءة. ونعيد التذكير بفعالية دور الآباء في المساعدة.

اقرأ أيضًا:

اضطرابات التعلم الأكثر شيوعًا التي قد يعانيها الطفل

متى تؤثر الصعوبات الكلامية عند الاطفال على ثقافتهم؟

ترجمة: رضوان مرعي

تدقيق: نغم رابي

المصدر