في تجربة سريرية غير مسبوقة، شُفي اثنا عشر مصابًا من سرطان المستقيم بعد تلقي دواء تجريبي يسمى دوستارليماب-Dostarlimab، ولم يتعرض أي منهم لآثار جانبية مؤثرة من العلاج.

«أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ السرطان، إذ أن جميع المرضى قد دخلوا مرحلة الهجوع». هذا ما قاله الدكتور لويس ألبرتو دياز جونيور، أحد قادة التجربة واختصاصي أورام في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان-MSK لصحيفة نيويورك تايمز.

من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان الورم سيبقى هاجعًا لدى المرضى أو إذا كان الدواء سيعمل مع الأنواع الأخرى من سرطان المستقيم، لكن أحد الخبراء قال إن النتائج تدعو إلى تفاؤل كبير.

جميع المشاركين في التجربة مصابون بنوع من سرطان المستقيم يميل إلى مقاومة العلاج الكيميائي والإشعاعي ويعرف باسم: سرطان المستقيم بعوز إصلاح خلل التقابل النيكليوتيدي.

يظهر هذا النوع من السرطان نتيجة خلل آليات إصلاح الأخطاء العفوية في الحمض النووي. عادةً، عندما تُضاعف الخلايا حمضها النووي، تصحّح إنزيمات معينة أي أخطاء قد تظهر في المعلومات الوراثية. ومع ذلك، عندما تكون الجينات المرمِّزة لتلك الإنزيمات معيبة، ينتهي الأمر بالخلايا إلى تراكم تلك الأخطاء ما يقود في النهاية إلى الإصابة بالسرطان، وفقًا للمعهد الوطني للسرطان.

ما يقدر بـ 5 % إلى 10 % من مرضى سرطان المستقيم يعانون من عوز إصلاح خلل التقابل النيكليوتيدي، وفقًا لتقرير مجلة نيو إنغلند الطبية-NEJM.

تستدعي مقاومة السرطانات للعلاج الكيميائي والإشعاعي غالبًا إجراء عملية استئصال المستقيم للمرضى المصابين، وهي عملية جراحية لإزالة المستقيم بالكامل أو جزء منه، ما قد يختلط بتلف دائم في الأعصاب، أو اختلال وظيفي هضمية أو بولية أو جنسية. وقد أطلق باحثو مركز ميموريال كيترنغ سلون للسرطان تجربتهم على أمل إعانة المرضى على تجنب تلك الاختلاطات الجراحية المحتمَلة.

ذكرت الصحيفة أنهم توقعوا دور دواء دوستارليماب في تقليص الورم أو القضاء عليه بناءً على تجارب سابقة على دواء من نفس الفئة يسمى بيمبروليزوماب.

يعد كل من بيمبروليزوماب ودوستارليماب من مثبطات الحواجز المناعية، وهي أدوية تعزز قدرة الخلايا المناعية على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.

ساهم بيمبروليزوماب في علاج نقائل السرطانات الناتجة عن عوز إصلاح خلل التطابق، أي الأورام التي بدأت الانتشار في جميع أنحاء الجسم.

عند هؤلاء المرضى، ساعد الدواء على استقرار أورامهم أو تقليصها أو القضاء عليها ومن ثَمَّ زيادة معدل النجاة. في التجربة الجديدة، أراد باحثو المركز تجربة دواء مشابه على سرطان المستقيم الموضعي غير المنتقل بعد.

تلقى المشاركون في التجربة 500 ملغ من دوستارليماب كل ثلاثة أسابيع لمدة ستة أشهر. كانت التوقعات أنه بعد هذا العلاج، سيظل معظم المرضى بحاجة إلى الخضوع للمشاركة العلاجية المعيارية بين العلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة المحتملة. ولكن بدل ذلك، شفي مرضى سرطان المستقيم الاثنا عشر تمامًا باستخدام الدوستارليماب وحدِه. كانت أورامهم غير قابلة للكشف بالفحص السريري والتنظير والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والرنين المغناطيسي.

بعد حوالي عام، لم يحتج أي من المرضى إلى مزيد من العلاج ولم ينكس أي ورم لديهم، حسبما كتب الفريق في تقريرهم.

وحتى الآن، بعد أكثر من عامين، لم يحتج أي مريض علاجًا إشعاعيًا أو كيميائيًا أو جراحيًا، ولم تُلاحَظ أي حالات تقدم أو نكس خلال متابعة المرضى، وفقًا لبيان من مركز كيترنغ.

علّقت الدكتورة هانا سانوف -اختصاصية الأورام في مركز لاينبرجر الشامل للسرطان في جامعة نورث كارولينا- على التجربة الجديدة المنشورة في مجلة نيو إنغلاند قائلة: «هذه النتائج تدعو لتفاؤل كبير، ولكن دون مزيد من البحث، لا يمكن أن يحل دوستارليماب محل العلاج المعياري لسرطان المستقيم الناتج عن عوز إصلاح خلل التطابق».

وقالت أيضًا إنه في بعض الحالات قد تستمر استجابات المرضى لمثبطات الحواجز المناعية لسنوات، لكن في حالات أخرى، تتلاشى التأثيرات بسرعة أكبر.

عمومًا، يحدث الانتكاس في نحو 20% إلى 30% من المرضى المعالَجين دونَ جراحة. وأضافت: «ما تزال المعلومات قليلة جدًا عن المدة الزمنية اللازمة لمعرفة ما إذا كانت الاستجابة السريرية الكاملة لدوستارليماب تعادل الشفاء التام. ورغم أن المعلومات غير مؤكدة بعد، فإن نتائج التجربة الجديدة مقنعة وتشير إلى أنه في المستقبل قد تحدث نقلة نوعية في كيفية علاج سرطان المستقيم». وكتبت: «إذا كان العلاج المناعي شافيًا لسرطان المستقيم، فقد لا يضطر المرضى المؤهلون للمعالجة للتعامل مع تدني وظائف جسمهم ثمنًا للشفاء».

قال دياز في بيان مركز كيترنغ للسرطان: «من الطبيعي أن يتطلب الأمر متابعة أطول لتقييم مدة الاستجابة، فهذا تغيير في العلاج المعتمد للمرضى الذين يعانون من سرطان المستقيم المتقدم موضعيًا والناتج عن عوز إصلاح خلل التطابق».

اقرأ أيضًا:

أول لقاح للحماية من سرطان الثدي سيدخل مرحلة التجارب في الولايات المتحدة

ما هي لقاحات السرطان؟ وما دورها في علاج الأمراض الخبيثة والوقاية منها؟

ترجمة: شهاب شاعر

تدقيق: آلاء رضا

المصدر