فئران شفافة!


معالجة كيميائية يمكنها أن تحول الفئران لتكون شفافة ستسمح للباحثين رؤية الجسم والدماغ بتفصيل لم يسبق له مثيل.

ليتمّ النظر إلى الأعضاء على النطاق المجهرى، يتجه الباحثون إلى التشريح وأخذ شريحة ودراسة كل شريحة على حدة أو باستخدام الكمبيوتر لتوليد نموذج ثلاثى الأبعاد (3D) لهذا العضو من الشرائح. إنها عملية تستغرق وقتا طويلا ويمكنها أن تكون غير دقيقة، لأن غالبا ما تكون الشرائح غير موضوعة بالشكل الصحيح. من الصعب أيضا دراسة الخلايا الموزّعة بندرة في جميع أنحاء الجسم، لأنه من المكن أن تفقد أثناء التشريح. الفكرة الأفضل هي جعل الأعضاء شفافة، مما يسمح بدراسة الخلايا الهشة ووصلاتهم في مكانها. المشكلة هي أن اللبيدات – مواد شمعية والتي تشمل الدهون – تمنع الضوء من المرور عبر الأنسجة. و لا يمكن إزالة الدهون لأنها أيضا تعطي الأعضاء هيكلها. إذا تم إزالتها، فإن النسيج سوف ينهار.

في إبريل الماضي، تمكنت مجموعة في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا للحصول على حل لهذه العقبة عن طريق جعل دماغ الفأر بأكمله شفاف. حيث عالجوا العضو بالفورمالدهايد لوقف أي تفاعلات كيميائية، والحفاظ على الخلايا من التحرك والحفاظ على الأنسجة. ثم يغرقون الدماغ فى مادة الأكريلاميد – وهي هلامية وشفافة تربط البروتينات، وخلايا أخرى لتشكيل المصفوفة الداعمة التي يمكن أن تحل محل الدهون. للخطوة النهائية، كانوا قد غرقوا الدماغ في المنظفات لإذابة الدهون وضعوها في حقل كهربائي، والذي يساعد فى تسريع عملية الذوبان. الدهون تذوب أكثر فى أسابيع أو أشهر وتصبخ الأعضاء شفافة.

لا يعمل هذا النهج لكميات كبيرة من الأنسجة، ولكن، لأن هلام الأكريلاميد لا يمكن أن يصل إلى خلايا عميقة في الاعضاء.. الحقل الكهربائي يمكن أيضا أن يتسبب في تسخين وإنتفاخ الأنسجة، مما يؤدي إلى أضرار.

Supp. Fig. 3

للالتفاف حول هذه المشاكل، فيفيانا جرادينارو (Viviana Gradinaru) في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا وزملاؤها عدلوا هذه التقنية. في البداية، أزالوا جلد الحيوان. ثم، بدلا من استخدام مجال كهربائي لمسح الدهون، أنها ضخت المنظفات نحو الفأر بأكمله من خلال نظم الدورة الدموية الخاصة به. عن طريق القيام بهذا بدون الحقل الكهربائي، تجنب الفريق تلف الأنسجة. تورم الحيوان حدث عندما تم امتصاص الهلام بواسطة عظام الحيوانات والجهاز العضلي.

باستخدام هذه التقنية، كان فريق فيفيانا قادرا على تقديم الأعضاء الطرفية شفافة في غضون يومين والفأر كله شفاف في غضون أسبوعين. ثم إزال الفريق العظام الكبيرة التي يمكن أن تسد ضوء بعض الخلايا، وحقن المواد الكيميائية الفلورية في الحيوان لتسليط الضوء على خلايا معينة، مثل الكلى أو الخلايا المعوية، وتصور تلك الخلايا باستخدام المجهر. والنتيجة هي خريطة واضحة المعالم وجميلة من الهياكل المجهرية من الجسم والدماغ.

تقول فيفيانا “الآن نحن نعمل على رسم خرائط الجهاز العصبي”، العمل بها على وجه الدقة أين الأعصاب تبدأ و أين تتوقف هذا قد يساعد المعالجات التي تعمل من خلال تحفيز الجهاز العصبي، كما تقول “على سبيل المثال، هناك حالات حيث يتم استخدام التحفيز الكهربائي للمساعدة في علاج مرض باركنسون، والتحكم في المثانة أو ألم ويتم تطبيق تلك التحفيز والتشجيع الكهربائية إلى الأعصاب في جميع أنحاء الجسم. يعرف بالضبط أين تلك الأعصاب تشتغيل من وإلى، ووظائفها، ومن شأنه أن يحسن تلك العلاجات “.

وقد عملت مجموعة فيفيانا أيضا على تقنية الأنسجة البشرية. اضافت “لقد مسحنا انسجة من سرطان الجلد لتحديد أي نوع من الخلايا موجودة”، كما تقول: كان الفريق قادرا على تحديد الخلايا السرطانية والجزيئات الصغيرة الأخرى الموجودة في الأنسجة وكذلك في تقنيات التصوير الحالية.

وفي الوقت نفسه، كارل ديسروث (Karl Deisseroth)، في جامعة ستانفورد، الذي طور أسلوب الشفافية الأولي يعمل على عملية صنع دماغ بشري كله شفاف.


المصدر


اعداد: يوسف مجدي