في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، قام أستاذ من جامعة (University of Colorado Boulder) يُدعى البروفسور روجر بيلهام (Roger Bilham)، وبمشاركةٍ من زميلة له في جامعة (University of Montana) تُدعى ريبيكا بيندك (Rebecca Bendick) بتقديم نتائج دراستهم والتي تُشير إلى إمكانيّة حدوث زلازل مضاعفة بقوّة (7.0) درجات على مقياس ريختر وأعلى من ذلك بين عاميّ 2017-2018، ولكن هل علينا القلق؟

بدايةً لنتعرّف على النشاط الزلزاليّ:

كان قد توصّل كلٌ من بيلهام وبيندك إلى هذا الاستنتاج بالنظر إلى سجلّات الهزّات الأرضيّة العالمية التي حدثت في القرن الماضي، إذ لاحظوا بأن هناك دورة مُتعلّقة بالزلازل ذات قوّة (7.0) درجات وما فوق، والتي قد امتدّت إلى نحو ثلاثين سنة، ناهيكَ عن البراهين التي تدلّ على وجود صِلة بمعدل دوران الأرض.

واستنادًا إلى هذه المعلومات، خلُصا بأنه عند دوران الأرض ببطء أكثر، فهذا يُؤدي إلى حدوثِ تقلصٍ من شأنه أن يجعل خط الاستواء ينكمش، والذي بدوره يُجبر الألواح التكتونيّة (Tectonic Plates) على ضغط بعضها بعضًا، وقد افترضوا بأن هذا بإمكانه أن يُفسر زيادة عدد الزلازل الكبيرة.

ولكن بالرغم من ذلك فإن هذا لا يعني بأننا في خِضَم هجمة زلزاليّة مدمّرة في هذا العام أو الذي يليه، لأن هذه الدراسة تتعلّق بتقييم الاحتمالات، لا على التنبّؤات العبثيّة.

يقول كينث هودنت (Kenneth Hudnut) المستشار العلميّ للحدّ من المخاطر لدى وكالة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS): «إن وجود علاقة ترابطيّة لا يعني السببيّة بالضرورة، فليس من الضروري أن يكون هنالك سبب ونتيجة في هذا الأمر فقط من مُنطلقِ أن هنالك صِلة ما، وقد تجاوزت بعض عناوين وسائل الإعلام».

من الممكن أن نشهدَ زيادة في عدد الزلازل بقوة (7.0) درجات على مقياس ريختر في عام 2018 أكثر من العام الفائت، ولكن حتّى لو أن حدثَ هذا السيناريو وتم قبوله، فلا يمكننا أن نعتبره دليلًا قويّا على أن هذه النظرية صحيحة، وبالإضافة إلى ذلك، فبالرغم من قيام بيلهام وبيندك بنشر هذا الموضوع في أغسطس 2017، إلا أن الورقة لم تُنشر بعد ولم يستعرضها الأقران.

ويُضيف هودنت: «قامت عناوين وسائل الإعلام وتغطيتها بتجاوز ما كانا يقولانه فعلًا، ففي بعض المقالات التي قرأتها لهم -بيندك وبيلهام-، توجّب عليهما أن يوضحا الأمر، وهو أمر في غاية الصعوبة، فعندما تنتشر العناوين الرنانة بهذا الشكل يكون من الصعب أن تقنع الجماهير بخطئها».

وقد وصف هودنت كلًا من بيندك وبيلهام، “بالعُلماء المسؤولين” الذين بذلوا كل ما بوسعِهم حتّى يضمنوا وصول نتائجهم للعامّة بصورة صحيحة، ولكن للأسف تم المبالغة في رسالتهم على طول طريقها.

الإنذار المُبكر:

في الحقيقة إن عمل بيندك وبيلهام هو عبارة عن التعرّف على الأنماط في سجلّات الهزّات الأرضيّة التي حصلت على مدى التاريخ، وإظهار كيف من الممكن تكرار حدوثها في المستقبل، بالرغم من أن التنبّؤ بالأحداث الزلزاليّة هو أمر غاية في الصعوبة، وقد يكون مستحيلًا.

ولكن هنالك مستوىً طبيعي لتباين عدد الزلازل التي نشهدها في أي سنة محددة، حيث يذكر هودنت بأنه خلال الزيادة الواضحة للنشاط الزلزالي بين عامَي 2010 و 2011، توصّل زملاؤه في الإحصاء الزلزالي إلى استنتاجٍ يفيد بعدم وجود أي تغييرات ذات دلالة إحصائيّة، وهذا يدلّ على أن المُعدّل يتقلّب عادة من سنة إلى أخرى.

تشير الصورة إلى تمثال “Louis Agassiz” المقلوب في حرم جامعة ستانفورد أثناء زلزال عام 1906.

عالمٌ مثل “Louis Agassiz” سيكره أن نفقِد رؤوسنا نتيجةً لسوء فهمنا للاحتمالات.

يقول مايكل بلانبيد (Michael Blanpied)، المُنسق المساعد لبرنامج المخاطر الزلزالية لدى (USGS): «نحن على يقينٍ بأن الزلازل قد تضرب في أي وقت، ولكن إذا ما اتضحَ أرجحيّة تغيّر حدوث الزلازل مع الزمن بطريقة يُمكن التنبؤ بها، فهذا بالتأكيد لن يُلغي احتمالية حدوث زلازل في أي عام، وبعبارة أخرى، فإن الخطر حتّى لو كانَ مُتغيّرًا فلن يكون معدومًا أبدًا، وأعتقد بأنه من الصعب الحصول على تكهّنات بفعالية الزلازل، أو أي تنبؤات من شأنها أن تُساعد مديري الطوارئ للتعامل مع هكذا زلازل».

ويضيف هودنت: «إن التنبؤ بالزلازل يختلف تمامًا عن التنبؤات الجوّية والتي يمكن النظر إليها بواسطة الأقمار الصناعية، إذ أن تكنولوجيا الأقمار الصناعية الجديدة تلعبُ دورًا هامًا في مقدرتنا على التنبؤ بالأعاصير، والزوابع المدارية، ولكنه يحصل فوق سطح الأرض، لذا فمن السهل مراقبته ليس كما هو الحال مع الزلازل، ولذلك أعتقد إن الحصول على تنبؤات دقيقة وفعالة للزلازل هو أمر صعب جدًا».

ومع ذلك، فإن الأبحاث في تقدّم مستمر بشأن التنبؤ بالزلازل، فضلًا عن الهزات الارتداديّة، وعلى الرغم من أن هناك طريق طويل لقطعه، فإن هذا النوع من الممارسات من شأنه أن يُساعد السلطات على إدارة الموارد الضرورية لمواجهه هذا الحدث.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر