يحتوي غبار منزلك على كائناتٍ حية قد تكون خطرة.

لا أحد يرغب بتواجد الغبار في منزله، وهذا أمرٌ طبيعي إذ أنه مكون من عدة أشياءٍ متراكمة كالبق، والتراب، وفراء الحيوانات، وخلايا الجلد الميتة والشعر أيضًا، وأشياء أُخرى من أماكنَ عديدة، ولكن هذا ليس أسوأ ما في الأمر.

على عكس ما يظن بعض الأشخاص فإن الغبار ليس خاملًا، نعم إنه مليءٌ بالميكروبات، وغنيٌ بالكائنات الدقيقة، وليست جميعها مفيدةً لنا، بل قد تكون أكثر من ذلك، إذ يمكن لهذه الميكروبات العائمة والمحيطة بنا في البيئة التي نعيش فيها أن تتطور لتصبح أكثر خطورةً وتهديدًا، وكل هذا قد يكون خطأنا من البداية.

(إريكا هارتمان-Erica Hartmann)، وهي مهندسة بيئية في (جامعة نورثويسترن Northwestern University) تقول: «هناك حكمةٌ تقليدية مفادها أن كل ما يحتويه الغبار هو ميت، لكن هذا يعاكس الواقع، فيوجد الكثير من الحياة هناك».

في عام 2016، قامت (هارتمان-EricaHartmann) بأول دراسةٍ علمية توثق التعايش بين المواد الكيميائية المضادة للميكروبات، والجينات المقاومة للمضادات الحيوية في الكائنات الدقيقة المتواجدة حولنا في الغبار.

وقد تابع فريق هارتمان هذه الدراسة، وتم التوصل إلى نتائج ذات منظورٍ مختلف، إذ أن الغبار بما يحتويه وبشكلٍ غير متوقع ربما يساهم في مقاومة المضادات الحيوية.

جمع الباحثون عيناتٍ من الغبار من 42 منشأةٍ رياضية في منطقةٍ تقع شمال غرب المحيط الهادي، حيث جُمعت من ما تم كنسه من الممرات، والمكاتب، ونوادي اللياقة البدنية، وأيضًا مراكز الترفيه العامة، ومراكز الرقص، واليوغا، والفنون القتالية.

أما سبب اختيار الفريق للمرافق الرياضية، فهذا لأنها تشبه المستشفيات من ناحية احتوائها بشكلٍ كبير على المواد الكيميائية المضادة للميكروبات، والمتواجدة في أشياء عدة مثل حصيرة الرياضة، وغيرها من المعدات الرياضية، وأيضًا في مواد التنظيف المستخدمة داخل المباني.

ولكن عندما حلل الباحثون عينات الغبار باستخدام جهاز قياس الطيف (Spectrometer) وباستخدام تقنيةٍ أخرى تسمى الميتاجينومي Metagenomic، كانت النتائج أنهم لم يجدوا موادّ كيميائية مضادة للميكروبات في العينات فحسب، بل وجدوا أيضًا جينات بكتيرية تساهم في مقاومة المضادات الحيوية، واكتُشفت هذه العلامات الجينية بكثرة أينما تواجدت المواد الكيميائية المضادة للبكتيريا بتركيزٍ عالٍ مثل التريكلوزان  Triclosan ( وهي مادة تم حظر استخدامها في صناعة الصابون بواسطة FDA في عام 2016).

هذا وقد أشار الباحثون أن هذا الأمر يمكن أن يكون مشكلة، حيث إن هذه الجينات لا تعني فقط مقاومة الترايكلوزان بل تعني أيضًا مقاومة المضادات الحيوية ذات الصلة الطبية بالترايكلوزان كما شرحت هارتمان.

وما يزال هناك الكثير مما لا نعرفه، فقد أقر الباحثون بأن الدراسات غير كافية لإثبات تأثير المواد الكيميائية مثل التريكلوزان والتريكلوكربان على الكائنات الحية أو أن هذا الأمر هو مجرد صدفة.

وبينت هارتمان في بحثها السابق عام 2016 -باستخدام تقنياتٍ مماثلة-: «نحن لا نعرف حقًا كيف تواجدت هذه الجينات أو المواد الكيميائية معًا»، وأضافت أنه ربما تواجدها معًا هو محض صدفة، وبالرغم من هذا نحن نعلم أن المواد الكيميائية المضادة للجراثيم يمكن أن تسبب زيادةً في مقاومة المضادات الحيوية، لذلك لا بد من أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وإلقاء نظرة فاحصة على الغبار وما قد يحتويه.

ويمكننا الافتراض أيضًا إن التعرض للمواد الكيميائية المضادة للميكروبات، قد يجعل الكائنات المتواجدة في الغبار متطورة أكثر في مقاومة المواد الكيميائية للمضادات الحيوية.

كحدٍ أدنى فإن النتائج تشير أنه لا بد من حدوث تفاعلات بين المواد الكيميائية المضادة للميكروبات البشرية، والميكروبات في أي مكان من البيئة المحيطة بنا حسب التوقعات المستقبلية في هذه الدراسات.

إن كنت لا تحب الغبار، فما رأيك به بعد الآن؟


  • ترجمة: أريج المالطي
  • تدقيق: محمد قباني
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر