ليست كل النجوم تتجول وتدور حول مركز المجرة مع النجوم الأخرى. توجد بعض النجوم المتمرّدة التي تشق طريقها عبر مجرة درب التبانة بقوة هائلة، ونستطيع أن نتتبع آثارها لفهم الأحداث العنيفة التي من الممكن أن تحدث في الكون.

أحد تلك النجوم وأكثرها شهرة يسمى (زيتا أوفيوتشي – Zeta Ophiuchi)؛ الذي يبعد حوالي 440 سنة ضوئية عن الأرض، في كوكبة الحوّاء (Ophiuchus)، ويُعتبر النجم الأغرب في السماء ليس فقط لكونه سريعًا جدًا -إذ تتراوح سرعته بين 30 و 40 كيلومترًا في الثانية- ولكن لأنه نوع غريب من النجوم؛ يهمس لنا عبر الفضاء.

زيتا أوفيوتشي نجمٌ ما زال في مرحلة تسلسل حياة النجم الأساسية؛ مرحلة دمج الهيدروجين إلى هيليوم داخل مركزه. إنه نجم ساخن هائل من النوع (O) تبلغ كتلته عشرين ضعف كتلة الشمس، ويتوهج باللون الأزرق نتيجة حرارته الشديدة.

هذه النوعية من النجوم لها حيوات متواضعة نسبيًا، والنجم زيتا أوفيوتشي في منتصف عمره المقدّر بحوالي 8 مليون سنة. ذلك يعني أنّه ليس شائعًا وجود مثل تلك النجوم في مجرتنا، فمثل هكذا نجوم تولد وتقضي عمرها في مجموعات تسمى التجمعات. لكن زيتا أوفيوتشي يرتفع في الفضاء وحيدًا، وذلك ما يثير التساؤل عن المكان الذي ظهر منه، وكيف باتَ في مأزقه الحالي؟

يعتقد العلماء أن زيتا أوفيوتشي قُذف عبر الفضاء نتيجة انفجارٍ نجمي ضخم لنجم ثنائي مرافق له؛ وهو نجم نابض، يسبح أيضًا في الفضاء ويدور في مدار من الممكن أنه تقاطع مع مدار زيتا أوفيوتشي منذ حوالي مليون سنة. هذا الاعتقاد يُفيد أن النجم النابض كان نجمًا تحوّلَ إلى مستعر أعظم، ما دفع بالنجمين إلى الطيران.

يعد زيتا أوفيوتشي نجمًا متعدد الأطوال الموجية، وهو مراقبٌ من قِبلنا، لذا نعرف الكثير عنه. مثلًا: تُظهر الصور وحود قوس تصادمي ضخم في السحابة السميكة التي يعبر من خلالها النجم. وقد تشكّل ذلك القوس نتيجة انفجار المواد من النجم، واصطدامها بالغاز.

رُصدت انبعاثات الأشعة السينية حول النجم بما حققته مراقبات تلسكوب شاندرا عام 2016. الانبعاثات الحرارية تشكّلت بواسطة الحرارة الناجمة عن الصدمة.

قاد عالم الفيزياء الفلكية الحسابية سامويل جرين من معهد دبلن للدراسات المتطورة في آيرلندا دراسةً جديدة تعمّقت في بيانات الأطوال الموجية المتعددة، لمعرفة ما إذا كانت ديناميكيات قوس الصدمة يمكنها تفسير السحابة المكتشفة، ذلك إلى جانب الانبعاثات الحرارية. يتضمن ذلك ملاحظات حول الأطوال الموجية الضوئية، والأشعة تحت الحمراء، والراديو والأشعة السينية.

لقد أجرى العلماء محاكاةً لهذه الظاهرة، ووجدوا أن نتائجهم لاتتوافق مع الملاحظات. ففي بيانات مرصد شاندرا، تنبعث الأشعة السينية الأكثر سطوعًا من فقاعة تحيط بالنجم، ولكن تُظهِر المحاكاة أنّ تلك الأشعة موجودةٌ في قوس الصدمة ذاته.

ذلك يوضّح لنا أن هنالك شيئًا مفقودًا إمّا في المحاكاة، أو في فهمنا للنجم زيتا أوفيوتشي الغامض وبيئته.

ستُضاف عمليات فيزيائية أكثر في إجراءات المحاكاة المستقبلية، أو ستُجرى بدقّة عالية من أجل الحصول على أفضل نموذج للاضطراب الحاصل.

فيما يخص النجوم فائقة السرعة بشكل ملحوظ، فإنّ أسرع نجم متسلسل رئيسي جامح تمّ اكتشافه حتى الآن هو (S5-HVS1)؛ الذي يسبح عبر الفضاء بسرعة تقدر بنحو 1700 كم/ث، بوجود تفاعل مع ساغيتاريوس أ Sagittarius A، الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا.

أسرع النجوم الميتة هما زوجٌ من الأقزام البيضاء يسيران بسرعة 2200 كم/ث، دفعهما انفجار نجمي ضخم مزدوج.

أما أسرع نجم تم التعرف عليه حتى اللحظة في مجرتنا هو (S4714)، الذي تصل سرعته لنحو 24000 كم/ث ويدور حول الثقب الأسود في مركز مجرتنا.

اقرأ أيضًا:

رصد نجم يدور حول الثقب الأسود في مركز مجرتنا بسرعة 29 مليون كيلومتر في الساعة

باحثون يرصدون نوعًا جديدًا من الانفجارات النجمية أطلقوا عليها اسم الميكرونوفا

ترجمة: محمود سامي

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر