أعبر الشارع دون النظر يمينًا ويسارًا، أنسى أن أدفع تذكرة الوقوف، أفقد أموالي وبطاقاتي الائتمانية باستمرار، عندما أصبحت أعمل لحسابي الخاص، أقنعت نفسي أنَّ كل شيءٍ سيكون على ما يرام.

طريقة التفكير «أستطيع أن أفعلها» هي أحد سمات جيل الألفية الجديدة، الجيل الأكثر تفاؤلًا حول مستقبلنا من أي جيلٍ في أي وقتٍ مضى.

من بين هؤلاء من يقولون أنهم لا يكسبون من المال ما يكفي، 89% منهم يعتقدون أنهم سيكسبون في المستقبل، ووفقًا لمركز أبحاث بيو لايزالون يجنون في المتوسط أقل من آبائهم.

إذا لم يحالفك النجاح لا تفقد الأمل؛ لأن التشاؤم يضعف أداءك الوظيفيّ، وقد يكون الوقت قد حان لإعطاء الأولوية لإحدى صفات الشخصية المستخف بها (الضمير).

فأصحاب الضمير الحي يعيشون لفتراتٍ أطول، يحصلون على درجاتٍ أفضل، ويرتكبون جرائم أقل، يجنون أموالًا أكثر جنبًا إلى جنبٍ مع أزواجهم، ولديهم تأثيرٌ أكبر.

من المحتمل أن يقودوا شركاتٍ تنجح على المدى البعيد، وأن يسعدوا في وظائفهم، وأن يحصلوا على زوجٍ أفضل.

في هذا البحث وجدنا أن الضمير الحي هو أكثر بكثيرٍ من كونه صعب؛ والتمثيل أو التعبير لديه ارتباطٌ ضعيفٌ مع صفة الضمير الحيّ.

بمعنى أوسع، الناس ذوو الضمير الحي لديهم طبيعةٌ في تجنب التصرفات التي من شأنها أن تضر سعادتهم أو نجاحهم على المدى البعيد.

إليك سبعة أشياء لا يفعلونها:

1- لا يشترون أشياء بسبب نزوة:

يتوقع الأشخاص ذوو الضمير الحي ما سيحتاجونه، والعواقب المستقبلية لما اشتروه (الميزانية).

وهم أقل عرضةً لتجاوز حدهم الائتمانيّ، التغيب عن دفع الفاتورة، أو الغش في ضرائبهم، ومن غير المرجح أنهم سيقومون بعملية شراءٍ غير مخططٍ لها تحت ضغط الوقت، أو يقتنعون بشراء شيءٍ ما بسبب الإعلانات أو التخفيضات.

في المرة القادمة التي تحس بالإغراء للقيام بشراء شيءٍ متهور، اسأل نفسك هذه الأسئلة: هل أريد ان أكسب أموالًا أكثر؟، هل أريد الحصول على علاقاتٍ أفضل؟ هل أريد العيش لمدةٍ أطول؟

وإذا كانت الإجابات نعم، خذ أسبوعًا لتفكر بعملية الشراء هذه.

2- لا يعتمدون على ذاكرتهم:

الأشخاص ذوو الضمير الحي يعلمون أنهم عرضةٌ لنسيان كل شيء، لهذا فهم يخططون، يقررون، يقومون بكتابة التواريخ المهمة، ويسجلون على الورق.

الناس الناجحون للغاية مثل ريتشارد برونسون، يحملون دفترًا للملاحظات في جيوبهم كل الوقت.

يقول أرسطو أوناسيس أحد أقطاب التجارة البحرية للمساهم في مجلة فوربس كيفن كروس:«عندما تقوم بكتابتها فإنك تتصرف على أساسها، وإذا لم تكتبها فإنك ستنساها، هذا درسٌ بمليون دولار لن تتعلمه في كلية إدارة الأعمال!».

بطريقةٍ مماثلة، تقترح كلية الطب – جامعة هارفارد وضع خططٍ يومية واستخدام أدوات التذكير أو تطبيقاتٍ معينة لتبقيك على الطريق الصحيح.

في المرة القادمة عندما تقول: »أوه، يجب علي تذكر هذا« لا تثق بنفسك، قم بكتابته في أي مكان، ففي إحدى المرات عندما نسي ريتشارد برونسون إحضار مفكرته معه، قال إنه كتب الفكرة على جواز سفره.

3- لا يحدبون:

يقف الأشخاص ذوو الضمير الحي بصورةٍ مستقيمة، فوقفتهم هي انعكاسٌ لسلوكهم، يهتمون بوجهة نظر الآخرين عنهم، ويريدون القيام بالأشياء بالطريقة الصحيحة، ولديهم ثقةٌ عاليةٌ بأنفسهم.

ولأن هؤلاء الأشخاص يقومون بعملهم بصورةٍ جيدة، فستكون لديهم كفاءةٌ ذاتيةٌ عالية، والتي بدورها ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بأداء العمل.

تُظهر الدراسات بصورةٍ مستمرة أن كيفية تصرفك تؤثر على شعورك، الوقوف بطريقةٍ خاطئةٍ على سبيل المثال، من الممكن أن يجعلك تشعر بالقلق، الحزن، والخوف.
فهل تريد أن تظهر للناس بهذه الطريقة؟

4- لا يسرفون في المرح:

الأشخاص ذوو الضمير الحي يعلمون أن الأشياء الصغيرة تتراكم، كل دقيقةٍ مهمة. ليس غريبًا أن هؤلاء الأشخاص معرضون لخطرٍ السمنة بنسبةٍ أقل، وأكثر عرضةً لفقدان الوزن من غيرهم، فهم يشاهدون التلفاز أكثر، يستغرقون كثيرًا في النوم، ومن المرجح أن يشتركوا في تصرفاتٍ مضرةٍ بالصحة كالتدخين والإفراط في الشرب، ومن ناحيةٍ أخرى فإن الضمير الحي مرتبطٌ بالصحة الجيدة لك ولشريكك.

تشرح جينفر جودي سميث (الزميلة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مركز طول العمر الحيوي): »كونك ذو ضميرٍ حي يعني أنك ذو صحةٍ جيدة؛ لأن الشخص ذي الضمير الحي سيذهب إلى الخارج ويفعل الأشياء التي أخبرها بها الطبيب لينعم بصحةٍ جيدة«.

5- لا يخلفون وعودهم:

يمكنك الاعتماد على هؤلاء الأشخاص، فمن غير المرجح أن ينسوا أو يتغيبوا عن اجتماع، ومن النادر أن يأتوا متأخرين.

ويعرف أصحاب الضمير الحي أن الاستسلام للراحة يدمر الأهداف على المدى البعيد، ويعلمون أيضًا أن الأشياء الجيدة تحتاج وقتًا وجهدًا كبيرين.

لعل هذا سبب ارتباط الضمير الحي بالصدق والنزاهة.

إن عدم إخلافك للوعود يتطلب الفهم الكامل لما تستطيع الالتزام به، في المرة القادمة التي تقدم فيها على قول نعم لشيءٍ ما، اسأل نفسك «هل أنا متأكدٌ أنني سأستطيع الحفاظ على هذا الوعد؟».

اعتبارُك الجملة البسيطة «أجل، بالتأكيد» كوعد، من الممكن أن يساعدك على استيعاب وزنها، ودعم التزاماتك، وبناء الثقة في علاقاتك.

6- لا يتوقفون:

أصحاب الضمير الحي يتمتعون بالمثابرة، وفي الغالب أنهم سيستمرون بحل مشاكلهم حتى بعد فشلهم، ويعملون بجهدٍ كبيرٍ جدًا لإتمام الأمور بصورةٍ صحيحة. من الممكن أنَّهم لا ينجزون أعمالهم بطريقةٍ أفضل من الآخرين، لكنهم ينجزون أعمالهم بطريقةٍ أكثر انتظامًا من أي شخصٍ آخر.

يقول العالم في علم النفس في جامعة الينوي برنت روبرتس: »يقوم الموظفون ذوو الضمير الحي بعددٍ من الأشياء أفضل من الآخرين«.

وقد وجدت العالمة في علم النفس في جامعة بنسلفينيا أنجيلا دكوورث أن مزيجًا من العاطفة والمثابرة هو في الواقع أكثر أهميةً في النجاح الأكاديمي لدى الأطفال من معدل الذكاء العالي.

تعتقد دكوورث أن هنالك أربعة مكونات للمثابرة نستطيع صقلها في أنفسنا: الاهتمام في الموضوع (الرغبة في الفهم)، القدرة على تقديم تدريبٍ متواصل (جعل شيءٍ ما عادةً يومية)؛ الغاية (الاقتناع أن ما تفعله كل يومٍ ذو معنى وفائدة للآخرين)؛ والأمل.

7- لا يتجاهلون مشاكلهم:

أصحاب الضمير الحي يُظهرون درجاتٍ عاليةً من الحكم الذاتي، ولديهم قدرةٌ داخليةٌ للسيطرة على أنفسهم؛ بعبارةٍ أخرى، يأخذون المسؤولية على عاتقهم في حال حدوث شيءٍ خاطئ في العمل أو الحياة ويقومون بإصلاحه.

ولا يثير الدهشة، أن هؤلاء لديهم ما يُسمى ﺑ (internal locus of control)، فهم يعزون نجاحاتهم وفشلهم لعملهم وحدهم، ويؤمنون أنهم يسيطرون على حياتهم ولديهم مستوياتٌ أعلى من الرضا الذاتي ويؤدون أفضل في أعمالهم.

أصحاب الضمير الحي حذقون بصورةٍ عامة، فغالبًا ما يتوقعون المشاكل قبل حدوثها.

كتب دريك بير في مجلة inc »كونك ذو ضمير حي يعني أنك ستتجنب الضغط الذي كنت ستخلقه لنفسك«.

المشاكل لا تحل نفسها بنفسها، الأشياء الصغيرة تصبح أكبر، فأنقذ نفسك من هذا الصداع عن طريق جدولة الوقت في تقويمك كل أسبوعٍ للتعامل مع المشاكل الصغيرة.

وخلاصة القول أنَّ أصحاب الضمير الحي، يعلمون أنهم ليسوا منيعين!

وجعل هذه الصفة جزءًا منك قد يكون المفتاح للنجاح ولبلوغ مرحلةٍ سعيدة، التحول لا يكون جذريًا، ابدأ بالأشياء الصغيرة؛ رتب سريرك، اجمع إيصالات الشراء لمكتبك الذي في المنزل لدفع ضرائبه.

لم يفت الأوان للتغيير، فقد أظهرت الدراسات أن الضمير الحي يستمر بالتطور حتى عمرٍ متأخر.


  • ترجمة: سنان حربة.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: عامر السبيعي.
  • المصدر