الغالاكتوز هو سكر أحادي ألدهيدي يتألف من ست ذرات كربون (صيغته الكيميائية: C6H12O6)، وتشبه بنيته بنية الغلوكوز مع وجود تبادل في توجيه ذرة الهيدروجين (H) ومجموعة الهيدروكسيل (OH) المرتبطتين بذرة الكربون رقم 4، ويتحد الغالاكتوز مع الغلوكوز مكونًا سكر اللاكتوز.

بداية المصطلح:

تمكن العالم الفرنسي لويس باستور في عام 1856 من فصل الغالاكتوز وأطلق عليه اسم اللاكتوز، وسُمي المركب فيما بعد بالغالاكتوز أو (غلوكوز لاكتيك). وذكر الكيميائي الفرنسي مارسيلان بيرتيلو تلك التجربة في كتابه عن الكيمياء العضوية وتخليق مركباتها.

من الناحية اللغوية يعود أصل المصطلح إلى كلمة يونانية قديمة، فكلمة (غالاكتوز) تعني حليب وتشير اللاحقة (وز) إلى السكر.

نظرة عامة:

يُعد الغالاكتوز واحدًا من السكريات الأحادية الثلاثة الأشيع وهي الغالاكتوز والغلوكوز والفركتوز. إذ إن السكريات الأحادية هي النوع الرئيسي من الكربوهيدرات التي تسمى بالسكريات البسيطة على عكس السكريات الأكثر تعقيدًا مثل السكريات قليلة التعدد ومتعددة السكاريد. وتتحد السكريات الأحادية بتشكيل روابط غليكوسيدية فيما بينها لتعطي كربوهيدرات أكثر تعقيدًا.

خصائص الغالاكتوز:

هو سكر أحادي مؤلف من ست ذرات كربون، وهو مركب عضوي صيغته العامة C6H12O6، وكتلته المولية 180.156 g/mol، ودرجة ذوبانه 168–170 درجة مئوية، وبنيته بلورية، وينحل بالماء، ومذاقه حلو.

الغالاكتوز مقابل الغلوكوز والفركتوز:

الغالاكتوز والغلوكوز والفركتوز هي السكريات الثلاثة الأشيع من بين السكريات الأحادية الطبيعية، ولهم الصيغة الكيميائية العامة ذاتها C6H12O6، وجميعها تمتلك ست ذرات كربون (سكريات هكسوزية).

يُعد الغلوكوز والغالاكتوز سكريات ألدهيدية، في حين يُعد الفركتوز سكر كيتوزي، لذلك تكون بنيتا الغلوكوز والغالاكتوز متشابهتين جدًا، ويمكن تمييزهما عن بعضهما بحسب توجيه مجموعة الهيدروكسيل (OH) المرتبطة بذرة الكربون رقم 4.

إن درجة ذوبان الغالاكتوز أعلى؛ إذ يذوب عند 168–170 درجة مئوية، في حين يذوب الغلوكوز عند 146 درجة مئوية. أما الفركتوز فهو صاحب أقل درجة ذوبان؛ إذ تبلغ درجة ذوبانه 103 درجة مئوية.

بعكس الغلوكوز، لا يوجد الغالاكتوز عادةً بشكله الحر، ويكون مكونًا من عدة جزيئات حيوية مجتمعة مع بعضها. فمثلًا، يشكل الغالاكتوز باتحاده مع الغلوكوز سكرًا يُعرف باللاكتوز (سكر الحليب) وهو من السكريات الثنائية.

غالبًا ما يدخل الغلوكوز في عمليات استقلاب الطاقة أكثر من الغالاكتوز أو الفركتوز؛ لأنه متاح بسهولة أكثر. وعند عدم وجود كميات كافية من الغلوكوز في الجسم، يدخل الغالاكتوز في عملية تحلل سكر الغلوكوز، ولكنه يمر قبلها بخطوات أولية لكي يتحول إلى غلوكوز سداسي الفوسفات، وعندها تبدأ عملية تحلله.

ينطبق المبدأ نفسه على عملية تحلل الفركتوز التي تعتمد على فسفرة الفركتوز بإنزيم فركتوكينيز إلى فركتوز أحادي الفوسفات، الذي ينقسم بعد ذلك بواسطة إنزيم ألدولاز بيسفوسفات إلى مجموعتين هما داي هيدروكسي أسيتون فوسفات وغليسرألديهيد.

أنواع الغالاكتوز:

يوجد اثنان من مضادات الجالاكتوز هما:

  •  ديكسترو غالاكتوز (Dextro galactose) أو (D-galactose).
  •  ليفو غالاكتوز (Levo Galactose) أو (L-galactose).

تُحدد هذه التسميات استنادًا إلى قواعد فيشر لإسقاط الضوء:

  •  D عندما يقوم الأيزومر الفراغي للجلوكوز بتدوير الضوء المستقطب في اتجاه عقارب الساعة.
  •  L عندما يقوم الأيزومر الفراغي للجلوكوز بتدوير الضوء المستقطب عكس اتجاه عقارب الساعة.

نحصل على الشكل (D-galactose) للجالاكتوز من التحلل المائي للاكتوز أو حلمهة اللاكتوز، ويوجد D-galactose أيضًا في الشمندر السكري والأعشاب البحرية وأغشية الخلايا العصبية، في حين نحصل على الشكل (L-galactose) من الهلام النباتي.

تفاعلات كيميائية بيولوجية شائعة تتضمن الغالاكتوز:

 تفاعلات تخليق المركبات:

يرتبط سكر أحادي بسكر أحادي آخر في عمليات البلمهة أو نزع الماء، ويصاحب ذلك تحرير جزيء ماء وتتشكل لاحقًا رابطة غليكوسيدية.

يتشكل سكر ثنائي من ارتباط جزيئي سكر أحادي، في حين يشكل ارتباط ثلاثة إلى عشرة سكريات أحادية ما يُعرف بالسكريات قليلة التعدد، أما متعددة السكاريد فتتشكل من ارتباط أعداد كبيرة من السكريات الأحادية.

في هذا الصدد، يرتبط الغالاكتوز مع سكريات أحادية أخرى ليشكل سكريات ثنائية. فمثلًا، يتشكل اللاكتوز من ارتباط الغالاكتوز بالغلوكوز، وأيضًا اللاكتولوز وهو سكر صناعي يتشكل من ارتباط الغالاكتوز بالفركتوز.

أما في البوليميرات، فإن الجالاكتان مثلًا هو سكر متعدد السكاريد يتشكل من عدة وحدات متكررة لسكر الغالاكتوز.

 تفاعلات التكسير:

تسمى العملية التي تُختزل فيها الكربوهيدرات إلى أشكال أبسط مثل الغلوكوز والغالاكتوز بالتكسير، وتتضمن هذه العملية الحلمهة، وتتطلب فعالية إنزيمية عند البشر والحيوانات الراقية الأخرى.

في الأنظمة الغذائية التي تحتوي على الغالاكتوز، يساعد إنزيم بيتا غالاكتوزيداز على عملية الهضم؛ إذ يحفز اللاكتاز حلمهة اللاكتوز ويكسر الرابطة الغليكوسيدية بيتا، ما يؤدي إلى تحرر الغلوكوز والغالاكتوز في الأمعاء الدقيقة.

أما في الأنظمة الغذائية التي تحتوي على السيراميد (نوع من الدهون الموجودة في أغشية الخلايا وأغلفة الأعصاب)، فيكسر الإنزيم لاكتوز-غليكوسيليراميداز الرابطة الغليكوسيدية بيتا الموجودة في الغليكوليبيدات ليحرر الغالاكتوز 3، وذلك في حالة غياب أو عدم كفاية اللاكتاز. إذ لا يتحلل اللاكتوز إلى سكريات أحادية أبسط، ما يؤدي إلى إصابة الجسم بعدم تحمل اللاكتوز؛ إذ ينتقل اللاكتوز غير المهضوم من الأمعاء الدقيقة إلى القولون، ثم تخمره بكتيريا الأمعاء إلى حمض اللاكتيك، ونتيجة لذلك يتشكل غاز الميثان والهيدروجين ويسببان عدم الارتياح وانتفاخًا في البطن والأمعاء، ويلي ذلك حدوث إسهال بسبب سحب الماء إلى الأمعاء بمساعدة حمض اللاكتيك النشط تناضحيًا.

بإمكان الكائنات الحية الدقيقة مثل الإشريكية القولونية أن تستقلب اللاكتوز بإنتاج إنزيم بيتا غالاكتوزيداز، وذلك بمساعدة معامل اللاكتوز الخاص بها.

 امتصاص الغالاكتوز:

يُمتص الغالاكتوز القادم من المصادر الغذائية عبر الخلايا المعوية عن طريق نواقل الغلوكوز المعتمدة على الصوديوم، وهي آلية النقل نفسها المعتمدة على الأدينوزين ثلاثي الفوسفات الحلقي (ATP) التي تمتص الغلوكوز، وهكذا يتنافس الغلوكوز مع الغالاكتوز في أثناء الامتصاص المعوي.

يخرج الغالاكتوز من الخلايا المعوية، ويدخل إلى مجرى الدم عن طريق ناقلات الغلوكوز.

 استقلاب الغالاكتوز:

يتحول الغالاكتوز إلى غلوكوز عامةً في عملية مؤلفة من مرحلتين.

يتحول في المرحلة الأولى بيتا ديكستروغالاكتوز إلى ألفا ديكستروغالاكتوز، وذلك بتدخل إنزيم غالاكتوز ميوتاروتاز، ثم يتحول ألفا ديكستروغالاكتوز في المرحلة الثانية إلى مركب غلوكوز ثنائي فوسفات اليوريدين (UDP).

تحدث هذه العملية في مسار ليلوار (هو مسار استقلابي لهضم الغلوكوز)؛ إذ يتم فسفرة ألفا ديكستروغالاكتوز بمساعدة إنزيم الغالاكتوكيناز إلى غالاكتوز أحادي الفوسفات، ثم يكتسب الغالاكتوز أحادي الفوسفات مجموعة يوريدين أحادي الفوسفات (UMP) من مركب غلوكوز ثنائي فوسفات اليوريدين (UDP)، وذلك بمساعدة إنزيم ناقل لغالاكتوز أحادي فوسفات اليوريدين بهدف إنتاج غالاكتوز ثنائي فوسفات اليوريدين.

بعد ذلك، يتحول غالاكتوز ثنائي فوسفات اليوريدين إلى غلوكوز ثنائي فوسفات اليوريدين بإنزيم إيبيميراز-4- غالاكتوز ثنائي فوسفات اليوريدين.

هناك أيضًا مسار عند البشر والكائنات الحية الأخرى يقابل مسار ليلوار يسمى مسار دودوروف؛ إذ إن الغالاكتوز الذي يتحول إلى غلوكوز في هذا المسار هو الذي يدخل في مسار تحلل الغالاكتوز، وعندها يصبح الشكل العام لسير التفاعل كما يلي:
غالاكتوز + أدينوزين ثلاثي الفوسفات الحلقي (ATP) = غالاكتوز أحادي الفوسفات + أدينوزين ثنائي الفوسفات (ADP) + شاردة هيدروجين

يحفز إنزيم الفوسفوغلوكوميوتاز أزمرة الغلوكوز أحادي الفوسفات إلى غلوكوز سداسي الفوسفات. ويحدث هذا النوع من استقلاب الغالاكتوز لدى البشر في الكبد.

