كان الحدث الأكبر في هذا الهالوين عبارة عن تجربةٍ اجتماعيّةٍ شاملة عبر الإنترنت استضافها باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).

يشتهر معهد ماساتشوستس بضمّ كبار المهندسين والمبرمجين والعلماء في العالم.

وأصبح مخبر الإعلام فيه معروفًا بشكلٍ متزايدٍ بسبب إطلاقه مشاريع تجريبيّة في شهر تشرين الأول، والتي صُمّمَت خصيصًا لإذهال الناس.

أنشأ الباحثون عام 2016 في مختبر الإعلام في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا برنامج الذكاء الاصطناعيّ، (آلة الكوابيس – (Nightmare Machine، وكانت النتائج مخيفةً جدًا.

ثمّ عام 2017، قام باحث بتطوير برنامج ذكاء اصطناعيّ يسمى (شيلي – (Shelley والذي تعلّم كيفيّة كتابة قِصص الرعب بنفسه -كان هذا مرعبًا أيضًا-.

هذا العام يحقق أعضاء مختبر الإعلام في المعهد رغبتهم في إخافتنا بمستوى أعلى، من خلال مشروعٍ يُسمى (بيمي – BeeMe).

وُصِفَ مشروع بيمي في بيان صحفي بأنّه: «لعبةٌ اجتماعيّةٌ ضخمة ضمن الواقع الافتراضيّ»، وهي تهدف إلى «إلقاء الضوء من جديد على الإمكانات البشريّة في العصر الرقميّ الحديث».

قال (نيكولا بيستشيلي – Niccolò Pescetelli) -الذي يدرّس الذكاء الجماعيّ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- : «سيقوم شخصٌ في ليلة الهالوين الساعة الثالثة صباحًا بتوقيت جرينتش بالتخلي عن إرادته الحرّة والسماح لمستخدمي الإنترنت بالسيطرة على جميع أفعاله ».

كيف سيسمح لك معهد ماساتشوستس بالتحكم في شخصٍ ما؟

شعار المشروع هو: “انظر لما أراه. اسمع ما أسمعه. سَيطِر على أفعالي. امتلك إرادتي. كُن أنا”.

إنّ النطاق الكامل للعبة ليس متوفرًا للعامّة حتّى الآن.

مع ذلك تكشف المواد الإعلانيّة، وصفحات (بيستشيلي – Pescetelli) وصفحات مشروع بيمي على وسائل التواصل الاجتماعيّ عن بعض التفاصيل الرئيسيّة.

سيكون الشخص الذي يتمّ التحكّم به مُمثلًا متدربًا، وليس شخصًا اُختيرَ عشوائيًا.

وصرّح بيستشيلي أنّ هويّة الممثل ومكان وجوده لم يُكشَفا.

كما قال إنّه يتوقّع أن تستمر اللعبة حوالي ساعتين، لكنّه أضاف: «سيقرر الجمهور المدّة التي ستستغرقها اللعبة».

وسيكون هناك حدود للأوامر الصادرة عن الناس والتي سينفّذها الممثل.

وقال بيستشيلي: «كلّ أمرٍ يُخالف القانون أو يضع الفاعل أو خصوصيّاته أو صورته في خطر، محظورٌ تمامًا، أيّ أمرٍ آخر مسموح. نحن نشعر بالفضول حول ما سيحدث».

سيُسيطِر المشاركون على الممثل من خلال متصفّح الويب بطريقتين.

الأولى من خلال كتابة وإرسال أوامر مخصّصة، مثل صُنع القهوة أو فَتح الباب أو الهرب.

والطريقة الثانية عن طريق التصويت مع أو ضدّ تلك الأوامر مثل النظام المُستخدم من قِبَل موقع “Reddit”.

حيث أنّه بمجرّد التصويت بالموافقة على الأمر سيُنفذه المُمثل.

هذا هو أصل كلمة (النحل – bee) في اسم المشروع، حيث سيتعيّن على مُستخدمي الإنترنت أن يتصرفوا بشكلٍ جماعيّ كخليّة نحلٍ للتقدّم خلال اللعبة.

شارك حساب تويتر لمشروع “BeeMe” مقطعًا تشويقيًا غريبًا للعبة في 15 تشرين الأول يصرّح: «في مشروع “BeeMe” يتخلّى عميلٌ عن إرادته الحرّة لإنقاذ البشريّة، أو ربّما لمعرفة ما إذا كان من الممكن إنقاذ البشريّة أساسًا.

سيوافق هذا الشخص الشجاع على السماح لشبكة الإنترنت بتوجيه كلّ عملٍ يقوم به».

سيُبثّ الحدث بأكمله مباشرةً على موقع “Beeme.online”.

وقال بيستشيلي: «من الناحية النظريّة ليس هناك حدّ لعدد المُستخدمين الذين يمكن للمنصة استضافتهم، لكنّنا سنكتشف العدد بدقّة في عيد الهالوين».

لماذا أنشأ الباحثون مشروع “BeeMe”

تمّ إنشاء مشروع “BeeMe” بواسطة ثمانية أشخاص، وسيكلّف أقلّ من 10,000 دولار أمريكيّ، وأُعلِنَ عنه في أيّار 2018 عندما انضم إلى تويتر باسم “beeme_mit”.

تخبرنا التغريدات التي نشرها الحساب بعضًا من أفكار المشروع وتطوّره.

تقتبس أحد التغريدات من الفيلسوف (مارشال مكلوهان – Marshall McLuhan) الذي كتب في عام 1964 أنّ: «البيئة هي الرسالة»، بمعنى أنّ أيّ طريقةٍ جديدةٍ للتواصل تؤثّر على ما نقوله وكيفيّة قوله، وفي النهاية على ما نفكّر به.

وُصف ماكلوهان الذي عاش حتّى عام 1980 بأنّه: «والد الاتصالات والدراسات الإعلاميّة ورسول عصر المعلومات».

غرّد حساب “BeeMe” في شهر آب باقتباسٍ مشهور لداروين -ومن المُحتمل أن يكون ذلك تلميحًا لكيفيّة الفوز في اللعبة-: «خلال التاريخ الطويل للبشريّة (وتاريخ الحيوان أيضًا) سادَ الذين تعلّموا التعاون وحسن التصرف بشكلٍ أكثر فاعليّة».

سلّطت تغريدة أخرى الضوء على عملٍ فنيّ مروّع بعنوان “تعال وعانقني”، والذي أُنشِئ عام 2010 على يدي (أمير موبيد – Amir Mobed).

يقف موبيد خلاله في مكانٍ ضخمٍ واضعًا دلوًا معدنيًا على رأسه، ويذهب المتطوّعون إلى الغرفة لإطلاق النار عليه بواسطة (مسدسٍ من نوع بيليت – pellet gun) (كثير منهم لا يدركون أنّ الذخيرة حقيقيّة).

يبدو أنّ هذه المنشورات من صفحات “BeeMe” تعكس ما تسعى إليه التجربة في عيد الهالوين: شيء ما يبدو مُمتعًا بشكلٍ عام لكنّه يكشف بعض الحقائق المخفيّة عن أنفسنا وعن مجتمعنا الرقميّ.

وصف المشروع نفسه بهذه الطريقة: «إنّ “BeeMe” هي لعبة بائسة تَعِدُ بتغيير شكلِ التفاعلات الرقميّة عن طريق كسر الجدار الرابع للإنترنت وإعادته إلى الواقع.

يريد “BeeMe” إعادة فتح نقاشٍ خطيرٍ ومرح حول الخصوصيّة والأخلاق والترفيه والتفاعلات الاجتماعيّة».

أيًا كانت نتائج اللعبة في تعليم الأشخاص الذين يلعبونها أو يشاهدونها، سنكتشف في عيد الهالوين إذا ما تمكّنت البشريّة من التعاون لإنقاذ نفسها أو وقعت في حالةٍ من الفوضى الدراميّة.


  • ترجمة: حبيب بدران
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر