ربما فرحت بالخبر، وتصورت ما تستطيع كاميرا مثل هذه فعله، صور حساباتك الاجتماعية أو صور عطلاتك الصيفية على أحد الشواطئ على سبيل المثال. لكن دعنا نصدمك قليلًا؛ إذ لن يكون لهذه الكاميرا فائدة تُذكر في استعمالات كتلك، إنما تكمن فائدتها في مجالات أخرى كالفيزياء والكيمياء والأحياء. من المتوقع لهذه الكاميرات العلمية عالية الدقة والتعقيد أن تفتح المجال لاكتشافات علمية جديدة، مثل التقاط صور للجسم البشري أو حتى تسجيل لحظات التشابك الكمي.

لنعد إلى كاميرتنا العجيبة تلك، ما زال العلماء قادرين على إبهارنا وتجاوز حدود ما تستطيع الكاميرات عمله، مثل الجهاز المضغوط فائق السرعة ذي الحساسية للمراحل المختلفة والمسمى اختصارًا pCUP القادر على التقاط تريليون لقطة في الثانية الواحدة.

الجدير بالذكر أن هذا الجهاز ليس الأول من نوعه؛ إذ تمكن أعضاء من نفس الفريق في عام 2018 من تطوير كاميرا قادرة على التقاط 10 تريليون لقطة في الثانية، لكن الجديد في هذه الكاميرا أنها تستطيع التقاط صور لأجسامٍ شفافة وغير مرئية للعين البشرية، مثل موجات الصدمة التي تتحرك بسرعةٍ تساوي أو أكبر من سرعة الصوت.

تعمل الكاميرا بتقنية مبتكرة جُربت في نموذج عام 2018 بجمع قياسات شدة الضوء مع صورة ثابتة وبعض الرياضيات المتقدمة لتوليد ذلك العدد من اللقطات، أما الجديد في هذا الإصدار فهو استعمال المجهر الضوئي متباين الأطوار؛ وهو أسلوب تصوير قديم يعتمد على التغيُّر في المواضع النسبية لموجات الضوء أثناء مرورها عبر أوساط ذات كثافة مختلفة، وتُحَول تلك التغييرات إلى سطوعٍ أو لمعان ما يسمح برؤية الأجسام الشفافة مثل الخلايا التي يغلب على تكوينها الماء.

صرًّح مهندس الكهرباء ليهونج وانج من كالتيك (معهد كاليفورنيا للتقنية): «ما فعلناه أننا هيأنا المجهر الضوئي متباين المراحل لإمدادنا بصور سريعة مكّنتنا من تصوير ظواهر سريعة الحدوث في المواد الشفافة».

علماء في كالتيك ينجحون في صنع كاميرا تستطيع التقاط تريليون لقطة في الثانية - كاميرا خارقة - التقاط صور للجسم البشري - تسجيل لحظات التشابك الكمي

اخترع الفيزيائي الهولندي فريتز زيرنيك المجهر الضوئي متباين المراحل في ثلاثينيات القرن العشرين ويعتمد في طريقة عمله على تغيير سرعة الضوء أثناء مروره بالأوساط المختلفة ما يجعل موادًا مثل الزجاج أسهل في اكتشافها باستعمال هذه الطريقة.

يطلق العلماء على الإضافة التقنية الجديدة «الترميز المضغوط فائق السرعة غير الفاقد» أو LLE-CUP، ويُعد هذا الطراز بداية جيل جديد من الكاميرات الشعاعية الدقيقة -وهي الأجهزة التي تلتقط حدثًا في لقطة واحدة بطريقة تسمح بتسجيل توقيتات موجات الضوء-.

أضاف وانج في السابق مكونًا جديدًا -جهازًا مرتبطًا بشحنة- لضغط اللحظات القصيرة، والآن أضاف نسخةً معدلة للمجهر بإمكانها إظهار الضوء غير المشتت لتتبع التغيُّرات التي لا يمكن للعين البشرية رؤيتها.

نجح الباحثون في التقاط حركة موجات الصدمة عبر الماء، ونبضة ليزر عبر مادة كريستالية أيضًا، ويمكن للكاميرا أن تُستخدم لأغراض عديدةٍ في المستقبل بدمجها مع العديد من الأجهزة البصرية، على سبيل المثال، يمكنها تصوير الطريقة التي يتمدد بها اللهب في غرف الاحتراق، أو تسجيل الإشارات التي تسافر عبر الأعصاب على مقياس ميكروسكوبي.

صرح وانج: «أثناء مرور الإشارات، تتمدد الأعصاب بنسبة ضئيلة جدًا ربما يمكننا رؤيتها، وإذا كان لدينا شبكة من الأعصاب فربما نستطيع رؤية تواصلها مع بعضها لحظيًا».

اقرأ أيضًا:

كاميرا تجمّد الوقت! تعرّف على اسرع كاميرا في العالم

إحدى أسرع كاميرات العالم تلتقط حركة الإلكترون

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: سمية المهدي

المصدر