تربطنا أجسادنا بالعالم، وعندما يفقد الناس أجزاء من أجسادهم بسبب المرض أو الإصابة الرضحية، فهم يشعرون غالبًا بأنهم فقدوا جزءًا من هويتهم، حتى أنهم يعانون حزنًا يشابه فقدان أحد أحبائهم.

إن إحساسهم بالخسارة الشخصية يُبرر بأنهم على عكس السمندل أو شخصيات الكتب الهزلية الساخرة، فإنه لا يمكن تجديد أنسجتهم البشرية البالغة عمومًا، وفقدان الأطراف دائم لا يمكن عكسه.

أو هل من الممكن أن يحدث ذلك؟

على الرغم من التقدم الكبير في تقنيات الأطراف الاصطناعية والإلكترونية واستبدال الأطراف المفقودة، إلا أنهم لم يتمكنوا إلى الآن من استعادة حاسة اللمس، أو تقليل الإحساس بآلام وهمية أو مطابقة قدرة الأطراف الطبيعية.

لن يتمكن الشخص من الشعور بلمسة أحد أفراد أسرته أو بحرارة الشمس الدافئة دون إعادة بناء الطرف نفسه.

كتب الدراسة باحثون في علم الأحياء التجديدي والتطوري والهندسة الطبية الحيوية، وأظهرت دراستهم الأخيرة في مجلة Science Advances أن 24 ساعة فقط من العلاج الذي صمموه، تكفي لتجديد الأطراف التي تعمل بكامل طاقتها والحساسة للمس عند الضفادع.

تجديد بدء التشغيل

في أثناء التطور المبكر جدًا، تقوم الخلايا التي ستتحول في النهاية إلى أطراف وأعضاء بترتيب نفسها في هياكل تشريحية دقيقة، باستخدام مجموعة من الإشارات الكيميائية والميكانيكية الحيوية والكهربائية.

عند النظر في طرق تجديد الأطراف، استنتج الباحثون أنه من الأسهل مطالبة الخلايا بأن تكرر ما فعلته خلال التطور المبكر، لذلك بحثوا عن طرق لإعادة تفعيل إشارة (بناء كل ما وجد في هذه المنطقة بالحالة الطبيعية) للخلايا في موقع الجرح.

مع ذلك، فإن أحد التحديات الرئيسية في أثناء القيام بهذه العملية اكتشاف كيفية خلق بيئة تشجع الجسم على التجديد بدلًا من تكوين ندبات، بينما تساعد الندبات في حماية الأنسجة المصابة من التعرض لمزيد من الضرر، تغير من البيئة الخلوية بطريقة تمنع تجديد الخلايا.

بعض الحيوانات المائية مثل الأكسولوتل يمكنها تجديد خلاياها دون تشكيل ندبة، وقد وفر الكيس الأمينوسي في بداية التطور البشري بيئة يمكن أن تسهل آليات تجديد الخلايا.

افترض الباحثون أن تطوير بيئة مماثلة يمكن أن يتخطى تشكيل الندبة عند الإصابة، ويسمح للجسم بإعادة تنشيط الإشارات التجديدية الخاملة.

لتنفيذ هذه الفكرة، طوروا جهازًا مصنوعًا من الهيدروجل الحريري يمكن ارتداؤه كوسيلة لإنشاء غرفة معزولة للتجديد بمنع الإشارات الأخرى التي من شأنها توجيه الجسم لتشكيل ندوب أو الخضوع لعمليات أخرى.

الجهاز مطوّر بمزيج من خمسة أدوية تشارك في نمو الحيوانات الطبيعي ونمو الأنسجة، اُختبر الجهاز باستخدام ضفادع المخالب الأفريقية، وهي نوع شائع الاستخدام في أبحاث الحيوانات التي تشابه البشر في عدم القدرة على تجديد الأطراف في مرحلة البلوغ.

أوصلوا الجهاز بساق واحدة لمدة 24 ساعة، ثم أزالوا الجهاز ولاحظوا كيف تغير موقع الطرف المفقود بمرور الوقت.

تكرر ذلك على مدار 18 شهرًا، اندهشوا عندما وجدوا أن الضفادع كانت قادرة على تجديد أرجلها، بما في ذلك الإسقاطات الشبيهة بالأصابع مع إعادة نمو الأعصاب والعظام والأوعية الدموية.

استجابت أيضًا الأطراف للضغط الخفيف، ما يعني أن لدى الضفادع حاسة لمس مستعادة، سمحت لها بالعودة إلى سلوك السباحة الطبيعي.

أما الضفادع التي أُعطيت الجهاز دون مزيج الأدوية، كانت عملية إعادة نمو الأطراف محدودة لديها دون ترميم وظيفة العضو بشكلٍ كبيرٍ، والضفادع التي لم تُعالج بالجهاز أو مزيج الأدوية لم تُعد تنمية أطرافها، تاركة جذوعها غير حساسة للمس وضعيفةً وظيفيًا.

من المثير للاهتمام أن أطراف الضفادع التي عُولجت بالجهاز ومزيج الأدوية لم يُعد بنائها بالكامل، على سبيل المثال، كانت العظام مجزأة في بعض الأحيان.

مع ذلك، إن عدم اكتمال الطرف الجديد يخبرنا أن الإشارات الجزيئية الرئيسية الأخرى قد تكون مفقودة، وما يزال من الممكن تحسين العديد من جوانب العلاج.

بمجرد تحديد هذه الإشارات وإضافتها إلى العلاج الدوائي، يؤدي ذلك إلى عكس فقدان الأطراف بالكامل في المستقبل.

مستقبل طب التجديد

تُعد الإصابات الرضحية هي أحد الأسباب الرئيسية للوفاة والعجز لدى الأمريكيين، وفقدان الأطراف نتيجة الإصابة الشديدة هو المصدر الأكثر شيوعًا للإعاقة مدى الحياة.

غالبًا ما تحدث الإصابات الرضحية بسبب حوادث السيارات والإصابات الرياضية والآثار الجانبية للأمراض الاستقلابية مثل مرض السكري، إضافةً إلى الإصابات في ساحات المعارك.

إن إمكانية فك التشفير وإيقاظ الإشارات الخاملة التي تمكن الجسم من تجديد أجزاء من الجسم نفسه هي حدود تحويلية في العلوم الطبية.

إلى جانب إعادة نمو الأطراف المفقودة، يمكن أن يؤدي تجديد أنسجة القلب بعد النوبة القلبية أو أنسجة المخ بعد السكتة الدماغية إلى إطالة عمر الإنسان.
يُعد علاج الباحثين بعيدًا كل البعد عن أن يكون جاهزًا للاستخدام البشري، ويعمل فقط عند تطبيقه مباشرة بعد الإصابة.

لكن الكشف عن الإشارات التي تسمح للخلايا بالتجديد وفهمها، يعني أن المرضى ليسوا بحاجة للانتظار إلى أن يفهم العلماء حقًا جميع التعقيدات المتعلقة بكيفية بناء الأعضاء المعقدة قبل أن يتمكنوا من العلاج.

إمكانية إعادة الشخص كاملًا مرةً أخرة تعني أكثر من مجرد استبدال أطرافه، كاستعادة حاسة اللمس والقدرة على العمل، وقد بدأت الآن مناهج جديدة في طب التجديد لتحديد إمكانية تحقيق ذلك.

اقرأ أيضًا:

علماء يتمكنون جزئيًا من تجديد أصابع مبتورة من أقدام فئران بإضافة بروتينين فقط

يشعر مبتورو الأطراف كما لو أنّ أطرافهم الصناعية تنتمي إلى أجسادهم

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: بيان عصفور

المصدر