إن الأمريكيين ذوي البشرة السمراء أكثر عرضةً للعديد من المشاكل الصحية مقارنةً بسواهم. تشمل هذه المشاكل أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكتات، والنمط الثاني من داء السكري، وهي في العادة أمراض مزمنة. إضافةً إلى ذلك، هم أكثر عرضةً لمرض ألزهايمر ، الذي يصيبهم بمعدل الضعف مقارنةً بذوي البشرة البيضاء.

إذن، ما سبب هذه الفروق؟ مع العلم أن مرض ألزهايمر ليس مزمنًا، بل يتطور تدريجيًا.

يفسر بعض الباحثين هذه الظاهرة بوجود اختلاف في العوامل الاجتماعية بين العرقين، مثل الفروق في التعليم والدخل والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والرعاية الصحية. قد يكون لبعض العوامل الأخرى أثر، مثل الضغط النفسي والغذاء وأسلوب الحياة والجينات. لكن لم تتطرق الأبحاث السابقة إلى نقطة قد تفسر هذه الظاهرة: هل تختلف بيولوجيا المرض بين ذوي البشرة السمراء وذوي البشرة البيضاء من غير العرق اللاتيني؟

يدرس المؤلف حاليًا الفروق العرقية المرتبطة بمرض ألزهايمر ، وقد بدأ بالفعل يكتشف وجود اختلاف في بيولوجيا المرض بين العرقين. يعمل فريق البحث على عدة أبحاث لفهم بيولوجيا مرض ألزهايمر عند الأمريكيين من أصول أفريقية، وكيف قد تتشابه عند أفراد العرق الأبيض من غير الأصول اللاتينية أو تختلف. تُعَد هذه النتائج -حال نشرها- أساسيةً لفهم سبب تلك الفروق، ولفهم طبيعة المرض عمومًا.

تؤثر عوامل عديدة في الفروق المتعلقة بمرض ألزهايمر، والبيولوجيا هي أحد العوامل الأساسية الجديرة بالبحث. بالنظر إلى التجارب السريرية لمرض ألزهايمر، يمثل ذوو البشرة السمراء أقل من 5% من المشاركين فيها، في حين تمثل نسبتهم 13% من سكان الولايات المتحدة الأميركية. ما يُصعِّب على الباحثين فهم كيفية عمل العلاجات المحتملة عند ذوي البشرة السمراء والمجموعات الأخرى قليلة التمثيل. لذا فمن المهم أن نفهم بيولوجيا هذه الفروق، لأنها تؤثر في تطور العلاجات المُحتملة وفعاليتها.

ذوو البشرة السمراء أكثر عرضةً لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر لماذا - المشاكل الصحية المرتبطة بأصحاب البشرة السوداء - اختلاف في العوامل الاجتماعية بين العرقينالبحث عن أدلة

قد يكون للجينات دور في الفروق العرقية المرتبطة بمرض ألزهايمر. عمومًا لا تتجاوز نسبة مرض ألزهايمر المورث جينيًا 5% من جميع الحالات. لدى الأمريكيين من أصول أفريقية، ترتبط مجموعة محددة من الجينات بارتفاع خطورة إصابتهم بالمرض. من هذه الجينات (ABCA7). وجدت عدة دراسات أن هذا الجين يؤدي إلى ارتفاع احتمالية إصابة الأمريكيين من أصول أفريقية بمرض ألزهايمر.

رغم ثبوت دور الجين (ABCA7) في عملية نقل الدهون والأحماض الدهنية في الدم والدماغ، لم يكتشف الباحثون بعد كيفية تأثير هذا الجين أو سواه في زيادة احتمالية تطوير مرض ألزهايمر عند الأمريكيين من أصول أفريقية.

من الواضح أن عاملًا مشتركًا يفسر ارتفاع احتمالية إصابة الأمريكيين من أصول أفريقية بعدة أمراض، منها مرض ألزهايمر. مثلًا، يزيد ارتفاع ضغط الدم من خطورة الإصابة بمرض ألزهايمر، ويعاني 40% من الأمريكيين من أصول أفريقية ارتفاع ضغط الدم. فهل تسبب عوامل بيولوجية مشتركة زيادة الإصابة بكلا المرضين؟

بدأ الباحثون العمل للإجابة عن هذا السؤال، بعد الحصول على تمويل بقيمة 4.2 مليون دولار من المعهد الوطني للصحة. سيدرس الفريق البروتينات في دم الأمريكيين من أصول أفريقية الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم أو مرض ألزهايمر، وسيقارنون النتائج بين المجموعتين لتحري وجود تشابهات بيولوجية بين المرضين.

إضافةً إلى ذلك، ستؤخذ عينة أصغر لدراسة البروتينات في مجموعة أدمغة مُشرَّحة، ويُتوقع أن تصدر نتائج الدراسة في بداية عام 2021. تجدر الإشارة إلى أن مجموعةً سابقة من الأبحاث قدمت أدلةً تدعم أن الفروق في الالتهابات وأيض الدهون قد تكون من مسببات الفروق العرقية المرتبطة بمرض ألزهايمر.

هل تختلف بروتينات الدماغ؟

في دراسة أولية، قارن الباحثون مجموعةً من آلاف البروتينات في تحليل يُسمى (تحليل البروتيوميات)، أُخِذت من ثلاث مناطق مختلفة في أدمغة مُشرحة لأمريكيين-أفارقة، وبيض من أصول غير لاتينية. وجد الباحثون بروتينات كثيرة مشتركةً بين الأمريكيين من أصول أفريقية وذوي البشرة البيضاء من أصول غير لاتينية ترتبط بتطور مرض ألزهايمر، لكن المفاجأة كانت اكتشاف عوامل ترتبط بمرض ألزهايمر فقط عند الأمريكيين من أصول أفريقية. حاليًا، تُجرى عدة دراسات مماثلة لتأكيد هذه النتائج.

تشير هذه النتائج إلى عدة نقاط أساسية. أولًا، يستطيع الباحثون اكتشاف المزيد عن بيولوجيا مرض ألزهايمر من طريق ضم أفراد من مجموعات عرقية مختلفة إلى دراساتهم. ثانيًا، قد تختلف آثار المرض باختلاف المجموعات السكانية، بذلك يمكن تنويع آليات التشخيص والعلاج في أثناء تطويرها لتناسب المجموعات المختلفة.

إضافةً إلى ذلك، لا بد من إجراء المزيد من الدراسات المماثلة للمساعدة على إيجاد علاج نهائي للمرض.

بإجراء المزيد من الدراسات الكبرى حول الفروق العرقية المتعلقة بمرض ألزهايمر، تشمل آلاف الجينات والبروتينات والدهون وعمليات الأيض، قد نحصل على المزيد من المعلومات للمساعدة على تفسير هذه الفروق. بدأ بعض الباحثين بالفعل بتطبيق هذه التقنيات. وأكد الباحثون حديثًا أهمية دور الالتهابات في مرض ألزهايمر.

من المهم أن بعض الجينات المسؤولة عن الالتهابات وُجِدت فقط عند الأمريكيين الأفارقة أو البيض من أصول غير لاتينية. إضافةً إلى ذلك، أثبتت دراسة حديثة، استخدمت بحث العلامات البيولوجية لبروتيني (الأميلويد) و(التاو) في مرضى ألزهايمر، دور العِرق في تحديد هذه العلامات البيولوجية.

بمراجعة الدراسات، لاحظ الباحثون قلة تمثيل الأمريكيين من أصول إفريقية بشدة، لدرجة استبعادهم تمامًا من بعض الدراسات! ما يدلنا على أهمية فهم أسباب هذه الفروق، فضلًا عن العمل على معالجتها.

إن ضم مجموعات متنوعة في الأبحاث العلمية الأساسية والتجارب السريرية حول الأمراض هو الخطوة الأولى في العمل على تخفيف الفجوة الصحية بين الأعراق، وفي إثراء معرفتنا بالأمراض. إضافةً إلى تسهيل البحث عن العلامات التشخيصية والعلاجات، ما يساعد على التوصل إلى آليات أفضل لمساعدة الجميع.

مع فشل التجربة السريرية لدواءين جديدين لمرض ألزهايمر، نحن بحاجة إلى تكوين صورة أفضل عن المرض. ربما أمكن تحقيق ذلك بضم ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية وسائر المجموعات المختلفة إلى الدراسات، خاصةً الدراسات العلمية الأساسية.

اقرأ أيضًا:

هل يوجد ارتباط بين البدانة والخرف؟

دراسة جديدة تبشر بعلاج مرض ألزهايمر

ترجمة: زهراء حدرج

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر