إن فرصة الولادة وإنجاب طفل مرتبط بك بيولوجيًا هي رغبة عميقة متأصلة لدى العديد من النساء وشركائهن. منذ إدخال التلقيح الاصطناعي عام 1978، تمكن العديد من الأشخاص في بلدان مثل أستراليا من الوصول إلى الدعم والموارد للمساعدة على تحقيق أهدافهم الإنجابية.

بالنسبة إلى بعض النساء، أدى عدم وجود رحم فعالة إلى إبقاء هذه الفرصة بعيدة المنال. هذا يشمل النساء اللواتي يعانين عيبًا خلقيًا مثل متلازمة ماير-روكيتانسكي-كوستر-هاوزر، أو اللواتي خضعن لعملية استئصال الرحم لأسباب طبية. بالنسبة إليهن، الخيارات المتاحة هي استئجار رحم أو التبني، وغالبًا ما يكون الوصول إليها صعبًا.

ستغير عمليات زراعة الرحم هذا الواقع اعتبارًا من العام المقبل، حيث تجري تجربة زراعة الرحم في أستراليا. ومع ذلك، توجد مخاطر لهذه العملية ومخاوف أخلاقية تجب معالجتها قبل أن تصبح علاجًا سريريًا معتمدًا.

كيف تُجرى هذه العملية؟

زراعة الرحم مجموعة من الإجراءات الطبية التي تُزال فيها رحم المتبرعة جراحيًا وتُزرع في متلقية مؤهلة.

تُستخدم الهرمونات لتحفيز الحيض لدى المتلقية، فور أن تعمل الرحم طبيعيًا، يُنقل الجنين الناتج عن التلقيح الاصطناعي إلى رحم المرأة.

بعد الزراعة الناجحة وتطور الجنين، يولد الطفل بعملية قيصرية. لأن عملية زرع الرحم عالية الخطورة، وقد لا تكون المرأة قادرة على الشعور بالتقلصات. لا تتمكن النساء المصابات بغياب الرحم الخلقي من الولادة من طريق المهبل.

كما هو الحال مع جميع عمليات الزرع، تُعطى متلقية الرحم أدوية مثبطة للمناعة -لمنع رفض العضو المتبرع- بجرعات آمنة للجنين النامي. تستمر المراقبة الدقيقة طوال فترة الحمل لضمان سلامة كل من المرأة والجنين. يستمر تثبيط المناعة حتى ولادة طفلين سليمين أو بعد خمس سنوات من الزرع.

ثم تُستأصل الرحم جراحيًا، ما يسمح بإيقاف تثبيط المناعة الذي ينطوي على مخاطر وآثار جانبية. تشمل مخاطر تثبيط المناعة العدوى وانخفاض عدد خلايا الدم وأمراض القلب وتثبيط نمو نقي العظم، وتزداد هذه المخاطر بمرور الوقت.

زرع الرحم هي عملية زرع عابرة، أي عملية زرع مؤقتة غير منقذة للحياة، تهدف فقط إلى تمكين الإنجاب. هذه الصفات تجعلها مختلفة طبيًا وأخلاقيًا عن عمليات الزرع الأخرى.

متى بدأت عمليات زراعة الرحم؟

بدأ العلماء تطوير زراعة الرحم في الحيوانات منذ السبعينيات. كانت المحاولات الأولى على البشر عام 2000 -المملكة العربية السعودية- و 2011 –تركيا- وباء كلاهما بالفشل.

بعد 14 عامًا من البحث، بدأ البروفيسور ماتس برانستروم وفريقه في مستشفى جامعة ساهلجرينسكا السويدية أولى التجارب البشرية عام 2013. عام 2014، وُلد أول طفل سليم.

مع قيام أكثر من 25 دولة حتى الآن بإجراء عمليات زرع الرحم أو التخطيط لها، تشير التقديرات إلى إجراء 80 عملية على الأقل، ما أدى إلى أكثر من 40 ولادة طفل بصحة جيدة. رغم عدم نجاح جميع عمليات الزرع، فإن معدل المواليد الأحياء من الرحم العامل بنجاح بعد الزرع يقدر بأكثر من 80٪.

في أستراليا، تمت الموافقة على تجربتين يخطط للبدء بهما في غضون 12-18 شهرًا.

من هنَّ المتبرعات؟

استخدمت معظم عمليات زرع الرحم حتى الآن متبرعات أحياء، وعادة ما تتبرع الأم لابنتها أو الخالة لابنة أختها.

لكن حالات استخدام الرحم من متبرعات متوفيات كانت ناجحة أيضًا، إذ سُجل 4 ولادات حية سليمة على الأقل.

تُقدم الرحم من المتبرعات المتوفيات غالبًا من خلال موافقة أسرة المتوفاة. ويمكن مستقبلًا توفيرها من خلال تسجيل المتبرعات لطلب التبرع بالأعضاء قبل الوفاة، لتشمل قائمة الأعضاء الرحم.

حاليًا، يمكن فقط للنساء في فترة ما قبل انقطاع الطمث أن يكن متبرعات بالرحم، وتحتاج المتبرعات الأحياء إلى أن يكون لديهن حمل ناجح ليكنّ مؤهلات للتبرع. لكن قد لا يكون هذا مطلوبًا عند المتبرعات المتوفيات، ما يزيد من توافر الرحم للزرع.

مازالت المشاركة في تجارب زرع الرحم محدودة إذ لا تزال في مرحلة البحث، وتعتمد على مدى توفر التمويل.

ما مخاطر أخذ الرحم من متبرعة حية؟

بالنسبة إلى المتلقية، فإن المخاطر الجراحية الرئيسية هي رفض الأعضاء، والعدوى، والجلطات الدموية أو التخثرات، إضافةً إلى المخاطر الناشئة عن مدة الجراحة -5 ساعات وسطيًا- مثل جلطات الدم –متضمنةً الرئة- وتثبيط المناعة.

رغم التحديات، قُللت هذه المخاطر بواسطة المراقبة الدقيقة والتدخل المبكر باستخدام مميعات الدم، وتشجيع المتلقيات على التحرك بعد الجراحة بفترة وجيزة.

بالنسبة إلى المتبرعات الأحياء، تنشأ المخاطر الجسدية من مدة الجراحة –من 6 إلى 11 ساعة- والمضاعفات الجراحية وما بعد الجراحة، وأكثرها شيوعًا إصابة المسالك البولية والعدوى.

توجد مخاطر أخلاقية ونفسية. وتشمل احتمالية شعور المتبرعة المحتملة بالضغط عليها للتبرع لأحد أفراد الأسرة، والشعور بالذنب والفشل إذا لم تنجح عملية الزرع أو أدت إلى نتائج عكسية. يمكن تقليل هذه المخاطر بواسطة الاستشارة والدعم المناسبين. لكن كما هو الحال مع كل عمليات التبرع بالأعضاء، لا يمكن التخلص من المخاطر تمامًا.

المتبرعة المتوفاة

تنطوي عملية الزراعة من المتبرعات المتوفيات أيضًا على مخاطر، لكنها تتطلب وقتًا جراحيًا أقل من زراعة المتبرعات الأحياء –ساعة إلى ساعتين- من ثم يقل الطلب على الموارد الطبية والموظفين.

قد تكون الزراعة من متبرعة متوفاة أيسر أخلاقيًا. لا يوجد احتمال للضغط أو الذنب أو الخطر الجراحي للمتبرعة المتوفاة، التي يُعلن موتها دماغيًا وتكون مناسبة للتبرع بأعضاء متعددة. لا يجوز شراء الأعضاء إلا باتباع البروتوكولات والإجراءات المعتمدة.

لماذا ندرس حالتي التبرع؟

من المهم أن نستطيع مقارنة نتائج التبرع من المتبرع الحي والمتوفى في سياقات مختلفة. سيؤدي هذا إلى توجيه الإرشادات والسياسات المستقبلية حول التبرع بالرحم، وتحديد إمكانية أن يصبح ممارسة سريرية معتمدة.

تشير الدلائل المستجدة إلى أن التبرع من المتوفى قد يؤدي إلى نتائج أفضل للمتلقين. بالنسبة إلى الرحم، يسمح استخدام أعضاء المتبرعات المتوفيات باسترجاع الأوردة والشرايين الأطول، ما يتيح تدفق دم أفضل للرحم، ويحتمل أن يكون أنجح في عمليات الزرع والحمل.

رغم وجود عدد أقل حاليًا من حالات المتبرعات المتوفيات، توجد أسباب طبية وأخلاقية سليمة لإجراء أبحاث عن زراعة الرحم من المتبرعات المتوفيات والمتبرعات الأحياء.

اقرأ أيضًا:

جراح يخطط لزراعة رحم لامرأة عابرة جنسيًا، فهل ينجح ويحدث حمل؟

أمل جديد في مجال زراعة الرحم والقدرة على الإنجاب

ترجمة: ميس الفالوجي

تدقيق: مهدي الأعور

المصدر