الهدف العام من الاستحمام هو النظافة الشخصية، لكن كوكبنا بأكمله مُغطّى بشكل فعلي بالميكروبات، لذا ستحصل على بعض منها ينهمر على رأسك.

يُعدّ اكتشاف ماذا يعيش تحديدًا داخل تمديدات أنابيب المياه فكرة جيدة، في حال تبيّن أنّ بعض من هذه الجراثيم خطير.

تحقق فريق تحت قيادة مجموعة من الباحثين من (جامعة كولورادو-University of Colorado)، من جماعات الميكروبات التي تعيش في رأس الدُّش خاصّتنا، ووجدوا بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام بين الولايات المتحدة وأوروبا بالإضافة إلى العوامل المُحتملة المُسببة لأمراض الرئة.

ووضّح عالم البيئة (نوح فيرر-(Noah Fierer من جامعة كولورادو وكبير باحثي هذه الدراسة أنّ «أغلب هذه الميكروبات غير ضارة، لكن عدد قليل منها ليس كذلك».

كان فريقه مُهتمًا على وجه الخصوص بالميكروبات من صنف (المتفطّرة-Mycobacterium)، وهى مجموعة من البكتيريا معروفة جيدًا بأفرادها التي تُسبب الجُذام والسُلّ (التدرن الرئوي).

بمعزل عن هذين المرضين السيئين، تتضمن الفصيلة ما يقارب من 200 نوع آخر والتي يمكن إيجادها عادةً في البيئة التي تشمل التربة، الغبار، ومياه الصنبور خاصتنا.

جميعهم يُشار إليهم بالجراثيم العصويّة (المتفطّرة) غير السُلّية

non-tuberculous mycobacteria (NTM).

جزء (myco) من اسم هذا الصنف هو إشارة إلى الفطريات، وهو في الواقع يحمل دليلًا لواحدة من سماتهم الخاصة، فهذه البكتيريا تحب بناء المُستعمرات بطريقة تشبه العفن.

وهذا يعني أنّه يمكن للجراثيم العصويّة غير السُلّية (NTM) أن تكون مُختبئة جيدًا في المادة اللزجة (العفن) التي تجدها في الأماكن الأكثر قذارة في حمامك مثل حواف مصرف المغسلة، وأيضًا رأس الدُّش.

أغلب هذه المُتفطّرات غير السُلّية ليست مُرتبطة بأيٍّ من الأمراض البشرية، لذا ليس هناك داعٍ للهلع وشراء مطهرات صناعية ذات فعالية عالية.

لكن هناك ما يُسمّى التهاب الرئة العصوي غير السُلّي، وكجزء من دراستهم، أراد الباحثون أن يعرفوا فيما إذا كانت رؤوس الدُّش بالتحديد تستطيع إيواء ونشر هذه الكائنات المُسببة للمرض.

قال اختصاصي علم الأحياء الدقيقة والمؤسس الرئيسي للدراسة (مات غيبيرت-Matt Gebert) من جامعة كولورادو «من المهم فهم طُرق التعرُّض للمُتفطّرات، خصوصًا في المنزل، ونستطيع تعلّم الكثير من دراسة الغشاء الحيوي المُتجمّع داخل رأس الدُّش خاصّتنا، وكيمياء الماء المُنهمر منه».

لكشف مثل هذه التفاصيل الخاصة بأصدقائنا اللزجين –أيّ المتفطّرات غير السُلّية- استعان الفريق بمساعدة علماء مدنيين من الولايات المُتحدة وأوروبا.

انتهى الأمر بهم بتحليل الDNA الخاص ب656 عينة من الأغشية الخلوية -المأخوذة من رؤوس الدُّش داخل حمّامات المنازل- مع المعلومات الأساسية لكيمياء المياه المُتعلّقة بكل مصدر.

وكما توقّعوا بالضبط، لم يكن هناك نقص في المُتفطّرات غير السلية في نتائجهم، لكن تبيّن أنّ هناك اختلافات كبيرة اعتمادًا على المنطقة التي أُخذت منها العينات ومصادر المياه.

وذكر الباحثون في دراستهم أنّ «تحاليلنا التي تعتمد على طريقة الزراعة المُستقلة للجراثيم (طريقة مخبرية لزراعة الجراثيم) كشفت أنّ فصيلة المُتفطّرات كانت الفصيلة الأكثر توافرًا على الدوام من البكتيريا التي رُصدت في رؤوس الدُّش المنزلية».

كانت المُتفطّرات منتشرة أكثر في المنازل الأمريكية على عكس المنازل الأوروبية، وفسّر الفريق ذلك أنّه يمكن أن يكون بسبب اختلاف المواد الكيميائية المُستخدمة في تطهير المياه.

ففي الولايات المتحدة، الكلور شائع أكثر، لكن غالبًا تكون المُتفطّرات غير السُلية مقاومة لهذا النوع من المُطهرات.

إلى جانب الاختلافات الجغرافية، فالمنازل التي تستخدم مياه الآبار تحوي مُتفطّرات أقل في مياهها على عكس المنازل التي تستخدم مياه الصنبور التابعة للبلدية.

ومن الغريب أنّ رؤوس الدُّش المعدنية احتوت على مُتفطّرات غير سُلية أكثر، بينما الرؤوس البلاستيكية كانت مقرًا لأنواع أكثر من
(الميكروبيوم-(microbiome -مجموعة من الميكروبات المتعايشة مع الإنسان أو مع الأحياء الأخرى أو في البيوت والتربة وغيرها- وهذا ربما بسبب المواد الكيميائية الموجودة في البلاستيك والتي تُبقي المُتفطّرات تحت السيطرة.

لكن اكتشف الفريق بالفعل أنّه في مناطق الولايات المتحدة حيث الالتهاب الرئوي غير السُلي أكثر انتشارًا -أماكن مثل فلوريدا، نيويورك، وأجزاء من كاليفورنيا الجنوبية- كان الميكروبيوم الموجود في رأس الدُّش يحتوي على جراثيم عصوية غير سُليّة أيضًا.

في الوقت الراهن، بيّنت نتائج الفريق تطابق بين البيانات، وليس المُسببات، لكنهم يأملون بإنجاز أعمال مُستقبلية من أجل كشف الأسباب التي تجعل جراثيم الرئة السيئة هذه تتواجد في بعض المناطق دون الأخرى.

كما ذكرنا سابقًا، فقط لأنّه لديك بكتيريا في حمامك (وأيضًا في كل مكان حرفيًّا)، ليس عليك أن تقلق.

وختامًا قال غيبيرت «فيما يتعلق بالخطوات المُقبلة، نحن نأمل أن نبدأ باستكشاف ما هو أبعد من التشخيص والوفرة وما الذي يُسبب هذا التباين الجغرافي اللافت للنظر بين صنف المُتفطّرات».


  • ترجمة: رؤى بركات.
  • تدقيق: مينا خلف.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر