يُعد عنف الشريك الحميم أحد أنواع العنف المنزلي، ولربما يظهر العنف بشكل استغلال جسدي أو جنسي أو عاطفي أو حتى مادي. ويؤثر عنف الشريك الحميم (intimate partner violence IVP) في ملايين الأمريكيين سنويًا وفقًا لمراكز الوقاية والتحكم بالأمراض (CDC)، إذ تعاني نحو امرأة من كل أربع نساء ورجل من كل عشرة رجال بعض أنواع العنف الجنسي أو الجسدي أو مطاردة شريك حميم خلال حياتهم.

ومع أن كلا الجنسين قد يكونان ضحايا لعنف الشريك الحميم، فالنساء أكثر عرضة للإصابات الخطيرة المستمرة بسبب الرجال أو حتى القتل، وغالبًا ما توجد إشارات منذرة تظهر بوضوح قبل أن يبدأ العنف.

تقول محامية ضحايا العنف المنزلي كاثرين سيرلي: «نادرًا ما أسمع عن حوادث عنف جسدي أو جنسي لم تسبق بمحاولات التسلط والتحكم، وكلما ازدادت خطورة حدوث العنف الجسدي والجنسي كان من الشائع أن يصحبه أو يسبقه استغلال عاطفي، يحاول الجاني عبره أن يتحكم بوقت الضحية ومواردها».

قد يظهر عنف الشريك الحميم بصورة استغلال مادي، كان لسيرلي ضحايا اضطروا إلى الاتصال بشركائهم المستغِلين من متجر البقالة ليحصلوا على إذن شراء منتجات النظافة الشخصية النسائية، وضحايا آخرون اضطروا أن يحصلوا على مزايا خدمتهم الاجتماعية من سكن وطعام من شركائهم المستغِلين، وقد يتضمن الاستغلال المادي التدخل بقدرة الشخص على أن يكسب دخله أو أن يحافظ على عمله، فيقوم الجاني مثلًا بتصرف يتسبب بطرد الضحية من عمله، كأن يظهر في مكان العمل للتواصل معه أو مضايقته وإزعاجه وتهديده، ولا يقتصر الإزعاج على الضحية فقط، بل على زملائه في العمل أيضًا.

ما هو عنف الشريك الحميم؟

يحدث عنف الشريك الحميم بين شخصين في علاقة عاطفية، متزوجين أو مطلقين أو يتواعدان حاليًا أو سابقًا، وقد يحدث بين شخصين لديهما أطفال دون أن يكونا في علاقة عاطفية حاليًا، وقد يكون بشكل استغلال عاطفي أو نفسي (ومن ضمن ذلك التحكم القسري) أو مادي أو جسدي أو جنسي، ويستخدم الشريك المستغل الأطفال أحيانًا وسيلةً لتلبية رغباته.

ما الفرق بين عنف الشريك الحميم والعنف المنزلي؟

يتضمن العنف المنزلي عمومًا تعنيف المسنين أو الأشقاء أو الأطفال أو الشريك الحميم أو الأهل، وقد يتضمن أيضًا الأشخاص الذين تربطهم علاقة عاطفية لكنهم لا يعيشون معًا، لكن عنف الشريك الحميم هو نوع محدد من أنواع العنف المنزلي.

هل نستخدم مصطلح الضحية أم الناجي؟

نحتار أحيانًا بين استخدام المصطلحين، ويوجد نموذج يستخدمه بعض الناجين الذين يعملون في البحث المجتمعي، وفكرته أن الناس تسير في البداية بطريق الضحية، لكن عند وصولهم إلى بر الأمان لاحقًا ونجاتهم يستطيعون التألق والازدهار، فيكون النموذج: ضحية – ناجي – مزدهر.

كيف أثر كوفيد-19 على عنف الشريك الحميم؟

تقترح المعطيات الأمريكية المبدئية ازدياد عنف الشريك الحميم خلال جائحة كورونا بالنسبة لبعض القطاعات السكانية بسبب ازدياد عوامل الخطورة مثل: التشرد والبطالة والضغط وعادات بعض المجتمعات المغلقة التي تضغط على الناجين للبقاء على تواصل شديد مع الجناة أو تحت رقابتهم.

هل يزداد عنف الشريك الحميم خلال فترة الحمل؟

نتائج الدراسات متناقضة قليلًا، إذ يعد بعضها أن إبلاغات الضحايا تزداد خلال الحمل أو عند ولادة الطفل، لكن دراسة حديثة في جامعة روشستر توصلت إلى أن عنف الشريك الحميم يحدث قبل الحمل وفي أثنائه وبعده، وأن الحمل بحد ذاته ليس مسببًا للعنف، لكن للعنف أشكال متعددة خلال الحمل.

كانت واحدة من أكثر النتائج المثيرة للاهتمام أن عددًا أقل من النساء بلّغوا عن عنف شريكهم الحميم في الأسابيع التي تلت ولادة طفلهم، أي أن العنف بهذه الفترة توقف بالفعل، وقد تكون زيارات الناس بعد الولادة هي السبب، فهي تولي اهتمامًا أكبر بالطفل والأم فتفتح مجالًا للتدخل، ولا شك أن إنجاب طفل إلى علاقة تتضمن استغلالًا مسبقًا (عاطفيًا أو جسديًا أو جنسيًا أو ماديًا) يزيد الضغط ويرفع مستوى الاستغلال بسبب إضافة فرد جديد إلى المنزل، وهذا يعتمد على عوامل الخطورة الموجودة لديهم.

ما الإشارات التي تنذر باحتمال حدوث العنف؟

تبدأ العلاقات المؤذية غالبًا بنفس الطريقة التي تبدأ بها العلاقات غير المؤذية، يلتقي الشخصان ويمضيان معًا الكثير من الوقت ويتبادلان المكالمات الهاتفية والرسائل النصية المعتادة، لكن فيما بعد تبدأ مرحلة أخرى في العلاقات الصحية، تلك التي يخبو بها شغف البدايات ويستعيد الأشخاص علاقاتهم الطبيعية مع عائلتهم وأصدقائهم، يدخل الناس شركائهم إلى دائرة علاقاتهم الاجتماعية في هذه المرحلة، وهنا يكمن الاختلاف بين العلاقات الصحية وغير الصحية، فتتحكم العلاقات المؤذية بعلاقات الضحية الاجتماعية وبالوقت الذي يقضيه من دون الشريك، قد يبدأ الجاني بتتبع اتصالات الضحية ورسائله أو يضع أجهزة مراقبة في السيارات والهواتف أو برامج تجسس في الحواسيب للاطلاع على المواقع التي يتصفحها الضحية، وهكذا يحشر الجناة أنفسهم في كل نواحي حياة الضحية، ويلي ذلك تصرفات جسدية أو جنسية أكثر إيذاءً.

ما أفضل وسيلة لحماية المراهقين عندما يدخلون علاقات جديدة؟

يجب التركيز على السلوكيات، فهل تقلب علاقتهم الجديدة الموازين؟ هل يخرجون كثنائي برفقة الأصدقاء؟ عليهم ألّا ينعزلوا بالكامل عن الآخرين عندما تنتهي شرارة البدايات، إضافةً إلى الانتباه إلى إشارات مثل من يدفع ثمن الأشياء؟ من يتولى قيادة العلاقة؟ من يتحكم بالأمور المالية؟ من يقرر المكان الذي سيذهبان إليه، أو الفيلم الذي سيشاهدانه، أو الأشخاص الذين سيقضيان الوقت معهم؟

توجد علاقات صحية وآمنة وتوجد بالمقابل علاقات غير صحية، وتوجد أيضًا علاقات خطرة بوضوح، وإذا أولينا اهتمامًا أكبر لتثقيف المراهقين حول كيفية اكتشاف العلاقات غير الصحية والتخلص منها، قد نقلل من عدد الأشخاص الذين يخوضون هذه العلاقات.

كيف يحصل الضحايا والناجين على المساعدة؟

قد يكون من المخيف أن يجد المرء نفسه عالقًا في علاقة مؤذية، فيبدأ بلوم النفس وهذا خطأ، وتوجد عدة خيارات للمساعدة بدايًة بأخذ استشارة للعمل على خطة آمنة تضع خطوات الخروج من العلاقة. وأهم ما يجب التركيز عليه عند اتخاذ قرار التخلي عن العلاقة المؤذية هو الأمان، فيجب التأكد من وضع أساسيات لخطة آمنة وتحديدها ومعرفة وقت تنفيذها.

اقرأ أيضًا:

يتوق البشر إلى العنف مثلما يتوقون إلى الجنس

لماذا ازداد العنف المنزلي خلال فترة الحجر؟

ترجمة: مرح الخرفان

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: نغم رابي

المصدر