 الغالاكتوز وحليب الرضاعة:

تتحول بعض جزيئات الغلوكوز لدى البشر وبعض الثدييات إلى غالاكتوز؛ ليصبح هناك المزيد من جزيئات الغالاكتوز التي سترتبط مع الغلوكوز وتشكل اللاكتوز. ويكون ذلك مهمًا في مرحلة إنتاج الحليب عند الأم المرضع على وجه الخصوص. إذ تفرز الغدد الثديية اللاكتوز -أي الحليب- وخاصةً في أثناء الرضاعة الطبيعية.

يسمى تخليق دي نوفو (هو عملية تخليق جزيئات معقدة من جزيئات أبسط) للغلوكوز والغالاكتوز في الغدد الثديية بالتكوين السداسي.

 الغالاكتان:

الغالاكتان هو بوليمر مكون من الغالاكتوز، ويكون موجودًا في الهيميسليلوز. إذ ترتبط وحيدات الغالاكتوز في النباتات مثل أشجار الأكاسيا والميشطة عريضة الأوراق مع بعضها لتشكل الغالاكتان.

 الارتباط بالغليكوزيل:

الارتباط بالغليكوزيل هو العملية التي يُضاف فيها مكون من الكربوهيدرات مثل الغالاكتوز إلى بروتين أو دهن معين. إذ يشكل الغالاكتوز أجزاء من بعض الغليكوليبيدات والغليكوبروتينات. فمثلًا، قد يكون جزءًا من السيريبروزيد (وهو غليكوليبيد يتكون من الكربوهيدرات مع شحميات سفينغولية).

هناك نوعان من السيريبروزيد هما:

الغلوكوسيريبروزيد والغالاكتوسيريبروزيد، يحويان الغلوكوز والغالاكتوز على الترتيب.

الاستقلاب غير السليم:

ينتج الاستقلاب غير السليم للغالاكتوز عن حالة صحية تسمى الغالاكتوسيميا؛ وهي اضطراب استقلابي نادر، ويُعد أحد أسبابها النموذجية طفرة جينية في تخليق إنزيم غالاكتوز أحادي الفوسفات في مسار ليلوار.

لا ينبغي للمصابين بالغالاكتوسيميا تناول أغذية تحتوي على الغالاكتوز (أو اللاكتوز)؛ لأنهم سوف يصابون بالإسهال، والقيء، ومن ثمّ الإصابة بالتليف الكبدي.

الأهمية والوظائف البيولوجية:

الغالاكتوز هو أحد أكثر السكريات الأحادية شيوعًا، ويؤدي أدوارًا بيولوجية؛ إذ يأخذ دور الغلوكوز عندما يكون غير مستوفٍ لمتطلبات الاستقلاب عند الكائن الحي، وقد يدخل مسار تحلل السكر بهدف توليد الطاقة، ولكن عليه المرور أولًا بعدة خطوات مبدئية قبل ذلك.

يتكون اللاكتوز من الغالاكتوز، ويكون البشر والثدييات الأخرى اللاكتوز من الغلوكوز والغالاكتوز، فالحليب مصدر أساسي للمغذيات خاصةً لحديثي الولادة.

يكوّن الغالاكتوز أيضًا السيريبروزيدات مثل الغالاكتوسيريبروزيدات التي توجد عادةً في الأنسجة العصبية، وهي من الشحميات السفنغولية السكرية الرئيسية في الدماغ، ومن المحتمل أن يكون ذلك سبب تسمية الغالاكتوز بسكر الدماغ.

الغالاكتوز الذي يُضاف إليه الكبريت يُسمى بالسلفاتيد الذي يؤدي دورًا في الاستجابة المناعية والتنبيه العصبي.

يوجد الغالاكتوز في النباتات مثل صبغ بذور الكتان والشمندر السكري، أما بوليمر الغالاكتان فيوجد في الهيميسليلوز في النباتات مثل أشجار الأكاسيا والميشطة عريضة الأوراق.

اقرأ أيضًا:

السكريات الأحادية: ما هي وما وظيفتها وفوائدها

ما هي السكريات الثنائية disaccharide ؟

ترجمة: ميس مرقبي

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر