رصد تلسكوب NICER بمحطة الفضاء الدولية نبضات من الأشعة تحت الحمراء قادمةً من ومضات على سطح بقايا نجم متفجر. في الساعة 10:04 من مساء يوم 20 أغسطس، رصد تلسكوب استكشاف المكونات الداخلية للنجوم النيوترونية NICER التابع لناسا، والمتمركز فوق محطة الفضاء الدولية، موجةً هائلةً مفاجئة من الأشعة تحت الحمراء، وهي الموجة الأكثر بريقًا التي رصدها NICER، فهي تحرر في 20 ثانية طاقةً تعادل ما تنتجه شمسنا في 10 أيام.

مصدر النبضة هو نجم نابض pulsar يُسمى J1808، وهو إما نوع من النجوم النيوترونية، أو بقايا نجم مستعر supernova انفجر قبل فترة طويلة من الزمن. ويرجع اللمعان الإضافي للنبضة إلى توهج نووي حراري thermonuclear flash فوق سطح النجم النابض.

تصور فني للانفجار النووي الحراري على النجم النابض J1808، الذي أدى إلى ألمع انفجار لأشعة إكس شوهد حتى الآن، وقد رصده تلسكوب NICER التابع لناسا. وقع الانفجار في 20 أغسطس 2019، وأصدر من الطاقة في 20 ثانية مثل ما تصدره شمسنا في نحو 10 أيام

تصور فني للانفجار النووي الحراري على النجم النابض J1808، الذي أدى إلى ألمع انفجار لأشعة إكس شوهد حتى الآن، وقد رصده تلسكوب NICER التابع لناسا. وقع الانفجار في 20 أغسطس 2019، وأصدر من الطاقة في 20 ثانية مثل ما تصدره شمسنا في نحو 10 أيام

صرح بيتر بولت Peter Bult الفيزيائي في مركز غودارد للفضاء التابع لناسا، والباحث الرئيس في هذه الدراسة: «كانت هذه النبضة مثيرةً للإعجاب، فقد رصدنا تغيرًا في اللمعان يحدث على خطوتين، ربما بسبب اندفاع الطبقات المنفصلة عن سطح النجم النابض، وقد يساعدنا هذا الاكتشاف على فهم طبيعة مثل هذه الأحداث القوية».

يُصنَّف هذا اللمعان الفائق ضمن نبضات النوع الأول من الأشعة السينية Type I X-ray burst، وهو النوع الأكثر شيوعًا، ويتميز بلمعان يزداد سريعًا ثم يضمحل ببطء.

بواسطة هذا الاكتشاف، سيتمكن العلماء من فهم المزيد عن هذه الانفجارات العظمى، وتعلم المزيد عن أسباب حدوثها على الأجرام المشابهة للنجم J1808.

كيف يحدث الانفجار النووي الحراري؟

تدور النجوم النابضة سريعًا وتنبعث الأشعة السينية من فوهات على أقطابها. والنجم النابض J1808، الذي يبعد نحو 11 ألف سنة ضوئية عن الأرض ضمن تجمع كوكبة الرامي constellation Sagittarius، يدور حول محوره بسرعة نحو 401 دورة في الثانية.

يرجع الانفجار فوق سطح النجم النابض إلى النظام النجمي الثنائي الذي ينتمي له النجم، والذي يتضمن قزمًا بنيًّا (وهو جرم أكبر من أن يكون كوكبًا وأصغر من أن يكون نجمًا)، يتدفق غاز الهيدروجين من هذا الجرم تجاه النجم J1808 مكونًا قرصًا متراكمًا accretion disk حوله، وبعد فترة من الزمن تزداد كثافة هذا الغاز إلى درجة أن بعضه سيفقد إلكتروناته (أو يتأين)، ما يُصعب حركة الغاز، ومن ثم حركة الضوء، في القرص حول النجم النابض.

تبدأ الطاقة المحتجزة بسبب الحركة البطيئة لجزيئات الغاز في بناء وتسخين وتأين المزيد منها، ما يزيد صعوبة حركة الغاز داخل القرص أكثر. ثم يدور الغاز نحو الداخل حتى يسقط داخل النجم، فينضم الهيدروجين الموجود في الغاز إلى المزيد منه الموجود بالنجم، وبسبب الحرارة والضغط الشديدين داخل النجم تأخذ أنوية الهيدروجين في الاندماج مكونةً أنوية هيليوم، وهو تفاعل الاندماج النووي Nuclear Fusion.

يستقر الهيليوم ويكون طبقةً خاصةً به، وعندما يصل عمق هذه الطبقة إلى عدة أمتار، تصبح الظروف مهيأةً لأنوية الهيليوم أن تندمج مكونةً الكربون، ثم يثور الهيليوم متفجرًا، مطلقًا كرات نووية حرارية thermonuclear على امتداد سطح النجم النابض.

وفقًا لما رصده التلسكوب NICER، فإنه بعد بدء الانفجار، ينخفض بريق النبضات لثوان قبل أن يزداد مجددًا ببطء. سبب هذا التغير هو تراكم الطاقة التي تدفع بطبقة الهيدروجين نحو الفضاء، ثم تلحق بها طبقة الهيليوم وهو ما يفسر تزايد البريق. وبعد أن تندفع طبقة الهيليوم نحو الفضاء فإنها ستتجاوز بسرعة طبقة الهيدروجين ثم تعود لتهبط فوق سطح النجم النابض.

بعد هذا الانفجار الجامح ازداد بريق النجم النابض مجددًا، لكن العلماء لم يتمكنوا بعد من تفسير هذا البريق الأخير.

اقرأ أيضًا:

إثبات جديد للنسبية العامة عبر قياسات النجوم النابضة في الفضاء

ما هي النجوم النيوترونية ؟

ترجمة: رياض شهاب

تدقيق: سمية المهدي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر