شَيْب الشعر وظهور التجاعيد وعلامات الشيخوخة الخارجية، كل هذا ليس بوسائل دقيقة لتحديد العمر. الآن تُظهر الأبحاث أنّ الشفرة المكتوبة في إبيجينوم (epigenome) الجسم – العلامات الكيميائية التي يُعدّل بها الحمض النووي – يمكن أن تحدد بدقة عمر الأنسجة والخلايا البشرية.

يمكن لهذه “الساعة” أن توفّر نظرة ثاقبة عن إختلاف معدّل تقدم عمر بعض الأنسجة مقارنة بغيرها، ولماذا تكون تلك الأنسجة أكثر عرضة للسرطان. في السنوات القليلة الماضية، كان الباحثون يركزون على بعض المناطق من الحمض النووي التي تحتوي على الكثير من العلامات “الإبيجينية” التي تتغير مع تقدم العمر. هذه العلامات يمكنها إيقاف التعبير عن بعض الجينات.

في بحث نشر في دورية Genome Biology، قام الباحث هورفاث و فريقه بالكشف عن كيفية تغيّر مستويات بعض العلامات الإبيجينية في الأنسجة البشرية من الولادة وحتى عمر 101 عام، و يظهر أنّ ذلك يعطي مؤشرًا شبه مثالي عن عمر الأنسجة غير سرطانية.

لضبط عقارب هذه الساعة التي تستند على العلامات الإبيجينية للحمض النووي، قام هورفاث بتجميع بيانات 8000 عينة من 82 مجموعة بيانات للعلامات الإبيجينية المتاحة للجمهور. العينات تمثّل 51 نسيج بشري صحي و أنواع خلايا مختلفة. قام الباحثون بتحليل بيانات 6000 عينة إضافية جميعها لأنسجة سرطانية. ركز هورفاث على 353 علامات إبيجينية: تزيد كمية هذه العلامات في بعض المناطق مع التقدم في السن، و تنخفض في مناطق أخرى. استخدمت بعض العينات لتطوير الساعة، والباقي لاختبار مدى دقتها.

ابتهج هورفاث عند اكتشافه أن ساعته حددت عمر مختلف أنواع الأنسجة و الخلايا بهامش خطأ يصل لبضع سنوات – حتى تعيين أعمار قريبة من الصفر لعينات أخذت من الأطفال حديثي الولادة و أعمار سلبية لعينات ما قبل الولادة. اللافت للنظر، أن أنسجة ثدي المرأة لها علامات إبيجينية تجعلها تبدو في المتوسط أكبر ب 2-3 سنوات من الأنسجة السليمة الأخرى من نفس المرأة. يأمل هورفاث أن يؤدي بحثه إلى تطوير علاجات تبطئ أو تعيد دقات الساعة البيولوجية إلى معدلها الطبيعي.


 

مصدر