ما الذي كشفه العلماء حول تحلل الجسيمات. كان الفيزيائيون في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن CERN) يجرون تجربةً بارزةً للغاية منذ عدة سنوات، مسجلين تفكك عشرات المليارات من الجسيمات على أمل التوصل لبعض الجسيمات الغريبة، وأخيرًا لديهم بعض النتائج المثيرة للاهتمام للمشاركة.

تضم هذه التجربة التي تسمى NA62، فريقًا من الباحثين يقومون ببناء وتدمير أزواج من الكواركات تدعى كاونات* (kaons)، باحثين عن أمثلة لحدث واحد لكل 10 مليار تحلل يمكن أن يثبت صحة بعض تنبؤات النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. وجد الباحثون في العام الماضي حدثًا واحدًا والآن أضافوا اثنين محتملين آخرين.

النتائج التي قُدمت في ندوة سيرن الأخيرة التي استندت إلى البيانات المجموعة عام 2017 هي عشرة أضعاف كمية البيانات المحصودة في العام السابق.

إنها بداية قوية لـ NA62. لكن لكي يكونوا واثقين من نتائجهم سيحتاج الفريق على الأقل إلى بعض الأمثلة لتحلل كاون (K +) موجب الشحنة إلى بيون* (pion) موجب الشحنة وزوج من النيوترينوات والنيوترينوات المضادة.

الهدف من يانصيب الجسيمات هذا يمكن أن يجعل كل شيء يستحق العناء، لذلك دعونا نمضي قدمًا إلى المستقبل، للنتيجة المنتظرة لهذه التجربة الضخمة القائمة على المعجلات.

سيرن تكتشف حدثين نادرين للغاية في تحلل الجسيمات المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية تفكك عشرات المليارات من الجسيمات تدمير أزواج من الكواركات تدعى كاونات

هناك نوعان من النتائج المحتملة: الأول هو أن تحلل كاون (K +) نادر الحدوث يحدث بنفس القدر الذي تنبأ به النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. الاحتمال الثاني يُحتمل أن يكون أكثر إثارةً، بعد تناول الإحصائيات الخاصة بأزواج الكواركات المشحونة بشحنة موجبة والتي تتجمع مرةً أخرى في جزيئات أخرى، قد يجد الباحثون أن شيئًا ما مفقودًا.

النموذج القياسي حاليًا لا يفسر أشياء مثل المادة المظلمة، أو لماذا فشلت المادة والمادة المضادة في إبادة بعضها البعض في بداية الكون، أو لماذا توجد اختلافات في كتل جسيمات أساسية معينة. لذلك فإن اكتشاف وجود شيء لا يمكن التنبؤ به جيدًا -وهو شيء يمكننا اختباره بدقة عالية- يمكن أن يمهد الطريق نحو الإصدار الجديد للنموذج القياسي V2.0.

إن استخدام اقتران الكوارك الغريب هذا ليس قرارًا اعتباطيًا؛ إذ لعبت الكاونات دورًا رئيسيًا في تأسيس فيزياء النموذج القياسي في المقام الأول. لذا إذا حدث خطأ ما في الطريقة التي تتصرف بها هذه الشراكات الجسيمية، فستكون هناك بعض العواقب الوخيمة.

تقول الفيزيائية في جامعة برمنغهام والمتحدثة باسم NA62 كريستينا لازيروني (Cristina Lazzeroni): «تسمى عملية تحلل الكاون هذه “القناة الذهبية” بسبب الجمع بين كونها نادرةً للغاية ومتوقعةً بشدة في النموذج القياسي. من الصعب للغاية التقاط تحلل الكاون، وهو يحمل وعدًا حقيقيًا للعلماء الذين يبحثون عن فيزياء جديدة».

لإعطائك فكرةً صغيرة عن مقدار الجهد الذي تتطلبه التجربة، إليك عمليتهم: يُستخدم المسرع الدوراني التزامني (السنكروترون synchrotron) القوي لإطلاق البروتونات بسرعة فائقة على هدف مصنوع من معدن البريليوم.

وسط الأشلاء الناتجة -حوالي مليار جسيم- تتحول حفنة صغيرة منها إلى الكاونات – حوالي 60،000،000 منهم في الواقع. تُوجه هذه الحفنة لكي تُحلل وتُدرس عملية تحللها والتقاط الإشارات النادرة لكاون واحد أو اثنين، التي تتحول إلى شيء مختلف بعض الشيء.

بفضل ارتفاع مخاطر الانحيازات التي تؤثر على مثل هذه الطريقة عالية الدقة، فإن للتجربة طورًا أعمى إذ يحلل الباحثون مجال تحلل الجسيمات بأكمله قبل العودة للمناطق التي يتوقعون العثور على إشارة مهمة للغاية.

من خلال وضع حدود لعدد مرات حدوث هذه العملية النادرة، ومقارنتها مع عدد المرات التي يجب أن تحدث فيها، يحصل الفيزيائيون على اختبار رياضياتهم بدرجة عالية من الدقة.

تشير الدلائل حتى الآن إلى أن الكاون (K +) سيصبح بيون ونيوترينو ونيوترينو مضاد، على الأكثر 24.4 من كل 100 مليار انحلال، وهو ما يزال متوافقًا مع تنبؤ النموذج القياسي حوالي 8.4 مرة لكل 100 مليار.

لكن البحث لم ينته بعد. مع وجود ثلاثة أحداث غير عادية من تحلل كاون (K +) حتى الآن، سنحتاج إلى تحليل العديد من تصادمات الجسيمات قبل إصدار الحكم. هناك بيانات متبقية من العام الماضي لتُحلل، لكننا سنحتاج إلى الانتظار حتى عام 2021 قبل أن تعيد سيرن مصادم البروتون الفائق إلى العمل مرةً أخرى.
حتى إذا رفض النموذج القياسي التزحزح، فلا يضيع الكثير في تجارب مثل هذه. تقول لازيروني: «ما تزال النتيجة الجديدة محدودة الإحصائيات لكنها مكنتنا بالفعل من وضع قيود على بعض نماذج الفيزياء الجديدة».

الهوامش:

* الكاون في فيزياء الجسيمات هو جسيم أولي من عائلة البوزونات، وينتسب إلى مجموعة الميزونات، وتحتوي كل الكاونات أيضاً على الكوارك المسمى الغريب أو الكوارك المضاد له، وهي مثلها مثل الميزونات يمكن أن تأخذ الشحنة الموجبة أو السالبة أو أن تكون متعادلة.

* البيون في فيزياء الجسيمات، هو (اختصار باي ميزون pi meson ويعطي الرمز π، عن اللغة اليونانية) هو أي من ثلاثة جسيمات دون ذرية هي π+ ،π- ،π0. الجسيمات الثلاثة من البيون يحمل أحدها شحنة أولية موجبة والثاني يحمل شحنة أولية سالبة وأما الثالث فهو متعادل كهربائيًا ويرمز له بالرمز π0.

اقرأ أيضًا:

سيرن كشفت للتو عن خطط لمسرع جسيمات جديد ضخم جدا

تجربة « NA64 » في سيرن ترصد شيئا غامضا ! فما هو ؟

ترجمة: سرمد يحيى

تدقيق: محمد قباني

المصدر