نلحظ في بعض الأحيان تمكن الرياضيات من إثبات ما نراه خاطئًا. على سبيل المثال، يعتقد الكثيرون بأننا نحتاج إلى عدد كبير من الناس لإيجاد شخصين يتشاركان ذات يوم الميلاد، إلا إن علم الاحتمالات يتعارض مع هذا ويؤكد وجود أحداثٍ تتكرر بنسبةٍ أعلى مما نتوقع. وبالعودة لإحصائية يوم الميلاد المذكورة، نرى أنه في حال مشاركة 23 شخصًا عشوائيًا في الإحصائية، يوجد احتمال 50-50 لوجود اثنين يتشاركان ذات تاريخ الولادة. تُعرف هذه الإحصائية ونتيجتها باسم مفارقة عيد الميلاد.

أصل مفارقة عيد الميلاد:

تنص مفارقة عيد الميلاد على وجود شخصين يتشاركان تاريخ الميلاد بنسبة 50% في مجموعة عشوائية من 23 شخصًا. قد لا يبدو هذا صحيحًا، لذا توجد الكثير من الأسباب لعدها مفارقة رياضية:

أولًا، إذا افترضنا وجود 23 شخصًا في غرفة واحدة، فهذا يعني أن الشخص الذي يهدف لإجراء الإحصائية سيجري 22 مقارنة رقمية ليوم ميلاده، ما يعني وجود 22 احتمالية لشخصين يتشاركان ذات يوم الولادة.

لكن إذا أراد كل شخص مقارنة يوم ميلاده بال22 الآخرين، سينتج عن هذا أكثر من 22 مقارنة بكثير إذ يحتاج أول شخص لإجراء 22 مقارنة، ولكون الشخص الثاني قد قورن بالأول مسبقًا، فهذا يبقي للشخص الثاني 21 مقارنة لإجرائها. على هذا المبدأ، يجري الثالث 20 مقارنة، والرابع 19 مقارنة ونواصل على هذا الأساس.

إذا جمعنا كل المقارنات الممكن إجرائها (22+21+19+18+…1) نصل إلى مجموع 253 مقارنة أو ما يُدعى بالتوافيق في علم الاحتمالات. وفقًا لذلك، نستخلص وجود 253 مقارنة، أي احتمالية لشخصين يتشاركان ذات يوم الميلاد.

أدوات إجراء الإحصائية:

  •  عشر مجموعات كلٌ منها مؤلف من 23 شخصًا أو أكثر.
  •  قلم وورقة
  •  آلة حاسبة (غير ضرورية)

التحضير للإحصائية:

  •  تجميع تواريخ ولادة الأشخاص من المجموعات عشوائيًا، والجدير بالذكر، ضرورة وجود عشر مجموعات أو أكثر للمقارنة فيما بينها.
  •  لا داعي لتحصيل عام الولادة، إذ يكفي إيجاد شخصين يتشاركان الشهر واليوم.

ملحوظة: يمكن تحصيل أعياد الميلاد للأشخاص في المجموعات عبر عدة طرق، فمثلًا تمكن معرفة أعياد الميلاد لطلاب داخل مدرسة عشوائيًا، أو يمكن الاعتماد على أعياد ميلاد المشاهير التي يمكن تحصيلها بسهولة عبر الإنترنت.

الإحصائية:

  •  ترتيب الأشخاص في كل مجموعة من المجموعات العشر والبحث عن أي أعياد ميلاد متوافقة.
  • تقييم النتائج عبر إحصاء أعداد الأشخاص ذوي أعياد الميلاد المُتشابهة، ومن طريق هذا التقييم، يُستدل على صحة مفارقة عيد الميلاد.

إضافةً إلى هذه الإحصائية، تُمكن زيادة عدد الأشخاص إلى 366 شخصًا، أي ما يساوي أيام السنة الكبيسة، في هذه الحالة، ترتفع احتمالية وجود شخصين يتشاركان عيد الميلاد إلى 100% (دون احتساب أعياد ميلاد 29 فبراير/شباط).

يمكن أيضًا الاعتماد على النرد للتعرف على نحو أعمق على علم الاحتمالات، إذ ترمى ثلاثة أحجار من ذات العشرة جوانب، إضافة إلى خمسة مكعبات من ذات الستة جوانب، وخلال هذا، تُسجل نتيجة كل نرد.

وفقًا لما سبق، تُحسب احتمالية الحصول على مجموع يتعدى 18 لكل توافق بين الأحجار بعد رميهم مئة مرة.

عندها نستطيع تحديد التوافق ذي الاحتمالية الأعلى، وعلى أساسه نقارن الحسابات مع التجربة للتحقق من صحة الأخيرة.

النتائج:

هل وُجد أشخاص يتشاركون يوم الميلاد في 50% من المجموعات؟

الأسهل من إيجاد مَن يتشاركون تاريخ الولادة هو إيجاد من لا يتشاركونه. يُعد يوم ميلاد شخص ما احتمالية 1 من أصل 365 (بدون احتساب أعياد ميلاد 29 فبراير/شباط).

احتمالية عدم مشاركة شخص ما لتاريخ ولادته هو 364 منقسم على 365، ما يعني أن نسبة عدم مشاركة شخصين لتاريخ الولادة هو 364/365 أي ما يساوي 99.726027

كما ذكرنا مُسبقاً، توجد 253 مقارنة أو توافقًا في مجموعة تتألف من 23 شخصًا. كل توافق من ال253 لديه نسبة 99.726027 لعدم مشاركته تاريخ الولادة. يظهر وجود ما يُقارب نسبة 49.952 إذا ضُربت نسبة 99.726027% بنفسها 253 مرة.

لذا فإن نسبة مشاركة عيد الميلاد هي 1 ناقص 49.95% أي ما يساوي 50.048%.

في حال إجرائنا لعدد أكبر من الاختبارات، تقترب نسبة الاحتمالية من 50% أكثر.

اقرأ أيضًا:

معضلة فندق هيلبرت الرياضية

هذه المعضلة الرياضيّة المُعطاة لطلاب الصف الخامس في الصين غير قابلةٍ للحل، ولكن إجاباتهم كانت مذهلة

المترجم: محمد علي مسلماني

تدقيق: محمد الأسطى

مراجعة: عون حدّاد

المصدر