يأتي يوم رأس السنة الجديدة مرة واحدة كل 47.5 ساعة على كوكب خارج المجموعة الشمسية يشبه كوكب نبتون، أطلق عليه العلماء اسم (TOI 674b)، وهذا أمر نادر مع أن العلماء يحاولون تعقب أمثاله منذ سنوات، فقليلة هي الكواكب العملاقة الغازية بالحجم المتوسط ذات مدار بأقل من بضعة أيام، وهي ما اصطلح علماء الفلك بتسميتها (صحراء نبتون) للإشارة إلى كواكب شديدة الحرارة متوسطة الكتلة سريعة الحركة بالنسبة لنجمها.

لماذا تعد هذه الحالة نادرة؟ إذ نرى عددًا من الكواكب الصخرية التي تفوق كتلة الأرض وهي تدور حول نجومها بوقت سريع، مثل الكوكب الحار (TOI 270b)، ونرى المشتريات الحارة (الكواكب الخارجية العملاقة الغازية الشبيهة بالمشتري) التي تقاس مداراتها بالساعات، فماذا بشأن الكواكب شبيهات نبتون المصنفة باسم نبتون حار؟ ربما لا تظهر بسبب حجمها أو تركيبها أو حتى موقعها في نظامها الشمسي الذي يجعلها قريبة جدًا للنجم المجاور، وفي الحالات النادرة التي تظهر بها لا تبقى مدة كافية لرصدها. والأمر الذي أثار فضول علماء الفلك حول هذا الاكتشاف هو وجود أبخرة في الغلاف الجوي، فاكتشاف ماء في غلاف جوي غير تابع للأرض أمر نادر يعزز عادةً من تفرّد كوكبنا.

وتعطينا تلك الغازات والأبخرة التي تطوف في الغلاف الجوي للكوكب الخارجي معلومات عن نشأة هذا الكوكب، فبتحليلها يقدم العلماء معلومات واضحة عن زمن نشوء الكوكب وكيفية تشكله في نظامه الشمسي. فالكواكب التي تتشكل في منطقة أبعد من أن تحول إشعاعات النجم الثلوج إلى غازات لديها فرصة أكبر أن تحتوي على الماء، ما يزيد احتمال بأن كوكبًا شبيهًا بنبتون في مدار قصير ذو كمية كافية من الماء بعيدٌ الآن عن مكان تشكله.

والخطوة القادمة ستكون جمع معلومات أكثر عن الكمية الحقيقيّة للماء الموجود في الغلاف الجوي لـ (TOI 674b)، والبحث عن احتمال وجود عناصر أخرى مثل المعادن.

وُجد هذا الكوكب في نطاق رصد الرادارات منذ سنة ويتابعه قمر صناعي خاص لرصد الكواكب الخارجية تابع لوكالة ناسا، لكن العلماء قرروا إضافة أدوات أخرى في عملية المراقبة مثل تلسكوب هابل الفضائي، وذلك نظرًا لأهمية هذا الاكتشاف وضرورة فهم أسرار هذا الكوكب، كما استعان العلماء أيضًا بمعلومات قديمة مخزنة في تليسكوب سيتزر الفضائي غير المستخدم حاليًا.

يدور هذا الكوكب حول نجم قزم أحمر من النوع M ذو كتلة بنصف كتلة شمسنا تقريبًا، وهذا النجم ليس ساطعًا كثيرًا، ما يعني أنه يوجد ما يكفي من الضوء لرؤيته لكنه ليس كثيرًا لدرجة حجب الكواكب بسطوعه، والأهم من ذلك أنه على مسافة 150 سنة ضوئية ما يجعله واضحًا بالنسبة لنا.

واقتراب هذا الكوكب من نجمه ومنا ومن منطقة الإشعاع الخفيفة يجعل مهمة تحليل الضوء القادم من غيومه مهمة سهلة على الجيل الحالي من أجهزة الطيف. وفي الوقت الحالي، يعد تليسكوب جيمس ويب الفضائي الذي أُطلق مؤخرًا أفضل وسيلة لرصد أي كوكب خارجي، فتصميمه الحديث سيعطينا نتائج جديدة لمسافات وكواكب النجوم.

وفهمنا لكيفية وجود كوكب (TOI 674b) في منطقة حارة قريبة من نجمه سيوضح لنا كثيرًا كيفية تطور الأنظمة الشمسية، وسيكشف لنا أيضًا إن كان نظامنا الشمسي معجزة فريدة أم أنه تطور عادي مثل أي نظام آخر.

اقرأ أيضًا:

الغلاف الجوي لكوكب أورانوس يسرب الغازات إلى الغلاف الخارجي حرفيًا.

تقدر السنة على هذا الكوكب بثماني عشر ساعة وهذا هو الأمر الغريب بشأنه

ترجمة: رهف إبراهيم

تدقيق: طارق طويل

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر