وفقًا لنظرية النسبية العامة التي اقترحها ألبرت أينشتاين في القرن العشرين، فإن الحقول المغناطيسية والجاذبية الموجودة حول الثقب الأسود تسبب انحناء الضوء حوله وانعكاسه من الجهة الخلفية.

للمرة الأولى، تمكن الباحثون من إثبات هذا الجانب من النظرية، إذ رُصدت ومضات من الأشعة السينية المنبعثة من وراء ثقب أسود عملاق يبعد 800 مليون سنة ضوئية، في مجرة I ZW 1.

تحدث دان ويلكينز، الباحث في جامعة ستانفورد، عن الاكتشاف قائلًا: «الضوء الذي يدخل إلى الثقب الأسود من المستحيل خروجه، لكن السبب الذي يؤدي إلى وصول الضوء من الجهة الخلفية للثقب هو انحناء نسيج الزمكان بسبب الحقول المغناطيسية المحيطة».

يتألف الثقب الأسود من أجزاء عدة، مثلًا، أفق الحدث، نقطة لا يمكن أي شيء الهرب منها، حتى الضوء لا يمتلك السرعة الكافية للقيام بذلك.

يمتلك الثقب I Zw 1* قرصًا تراكميًا، قرص يُحيط بالثقب ويدور حوله، وتتجمع فيه الغازات والغبار.

ترتفع حرارة هذا القرص كثيرًا بسبب تأثير الحقول المغناطيسية، ما يؤدي إلى انفصال الإلكترونات عن الذرات وتكوين بلازما ممغنطة.

بين القرص التراكمي وأفق الحدث، توجد الهالة، منطقة تأثر الإلكترونات عالية الحرارة بالحقل المغناطيسي المحيط.

مع ازدياد حدة الحقل المغناطيسي، ينفصل ويُعاد اتصاله في ظاهرة تُسمى إعادة الاتصال المغناطيسي، عملية تحدث على سطح الشمس، مسببةً توهجات شمسية. تعمل الهالة في الثقب مسرعًا دورانيًا تزامنيًا، تساهم في رفع طاقة الإلكترونات ما يؤدي إلى ظهورها على شكل موجات أشعة سينية.

تتداخل بعض الفوتونات مع القرص التراكمي ويُعاد استخدامها في العديد من العمليات الفيزيائية مثل الامتصاص الكهروضوئي والفلورية، ثم يُعاد إرسالها في عملية تُسمى انعكاس طيف الأشعة السينية. عبر هذا الانعكاس، تُحدد المنطقة الأقرب لأفق الحدث في الثقب الأسود.

خلال رصد الثقب الأسود I Zw 1* باستعمال المرصدين (NU star) و(XMM-Newton)، كان ويلكينز وفريقه يطمحون لدراسة هالة هذا الثقب.

خلال تحليل البيانات، رصدوا ومضات الأشعة السينية، وبيانات أخرى غير متوقعة، إذ تبين وجود ومضات أشعة سينية في جزء آخر من الطيف الضوئي.

رأى ويلكينز أن هذه الومضات الأخيرة تتوافق مع الضوء المنعكس من الجهة الخلفية للثقب الأسود ، حيث ينحني الضوء حول هذه الأجرام الضخمة بسبب الحقل الجاذبي الضخم.

حاول ويلكينز بناء تصميم لتوقع كيفية وصول هذه الومضات إلينا من خلف الثقب الأسود. كان هذا التصميم موجودًا في النظرية التي عمل عليها، وأكدته نتائج الرصد.

من الرائع إثبات جانب آخر من نظرية النسبية العامة، لكن لهذا الإثبات جوانب أخرى مهمة.

أولًا، يُعد وجود بيانات جديدة عن الثقوب السوداء أمرًا مهمًا، إذ تُعد هذه الأجرام شديدة الغرابة مع تأثيرها في الفضاء حولها.

من جهة أخرى، تثبت البيانات التطور المتحقق في قدرتنا على رصد هذه الومضات السينية باستعمال المراصد وغيرها من الطرق.

يؤكد الباحثون أن مفهومنا عن الثقوب السوداء سيستمر بالتطور والاتساع، خصوصًا مع تطور التلسكوبات.

يختتم ويلكينز قائلًا: «ستساهم البيانات المستمدة من المراصد في اكتشافات أحدث بالتأكيد».

اقرأ أيضًا:

الحقول المغناطيسية في الفضاء تسبب انحناء تدفقات الثقوب السوداء

الحصول على صورة نفاثات بلازمية لثقب أسود فائق الكتلة

ترجمة: محمد علي مسلماني

المصدر