يعتبر الغلاف الجوي لكوكب الزهرة هو الأثقل بين كل كواكب المجموعة الشمسية، تقريبًا يساوي ضغط المحيطات العميقة  على عمق 1 كيلومتر.

تحول طبقات الغلاف الجوي الثقيلة والمكونة من الأحماض الكبريتية للزهرة من اختراقه – لكن الباحثون الآن يمكنهم قراءة ضغط الغلاف الجوي من الخارج لاكتشاف الهزات الأرضية لسطح الزهرة الملتهب.

فريق ناسا للدفع النفاث اقترح  إطلاق بالون في الجزء الأعلى من الغلاف الجوي للزهرة و الذي سيكون مزودًا بحساسات لرصد النشاط الزلزالي للكوكب.

يقول سيدهارث كريشنامورثي Siddharth Krishnamoorthy، وهو زميل ما بعد الدكتوراه مع مختبر الدفع النفاث التابع لناسا وعضو الفريق العامل في مهمة الزهرة، لموقع سيكر: «على سطح الزهرة الغلاف الجوي يساوي 90 مرة من الضغط الذي نجده على الأرض. إن الأمر يشبه كما لو كانت الأرض محاطة بغلاف جوي من المحيطات حول الوشاح الصلب».

سيعمل البالون عند ارتفاع 34 ميلًا فوق السطح في ظروف ضغط ودرجة حرارة تشبه الأرض، مما يجعله بلا حاجة إلى حماية إضافية.

كما أنها ستكون محمية من درجات الحرارة التي تشبه الفرن على سطح الزهرة (864 درجة فهرنهايت أو 462 درجة مئوية) والتي يمكن أن تقلي مركبة فضائية غير محمية في ثوان. هناك أيضًا ما يكفي من أشعة الشمس المتاحة لتشغيل أدوات البالون باستخدام الطاقة الشمسية.

عندما يحدث زلزال على كوكب الزهرة، نظريًا  ستولد موجات ضغط في ترددات راديوية. هذه الترددات سيكون نطاقها أقل من آذان الإنسان، ولكن الأجهزة الدقيقة ستكون قادرة على التقاطها.

وقال كريشنامورثي «من حيث المبدأ، يمكن الكشف عنها من قبل أجهزة استشعار الضغط الحساسة جدًا على البالون».

ومن شأن التخطيط المثالي للبعثة أن يتمكن البالون من الطيران في أي مكان  من بين ستة أشهر وسنة.

وقال كريشنامورثي: «ليس من المألوف أن نكون قادرين على نشر بالون فوق كوكب الزهرة». نجح الاتحاد السوفيتي في طرد البالونات خلال مهمتي فيغا 1 و 2 في عام 1984، على الرغم من أن كل منهما استمر لمدة يومين فقط قبل أن تفرغ البطارية. وأضاف «لقد استخدمت هذه التكنولوجيا من قبل، لكننا نحتاج الى إطالة مدتها».

استهدف الاتحاد السوفيتي سطح الزهرة بعدة مسبارات في الفترة ما بين الستينات والثمانينات، مع إرسال بعثات مدارية إلى جانب ذلك.

وتشمل البعثات البارزة الأخرى إلى كوكب الزهرة ماجلان ناسا (1990-1993)، ووكالة الفضاء الأوروبية فينوس إكسبريس (2005-2014)، وأكاتسوكي اليابانية، التي دخلت المدار في عام 2015 بعد محاولة فاشلة في عام 2010.

وحددت هذه البعثات سطح كوكب الزهرة وأعطت رؤى عن نشاط الغلاف الجوي. إذ يبدو السطح حديثًا للغاية، ينطق بالحماس جيولوجيًا، وهناك البراكين النشطة على الأرجح على سطح كوكب الزهرة. لكننا لا نعرف كثيرًا عن النشاط الزلزالي للكوكب أو في داخله.

يقول كريشنامورثي «نعلم، بدرجة من اليقين، أن كوكب الزهرة ليس لديه صفائح تكتونية متصلة مثل الارض». «تحت السطح، هناك نشاط زلزالي ذي طبيعة مختلفة، لكننا لا نعرف ما هي طبيعته بالضبط ».

إن إرسال مسبار من هذا النوع إلى كوكب الزهرة يتطلب مئات الملايين من الدولارات، لذلك حذر كريشنامورثي من أن هذه دراسة في مرحلة مبكرة جدًا. ويراقب الفريق إعلانات ناسا عن فرصة القيام ببعثات النظام الشمسي.

وربما يمكن إقران المركبة الفضائية بمهمة أخرى، أو ربما يمكن إطلاقها من تلقاء نفسها. في كلتا الحالتين، فإن البالون لن تصل الى هناك قبل سنوات عديدة.

وفي الوقت نفسه، يقوم الفريق الذي يقوده أتيلا كوماجي Attila Komjathy، المحقق الرئيسي في مجموعة الاستشعار عن بعد والغلاف الجوي عن بعد التابعة فريق ناسا للدفع النفاث، بصقل تكنولوجيا الاستشعار هنا على الأرض.

وقد أنتجت المجموعة مؤخرًا زلزالًا اصطناعيًا في المياه، وهي تستعد للكشف عن تفاصيل التجربة في الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي. الخطوة التالية سوف تكون بإرسال مسبار في طبقة الستراتوسفير الخاصة بالأرض ومن ثم البحث عن أي زلازل يحدث بشكل طبيعي.

لن يكون بالون الزهرة المشروع المستقبلي الوحيد الذي يستهدف هذا الكوكب. وهناك مفهوم آخر يسمى المركبة الآلية للبيئات المتطرفة Automaton Rover for Extreme Environments ويستخدم طاقة الرياح لاستكشاف السطح. ستكون مزودة بالحد الأدنى من الالكترونيات على متنها للحد من مخاطر حرارة الزهرة. تلقت هذه المركبة التمويل الخاص بها في  إطار برنامج مفاهيم ناسا المبتكرة لمشاريع المرحلة المبكرة.

كما يعمل الباحثون في جامعة ستانفورد بشكل منفصل على طلاء من شأنه أن يحمي الإلكترونيات من البيئة القاسية للكوكب في نطاق  تقنية النانو.

في عام 2015، قدم فريق آخر في ناسا فكرة تسمى مفهوم ارتفاع الزهرة التشغيلية (هافوك) (HAVOC) التي من شأنها استخدام المنطاد لاستكشاف جو الزهرة، مع إمكانية إرسال إنسان يمكنه ركوب هذه المناطيد في المستقبل البعيد.


  • ترجمة : مصطفى العدوي
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر