فرضية جديدة تتحدى فيزياء آينشتاين ويمكن اختبارُ صحَّتِها قريبًا!


سرعة الضوء في الفراغ، والتي يرمز لها ب c، هي أكثر الثوابت أهميةً وجوهريةً في الفيزياء. وبناءً على النظرية النسبية العامة فإن الجاذبية أيضًا تنتقل بهذه السرعة.

ولكن دراسةً حديثةً تقترح أنَّ سرعة الضوء ربما لم تكن تمتلك قيمتها الحالية في الماضي (300 ألف كيلومتر في الثانية). في الحقيقة، توجد احتمالية أنَّ الضوء كان أسرع من الجاذبية في الكون المبكر. هذه الفرضية الجديدة يمكنها حلُّ واحدةٍ من أكبرِ المشاكل التي تواجه الفيزياء.

أفضل جزءٍ في تلك الفرضية هو أنها -علي عكس فرضياتٍ أخرى عديدة- يمكن اختبار صحتها، ولذلك فإننا سنعلم في الأعوام القادمة إذا كانت صحيحةً أم لا.

إذًا، ما المشكلة أصلًا بخصوص سرعة الضوء والجاذبية؟

جاءت هذه المشكلة مع الأيام الأولى لكوننا، من شيءٍ يعرف ب “مشكلة الأفق” والتي تتعلق بحقيقة أنّ الكون وصل إلى درجة حرارةٍ ثابتةٍ بفترةٍ طويلةٍ قبل أن تمتلك الفوتونات الفرصة للوصول إلى جميع اركان الكون. إذا كانت سرعة الضوء في الفراغ ثابتةً دائمًا، فكيف ارتفعت درجة حرارة الكون بتلك السرعة؟

من الحلول الموجودة بالفعل لهذه المشكلة هي فكرةُ التوسُّع الكوني (inflation) والتي تقترح أن الكون بدأ يتوسع في الماضي.

هذه الفرضية ممكنةٌ منطقيًّا، باستثناء أنه لا أحد يعلم لماذا بدأ التوسُّع الكونيُّ أو لماذا توقف، ولا توجد طريقةٌ لاختبار ذلك.

تمَّ الآن وضعُ فرضيةٍ بديلةٍ من قبل الفيزيائيين Niayesh Ashfordi و João Magueijo حيث تنُصُّ فكرتهم علي أن الضوء والجاذبية كانت لهما سرعاتٌ مختلفةٌ في بداية الكون، ما يعني أنَّ الضوء كان أسرع ممَّا هو عليه الآن أو أنَّ الجاذبية كانت أبطأ. ويقول مايكل بروكس Michael Brooks: “إذا تحركت الفوتونات بسرعةٍ أكبر من الجاذبية بعد الانفجار العظيم، فإنَّ هذا سيسمح لها بالابتعاد كفايةً حتى يصل الكون إلى درجة حرارةٍ مُتَّزنةٍ بشكلٍ أسرع بكثير.
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فسيكون هناك دليلٌ من نوعٍ ما في إشعاع الخلفية الكونية والذي هو عبارةٌ عن الاشعاع المتبقِّي من الانفجار العظيم والذي لا يزال بإمكاننا رصده ودراسته.

تمكن الفريق من استنتاج أنَّ قيمةً تسمي ال “spectral index” أو المعامل الطيفي -والتي تصف التموجات الأولية في الكثافة في الكون-يجب أن تكون ثابتةً وتساوي: 0.96479 إذا كانت فرضيتهم صحيحة.

المثير للاهتمام هو أن المعاملَ الطيفيَّ الذي تم التوصل إليه بواسطة القمر الاصطناعي المسمى بلانك planck كان حوالي 0.968 وهو رقمٌ ليس ببعيدٍ عن ذلك الرقم الذي قام الباحثون بحسابه.

وستتمكن بياناتٌ جديدةٌ من القمر الاصطناعي بلانك من توضيح ما إذا كانت قيمة المعامل الطيفي تتماشى بالفعل مع القيمة التي قام الباحثون بالتنبؤ بها في حال اختلفت سرعة الضوء والجاذبية في الكون المبكر.

إذا لم تتفق تلك القيم، فإنَّ ذلك لن يُشكِّل مشكلةً بالنسبة للفريق، حيث يقول Magueijo: “لن نضطر إلى التفكير في هذه الفرضيات مرةً أخرى، والتي بدورها سيتم استبعادها.”
ولكن إذا اتفقت تلك القيم مع القيم المتوقعة فإن سيكون لذلك تأثيرٌ كبيرٌ على فهمنا للفيزياء.

توجد في الوقت الحالي فجوةٌ كبيرةٌ في فهمنا بين الطريقة التي يعمل بها الكون على المستوي الكمِّي والطريقة التي يعمل بها في إطار النسبية العامة، لذلك يحاول الفيزيائيون الوصول الي نظريةٍ للجاذبية الكمية من أجل توحيد النسبية العامة وفيزياء الكم.
يقول بروكس brooks:” إذا أكدت عمليات الرصد فرضية Magueijo فإنه يمكن لذلك سدُّ الفجوة بين النسبية العامة وميكانيكا الكم.” ويضيف قائلًا: “لدينا نموذٌج كونيٌّ يتبنى فكرة أنه في نقطةٍ ما يجب أن تكون هنالك فيزياءٌ جديدة.”


ترجمة عمرو السيد
تدقيق بدر الفراك
المصدر