يكتسب معظم الأطفال الوزن بشكل ثابت وينمون بسرعة خلال السنوات القليلة الأولى من الحياة. لكن في بعض الحالات، لا يستوفي الأطفال معايير النمو المتوقعة هذه. عندما يحدث هذا، يسمى «فشل في النمو». يطلق الأطباء مصطلح «فشل النمو» عندما لا يكتسب الأطفال الوزن كما هو متوقع. في كثير من الأحيان، يكون لدى هؤلاء الأطفال أيضًا نمو خطي ضعيف.

يمكن أن تسبب أشياء كثيرة الفشلَ في النمو، بما في ذلك الأمراض ومشاكل التغذية. بمجرد أن يحدد الأطباء سبب المشكلة، يمكنهم العمل مع العائلات للمساعدة في إعادة الطفل إلى مسار نمو صحي.

حول فشل النمو

على الرغم من الاعتراف به منذ أكثر من قرن، فلا يوجد تعريف واضح لفشل النمو، ويعزى ذلك جزئيًا إلى أنه ليس مرضًا أو اضطرابًا بحد ذاته. بدلاً من ذلك، يعتبر إشارة على أن الطفل يعاني من سوء التغذية. بشكل عام، لا يتلقى الأطفال المصابين بفشل في النمو سعرات حرارية كافية، أو لا يستطيعون الحصول عليها أو استخدامها لمساعدتهم على النمو واكتساب الوزن الكافي.

عادةً ما يشخص الأطباء هذه الحالة عند الرضع والأطفال الصغار – وهي فترة مهمة من التطور الجسدي والعقلي. بعد الولادة، ينمو دماغ الطفل في السنة الأولى بشكل مساو لما ينموه لبقية حياته. سوء التغذية خلال هذه الفترة قد يكون له آثار ضارة ودائمة على تطور الدماغ.

يتضاعف وزن معظم الأطفال بعد الولادة بـ 4 أشهر، ويصبح ثلاثة أضعاف في عمر السنة، لكن الأطفال الذين يعانون من فشل في النمو لا يحققون عادةً هذه المعايير. في بعض الأحيان، الطفل الذي يبدأ «ممتلئ الجسم» ويبدو أنه ينمو بشكل جيد قد يكتسب وزنًا أقل لاحقًا. بعد فترة، قد يتباطأ النمو الطولي أيضًا.

إذا استمرت هذه الحالة، يمكن للأطفال المصابين بسوء التغذية أن:

  • يفقدوا الاهتمام بالمحيط.
  • يتجنبوا التواصل البصري.
  • يصبحوا سريعي الهيجان.

ويمكن ألا يصلوا أو يحققوا معايير نمو معينة مثل الجلوس والمشي والتحدث في السن المعتاد.

أسباب فشل النمو

هناك عدد من الأشياء التي يمكن أن تتسبب في فشل النمو، بما في ذلك:

غذاء غير كافٍ

في بعض الحالات، يتسبب الآباء بحدوث المشكلة بالخطأ. أحيانًا، يقدر الأهل الحليب الصناعي بشكل غير صحيح، ما يتسبب في حصول الرضيع على سعرات حرارية قليلة جدًا. يمكن أن تسبب مشاكل الرضاعة الطبيعية أو الانتقال للأغذية الصلبة أيضًا فشلًا في النمو.

قد يحد بعض الآباء والأمهات الذين يشعرون بالقلق حيال أن يصبح أطفالهم بدناء من كمية السعرات الحرارية التي يقدمونها لهم. وأحيانًا لا يولي الآباء اهتمامًا كافيًا لإشارات جوع أطفالهم أو لا يستطيعون تأمين ما يكفي من الطعام لهم.

تناول الطفل لكميات قليلة جدًا من الغذاء

يواجه بعض الأطفال مشكلة في تناول ما يكفي من الطعام بسبب الخداج أو التأخر في النمو والتطور أو حالات أخرى مثل التوحد؛ إذ لا يحبون تناول بعض أنواع الطعام ذات قوام أو مذاق محدد.

بعض المشاكل الصحية في الجهاز الهضمي

يمكن أن تمنع العديد من الحالات الصحية الطفل من اكتساب الوزن. وتشمل هذه الحالات الجزر المعدي المريئي (Gastroesophageal Reflux) والإسهال المزمن والتليف الكيسي (Cystic Fibrosis) وأمراض الكبد المزمنة والداء الزلاقي (Celiac Disease).

في القلس (الارتجاع)، قد يصبح المريء متهيجًا لدرجة أن الطفل يرفض تناول الطعام نتيجة الألم الذي يسببه. الإسهال المستمر يمكن أن يجعل من الصعب على الجسم الاستفادة من المواد الغذائية والسعرات الحرارية الموجودة في الطعام.

التليف الكيسي وأمراض الكبد المزمنة والداء الزلاقي كلها تسبب مشاكل بقدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية. قد يأكل الطفل كثيرًا، لكن الجسم لا يمتص ولا يحتفظ بما يكفي من هذا الطعام.

