يشكل فهم كيفية اجتياز هذه الكثبان اختبار الزمن مفتاحًا لفهم عمليات الترسب على المريخ ، ويعطينا فكرةً عن التاريخ الجيولوجي للكوكب الأحمر كما شرح عالم الكواكب ماثيو تشوجناكي من معهد علم الكواكب: «يندر وجود هذا المستوى من الحفظ للرمال الأرضية نتيجة التآكل المستمر وتحرك الصفائح التكتونية، اعتمادًا على العلاقة الترسبية بين الكثبان والعوامل الجيولوجية الأخرى وكذلك معدلات التآكل الحديثة، نستطيع تقدير عمر تلك الكثبان بنحو مليار عام».

منزويًا في واد على سطح الكوكب الأحمر لمليار عام تقريبًا، استقر ذلك الحقل من كثبان الرمال الصلبة المتحجرة، ورغم تآكله الشديد فإن ذلك السهل المتجمد من الكثبان الحفرية صمد بروعة أمام الزمن مقارنةً بنظائره من الكثبان الرملية المتحجرة على الأرض المعرضة للرياح والتغيرات الطبيعية على مر الزمن

منزويًا في واد على سطح الكوكب الأحمر لمليار عام تقريبًا، استقر ذلك الحقل من كثبان الرمال الصلبة المتحجرة، ورغم تآكله الشديد فإن ذلك السهل المتجمد من الكثبان الحفرية صمد بروعة أمام الزمن مقارنةً بنظائره من الكثبان الرملية المتحجرة على الأرض المعرضة للرياح والتغيرات الطبيعية على مر الزمن

تُعد الكثبان الرملية التي تبددها الرياح على سطح المريخ ظاهرةً شائعة، ويشبه حجم الكثبان المكتشفة الثابتة في ميلاس تشاسما -الجزء الأوسع من وادي فاليس مارينريس- وترتيبها حجم وترتيب تلك الكثبان المتشكلة حديثًا، ويدل ذلك على أن التغير في مناخ غلاف المريخ وطبقاته عبر تلك الحقب الزمنية الطويلة طفيف للغاية، إذ يقول الفلكيون إن اتجاه الكثبان الرملية المتحجرة في ميلاس تشاسما وطولها وارتفاعها وشكلها وانحدارها تشبه موجات الرمال المتشكلة حديثًا على سطح الكوكب الأحمر.

قال تشوجناكي: «يوضح ذلك أن اتجاه الرياح الرئيسي المسؤول عن شكل الكثبان لم يتغير جوهريًا عبر الزمن، ونرى كذلك كثبانًا رملية متشابهةً جدًا في الحجم والتباعد من حقبتين زمنيتين مختلفتين، ما يدل على أن ضغط طبقات الغلاف الجوي لم يتغير كثيرًا».

باستعمال الصور وبيانات المريخ الطبوغرافية، تمكن الباحثون من توثيق خصائص طبقات ميلاس تشاسما وتأريخها، ومع أن طبوغرافية وادي ميلاس تشاسما ما تزال غير مكتملة نتيجة تآكل أو اندثار بعض الكثبان، فإن فك شفرة الكثبان المتحجرة لا ترسم صورة مختلفة جذريًا عما يمكن إيجاده في نظائرها الحديثة، إذ وجد الباحثون المشاركون في الدراسة أن الكثبان دُفنت تحت عشرات الأمتار من المواد المعدنية، ما يُظهر أنها نتيجة حدث بركاني كارثي.

بعدها بفترة تفاعل مركب متطاير مع كثبان الرمال وساعد على تجمدها فورًا وإكسابها الصلابة في أثناء مرورها عبر ميلاس تشاسما. تمكن ملاحظة نفس العملية على الأرض عندما تجتاح المياه الجوفية كثيبًا رمليًا مدفونًا، ما يشكل طبقات من الرمال المتحجرة، مثل التشكيلات المعروفة في متنزه زيون الوطني. بخلاف الأرض، لا تتعرض الكثبان الرملية على المريخ لعناصر تؤثر فيها، وفي غياب الماء والغطاء النباتي وتحرك الصفائح التكتونية يُعد التعرض للرياح التجارية السبب الرئيسي للتآكل على سطح المريخ. عبر الزمن، ساعدت تلك الرياح على كشف الغطاء البركاني الذي غطى تلك الكثبان في الماضي.

سر الكثبان الرملية المريخية المألوفة - التاريخ الجيولوجي للكوكب الأحمر - التآكل المستمر وتحرك الصفائح التكتونية - الرياح على سطح المريخ

يوضح وجود تلك الكثبان ودرجة حفظها فرقًا مهمًا بين تطور شكل سطح الأرض والمريخ، ففي حين يندر وجود الكثبان الرملية المتحجرة على الأرض ويغلب عليها التآكل، يمتلك ميلاس تشاسما حقولًا غنية بالكثبان المتحجرة المنتشرة بكثرة، التي يبدو أن شكلها لم يتغير كثيرًا.

يغير الماء وتشكل الصفائح التكتونية سطح الأرض باستمرار، لكن ليس لذلك دور على سطح المريخ، ما يمثل فرصة لنتعلم من السجل الجيولوجي للكوكب الأحمر. تخبرنا تلك النتائج أن انتقال الرمال نتيجةً للرياح والترسب والتحجر حدث بكثرة على سطح المريخ في التاريخ القريب، ويوضح كيف أن تطور السطح هناك يختلف كثيرًا مقارنةً بسطح الأرض.

اقرأ أيضًا:

هل تخيلت يومًا قدرة الرمال على التواصل فيما بينها؟

ماذا يوجد تحت الكثبان الرملية في الصحاري الحارقة؟

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: نغم رابي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر