وصلت البعثة الفضائية العربية الأولى وهي مسبار الأمل الإماراتي إلى مدار كوكب المريخ في 9 فبراير لتكون بذلك أول مركبة فضائية من أصل ثلاث تصل إلى الكوكب الأحمر هذا الشهر. أطلقت كل من الإمارات العربية المتحدة والصين والولايات المتحدة الأمريكية مشاريع فضائية إلى المريخ في شهر يوليو الماضي، مستفيدين من الفترة الزمنية التي يكون فيها المريخ أكثر قربًا إلى الأرض.

وكالة الفضاء في الإمارات العربية المتحدة

وكالة الفضاء في الإمارات العربية المتحدة

ومع نجاح هذه المهمة أصبحت الدولة الخليجية الغنية خامس دولة تصل إلى المريخ، وقد خططت هذه المهمة لتتزامن مع الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتوحيد الإمارات العربية المتحدة the UAE» تلتها البعثة الصينية لتكون السادسة في اليوم التالي.

وأضاءت الإمارات جميع المعالم العامة ليلًا باللون الأحمر، ووضعت جميع حسابات الحكومة هاشتاغ «#ArabstoMars»، وتوسط أطول أبراج العالم برج خليفة عرضًا احتفاليًا في دبي.

يدور مسبار الأمل حول كوكب المريخ مدة عام مريخي واحد على الأقل أي 687 يومًا، بينما ستهبط مركبة تيانوين-1 Tianwen-1 الصينية ومركبة مارس 2020 بيرسفيرنس روفر الأمريكية the Mars 2020 Perseverance rover على سطح المريخ.

قبل وصول الإمارات، كانت قد تمكنت فقط الولايات المتحدة والهند والاتحاد السوفييتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية من الوصول بنجاح إلى الكوكب الأحمر.

تحرك محفوف بالمخاطر

واجهت مهمة الأمل بعد انطلاقها من اليابان في يوليو الماضي التحرك الأكثر حرجًا وتعقيدا وفقًا لمسؤولين إماراتيين نتيجة لتوسط فرصة نجاحها في الدخول إلى مدار المريخ التي بلغت 50%.

احتاجت المركبة الفضائية إلى أن تتباطأ بوضوح كي تستطيع جاذبية كوكب المريخ التقاطها، فدارت جميع محركاتها الست ذات الطراز Delta-V مدة 27 دقيقة وعملت جاهدة لتقليل سرعة حركتها البالغة 121000 كيلومتر في الساعة لتصبح ما يقارب 18000 كيلومتر في الساعة.

استهلكت هذه العملية التي بدأت يوم الثلاثاء 9 شباط في الساعة الثالثة 15:30 بتوقيت غرينيتش نصف الوقود المخصص لها، واستغرقت الإشارة المبينة للتقدم الذي أحرزته العملية 11 دقيقة للوصول إلى مركز التحكم الأرضي.

قال عمران شرف Omran Sharaf مدير مشروع البعثة الإماراتية: «إنه لشرف كبير أن نكون أول مهمة في هذا العام تصل إلى المريخ».

وأكمل بقوله: «إنه لمن التواضع والفخر أن أكون في مثل هذه الشركة المباركة والماهرة؛ تتمثل مهارتها في طريقة إنجاز كل مهمة. لم يكن هذا في نظرنا سباقًا أبدًا، فاقترابنا من الفضاء كان ثمرة تعاوننا وجهدنا الشامل للجميع».

صُمم مسبار الأمل للحصول على صورة شاملة عن ديناميات الطقس، وهي دراسة توضح كيفية تسبب حركة الماء والهواء في أنماط الطقس كضغط الهواء وتيارات المحيط، وهي أيضًا خطوة نحو طموح أكبر بكثير: أي بناء مستوطنة بشرية على المريخ خلال المئة سنة القادمة.

إضافة إلى ترسيخ مكانتها بكونها لاعبًا إقليميًا أساسيًا، ترغب الإمارات في أن يكون المشروع مصدر إلهام للشباب العربي الذي يعيش في منطقة تعصف بها غالبًا الصراعات الطائفية والأزمات الاقتصادية.

يستخدم مسبار الأمل ثلاث أدوات علمية لمراقبة الغلاف الجوي للمريخ ويُتوقع أن يبدأ بإرسال المعلومات مرة أخرى إلى الأرض في سبتمبر 2021 لتضاف إلى البيانات المتاحة للعلماء حول العالم لدراستها.

نظرة من قرب

أرسلت البعثة الصينية تيان وين-1 Tianwen-1 أو ما يعرف بأسئلة إلى السماء Questions to Heaven صورتها الأولى لكوكب المريخ بالأبيض والأسود مظهرة ميزات جيولوجية مثل فوهة بركان شياباريلي Schiaparelli ووادي مارينز Valles Marineris وهو مساحة شاسعة من الأخاديد على سطح المريخ.

تتكون المهمة الصينية تيان وين-1 ذات الأطنان الخمسة من مركبة مدارية وأخرى للهبوط وعربة جوالة تعمل بالطاقة الشمسية ستستغرق ثلاثة أشهر لدراسة تربة الكوكب وغلافه الجوي، وأخذ صور ورسم خرائط والبحث عن علامات لوجود حياة في الماضي.

تأمل الصين أن تهبط مركبتها التي يبلغ وزنها 240 كيلوغرامًا في مايو في يوتوبيا Utopia وهو حوض ذو تأثير هائل في المريخ، وسيستمر دوران المركبة المدارية مدة عام مريخي.

لم تكن بعثة تيان وين-1 أول محاولة للصين للوصول إلى المريخ، إذ انتهت مهمة مشتركة لها مع روسيا قبل أوانها عندما فشلت مرحلة الإطلاق.

أول صورة ترسلها المهمة الصينية تيان وين-1 «إدارة الفضاء الوطنية الصينية AFP»

أول صورة ترسلها المهمة الصينية تيان وين-1 «إدارة الفضاء الوطنية الصينية AFP»

ومن المقرر أن تهبط مركبة وكالة ناسا NASA’s Perseverance على الكوكب الأحمر في 18 شباط لتصبح خامس المركبات التي تكمل الرحلة منذ عام 1997 وجميعها كانت أمريكية حتى الآن.

وهي في مهمة في مجال علم الأحياء الفلكية للبحث عن علامات على الحياة الميكروبية القديمة، وستحاول قيادة مروحية دون طيار يبلغ وزنها 1.8 كيلوغرام في عالم مختلف لأول مرة.

المركبة Perseverance قادرة على التحرك باستقلالية 200 متر في اليوم، وستجمع عينات صخرية من شأنها إتاحة أدلة لا تقدر بثمن حول إمكانية وجود حياة في أي وقت مضى على سطح المريخ.

يبلغ حجمها حجم مركبة دفع رباعية صغيرة أي ما يقارب الطن، وتمتلك كاميرات وميكروفونين يأمل العلماء بأن يكونا أول ما يسجل صوتًا على المريخ. من المقرر استمرار المهمة لعامين على الأقل.

اقرأ أيضًا:

مسبار المريخ الإماراتي.. الأول عربيًا

بعثة الإمارات العربية المتحدة إلى المريخ ستكون بحلول 2021

ترجمة: فاطمة طاهر أحمد

تدقيق: عون حدّاد

المصدر