الأطفال المصابون بالداء الزلاقي لديهم حساسية من الجلوتين، وهو بروتين موجود في القمح وبعض الحبوب الأخرى. تدمر الاستجابة غير الطبيعية للجهاز المناعي الموجهة ضد هذا البروتين بطانة الأمعاء، وبالتالي تصبح غير قادرة على امتصاص العناصر الغذائية بشكل جيد.

عدم تحمل الطعام

يختلف عدم تحمل الطعام عن الحساسية تجاه الطعام، والتي تعني أن الجسم حساس تجاه بعض الأطعمة. على سبيل المثال، عدم تحمل بروتين الحليب يعني أن الجسم لا يستطيع امتصاص الأطعمة التي تحتوي على بروتينات الحليب مثل اللبن والجبن، ما قد يؤدي إلى فشل في النمو.

وجود مرض أو اضطراب مستمر

قد لا يتناول الطفل الذي يعاني من مشاكل في التغذية -بسبب الخداج أو الشفة المشقوقة أو الحنك المشقوق مثلًا- السعرات الحرارية الكافية لدعم النمو الطبيعي. يمكن أن تزيد الأمراض القلبية أو الرئوية أو الغدية الأخرى من كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل، وتجعل من الصعب عليه أن يأكل ما يكفي لمواصلة النمو.

الالتهابات

يمكن أن تجبر الطفيليات والتهابات المسالك البولية (UTIs) والسل والالتهابات الأخرى الجسم على استخدام المواد الغذائية بسرعة وإنقاص الشهية. يمكن أن يتسبب هذا على المدى القصير أو الطويل بفشل في النمو.

اضطرابات الاستقلاب الغذائية

الاضطراب الاستقلابي (الأيضي) هي حالة تجعل من الصعب على الجسم هضم الطعام وامتصاصه أو استخلاص الطاقة منه. ويمكن أيضًا أن تتسبب في سوء تغذية أو التقيؤ.

في بعض الأحيان يؤدي تآزر المشاكل الطبية والعوامل البيئية إلى فشل النمو. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يعاني من قلس مريئي شديد وينفر من تناول الطعام، فقد تكون أوقات الطعام بالنسبة له مرهقة ومتعبة. قد يصاب الطفل بالضيق والإحباط، وقد لا يتمكن المشرفون عليه من إطعامه ما يكفي من الغذاء.

في بعض الأحيان لا يكون الأطباء متأكدين تمامًا من سبب المشكلة.

التشخيص

يمر العديد من الأطفال بفترات قصيرة يزداد فيها وزنهم، أو حتى يفقدون الوزن قليلًا. يعتبر هذا طبيعيًا. لكن عادةً ما يقلق الأطباء إذا لم يزد وزن الطفل لمدة 3 أشهر على التوالي خلال السنة الأولى من العمر.

يستخدم الأطباء مخططات نمو قياسية لتحديد الوزن والطول ومحيط الرأس، والتي تقاس عند الطفل في كل فحص سريري. قد يعاني الأطفال من فشل في النمو إذا انخفض وزنهم تحت حدٍّ (قيمة) معين بالنسبة لسنهم، أو فشلوا في زيادة الوزن بالمعدل المتوقع.

لمعرفة ما إذا كانت هناك مشكلة، سيسأل الأطباء عن التاريخ الصحي للطفل بشكل مفصل، بما في ذلك سجله الغذائي. يساعد هذا الأطباء على معرفة ما إذا كان نقص التغذية أو الضغوط المنزلية أو مشاكل التغذية هي السبب في ذلك. قد يقوم أخصائي التغذية أو الطبيب بتتبع السعرات الحرارية في نظام الطفل الغذائي للتأكد من حصوله على ما يكفي من الغذاء.

قد يطلب الأطباء إجراء فحوصات (مثل تعداد الدم الكامل أو فحص بول) للتحقق من وجود مشاكل طبية كامنة. قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات أو فحوص أخرى لكشف السبب في حال اشتبه في مرض أو اضطراب معين.

علاج فشل النمو

يشمل علاج الأطفال المصابين بفشل في النمو على التأكد من حصول الطفل على السعرات الحرارية اللازمة للنمو وتحديد أي مشاكل تغذوية كامنة. يتطلب هذا غالبًا مساعدة فريق رعاية كامل يمكن أن يشمل:

  • طبيب الرعاية الأولية أو طبيب الأطفال.
  • أخصائي تغذية مسجل لتقييم احتياجات الطفل الغذائية.
  • أخصائيي العلاج المهني لمساعدة مقدمي الرعاية والطفل على تطوير سلوكيات تغذية ناجحة.
  • أخصائيي معالجة النطق لكشف أي مشاكل في المص أو البلع.
  • أخصائي اجتماعي إذا كانت الأسرة تواجه مشكلة في تأمين ما يكفي من الطعام للطفل.
  • أخصائيي علم النفس وغيرهم من العاملين في مجال الصحة العقلية إذا كان هناك أي مشاكل سلوكية.
  • أطباء متخصصين في مجالات أخرى (مثل أخصائي أمراض القلب أو أخصائي الأعصاب أو أخصائي أمراض الجهاز الهضمي) لعلاج الحالات الصحية الكامنة.

يمكن عادةً علاج الأطفال المصابين بفشل النمو في المنزل بالتزامن مع زيارات الطبيب المنتظمة. يوصي الطبيب بالأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية وقد يصف للرضيع حليبًا صناعيًا عالي السعرات الحرارية.

اعتمادًا على عادات تغذية الطفل، قد يوصي الأطباء بتقديم أطعمة ذات قوام معين، والمباعدة بين الوجبات للتأكد من أن الطفل قد أصبح جائعًا، وتجنب السعرات الحرارية «الفارغة» مثل العصائر والحلويات، وغيرها من الاستراتيجيات بناءً على حالة الطفل ووضعه العائلي.

في حالات فشل النمو الشديد، قد يحتاج الطفل الذي لم ينجح معه العلاج الأولي إلى تغذية أنبوبية. في التغذية الأنبوبية، يتم وضع أنبوب يمتد من الأنف إلى المعدة. يتم توفير التغذية السائلة بمعدل ثابت عبر الأنبوب، وتعطى في الليل فقط عادةً.

يمكن للطفل مواصلة الأنشطة اليومية وتناول الطعام بحرية خلال اليوم. سيشعر الطفل بالتحسن بمجرد أن يبدأ في الحصول على مزيد من السعرات الحرارية، وربما يبدأ في تناول المزيد من الطعام بمفرده. يمكن إزالة الأنبوب عند الوصول إلى هذه المرحلة.

قد يحتاج الأطفال الذين يعانون من فشل شديد في النمو إلى العلاج في المستشفى. سيتم إطعامهم ومراقبتهم على مدار الساعة لمدة 10 إلى 14 يومًا (أو أكثر)، حتى يكتسبوا بعض الوزن. بعد ذلك، قد يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تختفي أعراض سوء التغذية الشديدة.

يمكن أن تختلف مدة العلاج. تستغرق زيادة الوزن بعض الوقت، لذلك قد يأخذ الأمر عدة أشهر قبل عودة الطفل إلى المجال الطبيعي. عندما يكون سبب فشل النمو مرض أو اضطراب مزمن، فقد يتعين مراقبته بانتظام عند الطبيب. في هذه الحالات، يمكن أن يستغرق العلاج وقتًا أطول، وربما مدى الحياة!

هل يعاني طفلي من فشل في النمو؟

إذا كنت قلقًا حول ما إذا كان طفلك يعاني من فشل في النمو، تذكر أن العديد من الأشياء يمكن أن تسبب زيادة بطيئة في الوزن. على سبيل المثال، يختلف غالبًا معدل كسب الوزن بين الأطفال الذين يرضعون رضاعةً طبيعية والأطفال الذين يرضعون بالزجاجة خلال فترة الوليد.

يلعب علم الوراثة أيضًا دورًا كبيرًا في زيادة الوزن. لذلك إذا كان والدا الطفل نحيلين، فقد لا يزداد وزنه بسرعة. ومع ذلك، يجب أن يكتسب الأطفال الوزن بشكل ثابت. كدليل عام، يأكل الأطفال عادةً على مدار 24 ساعة ويجب أن يكتسبوا وزنًا يعادل حوالي 1 أونصة يوميًا في الشهر الأول من العمر.

قد يكون من الصعب الحكم على ذلك من المنزل (حتى لو كان لديك مقياس)، لذلك من المهم أن تستشير الطبيب بانتظام. يمكن للأطباء الكشف عن المشاكل عند إجراء فحوصات منتظمة للأطفال، لذلك من المهم زيارة الطبيب باستمرار.

متى يتوجب عليك استشارة الطبيب؟

إذا لاحظت انخفاضًا في وزن طفلك أو إذا لم يكن لديه شهية طبيعية، فاتصل بالطبيب. استشر الطبيب أيضًا عند وجود أي تغيير كبير في أنماط الأكل. قد يبدي الأطفال اهتمامًا قليلًا بالطعام لأيام وأحيانًا أسابيع، لكن هذا لا يجب أن يحدث عند الرضع.

إذا كنت تواجه مشكلة في إطعام طفلك، يمكن للطبيب مساعدتك. عندما لا يأكل الطفل بسهولة، قد يشعر الأهل بالإحباط وبأنهم يفعلون شيئًا خاطئًا. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم المشكلة، ما يتسبب بالتوتر لك ولطفلك. بدلًا من ذلك، اطلب المساعدة وتحدث مع طبيبك.

اقرأ أيضًا:

الأعراض المرافقة لأنواع فقر الدم المختلفة

تأخر البلوغ عند الإناث: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

تأخر البلوغ عند الذكور: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

انفصال المشيمة الباكر

ترجمة: بشر معلولي

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: اسماعيل اليازجي

المصدر