إليكم ما يقوله العلم حول تجنب الإصابة الزكام الموسمي!

إن فيتامين سي (المعروف باسم حمض الأسكوربيك) ضروري للجسم ليؤدي جهاز المناعة عمله بصورةٍ سليمة، لذلك يتناول الكثير منا هذا المكمل الغذائي لعلاج أعراض نزلات البرد عند الشعور بالمرض، وتجنب الإصابة بها عند انخفاض درجات الحرارة في الشتاء.

لكن هل هناك دليل على فعاليته؟

إن النظرية القائلة إن فيتامين سي يحمينا من الإصابة بالزكام الموسمي جديدة نسبيًا، إذ نشرها لينوس باولينغ الحائز على جائزة نوبل في أوائل السبعينيات.

فضلًا عن أنه لم يكن يملك دليلًا قاطعًا لدعم نظريته، إلى أنه في العقود اللاحقة، حاول العديد من العلماء تحديد التأثير الدقيق لتناول فيتامين سي لعلاج أعراض نزلات البرد، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال.

إضافةً إلى ذلك، أسفرت الدراسات الحديثة عن نتائج غير واضحة، لذلك الإجابة عن سؤال (هل فيتامين سي يساعد على علاج أعراض نزلات البرد؟) قد لا تكون شافية حتى الآن.

أما السؤال الأهم، هل من الضروري تناول المكمل الغذائي المحتوي على فيتامين سي؟ سنلقي نظرة على آخر الأبحاث للمساعدة على تحديد هل الأمر يستحق ما ينفقه المريض من أموال؟ لكن من الأفضل استشارة الطبيب قبل إجراء أي تغيير على النظام الغذائي.

ما هو فيتامين سي؟

يؤدي فيتامين سي أدوارًا مهمة في أجسامنا، إذ إنه ضروري لتكوين العديد من الأنسجة المختلفة.

يقول الدكتور ايوانيس لياكاس الطبيب والمدير الطبي في شركة فاي: «يعد فيتامين سي ضروريًا؛ لإنتاج الكولاجين في الجلد، فهو البروتين الأكثر وفرةً في الثدييات، إذ يحافظ على الجلد والأنسجة المختلفة في أجسامنا صلبة ومرنة في نفس الوقت».

ويضيف: «عمومًا، يرتبط نقص فيتامين سي بضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالالتهابات، إذ يساعد حمض الأسكوربيك أيضًا في عملية إنتاج الهرمونات، واستقلاب الطاقة، ويُعد مضاد أكسدة إذ يحارب الضرر الذي يحدث بسبب الجذور الحرة، وامتصاص الحديد في الجهاز الهضمي».

هل يؤثر فيتامين سي في نزلات البرد (الزكام)؟

عندما يتعلق الأمر بتأثير فيتامين سي في نزلات البرد، تميل الدراسات إلى عرض نتائج غير واضحة.

وفقًا لمراجعة نُشرت في مجلة Frontiers in Immunology، لا توجد حاليًا توصيات سريرية تدعم استخدام مكملات غذائية عالية الجرعات من فيتامين سي؛ لتقليل خطر الإصابة بالتهاب الجهاز التنفسي لدى عامة السكان.

من جهةٍ أخرى، قد يُنصح بهذه الممارسة لمجموعات محددة (مثل الرياضيين أو العساكر) أو الأفراد الذين تظهر عليهم علامات نقص فيتامين سي، إضافةً إلى أنه قد يوصى بتناول مكملات فيتامين سي للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالتهاب شديد (مثل السمنة أو المرضى السكر أو كبار السن)؛ لأنها تساعد في تقليل شدة الالتهاب.

يقول الدكتور لياكاس: «من الجيد الحصول على مخزون كافي من حمض الأسكوربيك خلال فترة المرض، مع ذلك، هذا لا يعني أن فيتامين سي قد يمنع بصورةٍ تامة وفعالة الإصابة بنزلات البرد خلال أشهر الشتاء، إذ إنه لا توجد أدلة قاطعة لإثبات الدور العلاجي والوقائي الفعال لفيتامين سي ضد نزلات البرد».

ويضيف: «من الجدير بالذكر، أن النقص الحاد في مخزون فيتامين سي يجعل من الصعب على أجسامنا مقاومة العدوى. ما يعني أنه بمرور الوقت، قد يؤدي عدم الحصول على مخزون كافي من فيتامين سي إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض».

في الوقت نفسه، يتجادل الباحثون في مجلة لايف بأن معظم التوصيات الحالية تستند إلى دراسات شديدة الانحياز من أواخر السبعينيات.

ويزعمون أن المقالات من مجلة غاما والمجلة الأميركية للطب رفضت الدليل المُقدم لهم بأن فيتامين سي فعال ضد نزلات البرد، وأن موقفهم السلبي ساعد على تشكيل هذا الاعتقاد المتحيز لسنوات قادمة.

إذًا، ما هي أحدث التطورات العلمية فيما يتعلق بفيتامين سي ونزلات البرد وهل يمكن تزويدنا بإجابات شافية؟

هل يساعد فيتامين سي على الوقاية من الإصابة بنزلات البرد (الزكام)؟

وفقًا لمجلة Nutrients يعد فيتامين سي ضروريًا للحفاظ على سلامة الحواجز الظهارية -كل الأسطح التي تمنع الملوثات الخارجية من الدخول إلى الجسم- إذ تعد جدران الجلد والأمعاء أمثلة جيدة على الحواجز الظهارية.

يساعد فيتامين سي أيضًا على حماية الجلد من الأمراض عن طريق تقوية بنية البشرة وتعزيز قدرتها على التقاط الجذور الحرة، ويعزز قدرة الجهاز المناعي على اكتشاف وتدمير الميكروبات قبل أن تبدأ في تشكيل خطر على الصحة؛ لذا من الناحية النظرية، يحمي فيتامين سي الجسم من التهابات الجهاز التنفسي الطفيفة.

لكن وفقًا لمراجعة منهجية رئيسية لكوكرين، لا يوجد دليل قاطع على أن تناول المكملات الغذائية من فيتامين سي تقلل من حدوث نزلات البرد لدى عموم السكان.

مع ذلك، قد يكون ذلك مفيدًا للأشخاص الذين يمارسون تمارين بدنية شديدة فترات وجيزة.

تزيد التمارين المكثفة عملية الأكسدة، وعلى هذا قد يضعف ذلك الحواجز الظهارية ويزيد من فرص الإصابة بالالتهاب.

هل يساعد فيتامين سي على علاج نزلات البرد؟

وفقًا لمجلة Nutrients يساعد فيتامين سي على زيادة إنتاج وانتشار الخلايا الليمفاوية البائية والتائية.

تصنع الخلايا الليمفاوية البائية الأجسام المضادة (هي بروتينات ترتبط بالجراثيم والفيروسات)، إذ تساعد هذه العملية الجهاز المناعي على التعرف على الأجسام الغريبة للتخلص منها.

يتمثل دور الخلايا الليمفاوية التائية في تدمير الأجسام الغريبة غير المرغوب بها.

مرة أخرى، من الناحية النظرية يجب أن يساعدنا فيتامين سي على تقصير مدة وتخفيف أعراض نزلات البرد.

وفقًا لتحليل إحصائي نُشر في مجلة البحوث الحيوية الدولية؛ فإن تناول فيتامين سي قد يساعد بالفعل على تقصير مدة أعراض نزلات البرد، إضافة إلى أن المدة الزمنية اللازمة للتعافي الكلي كانت أفضل عند تناول المكملات الغذائية الحاوية على فيتامين سي مقارنةً بالعلاج باستخدام المضاد الفيروسي وحده.

تشير نتائج تحليل آخر في نفس المجلة إلى أن تناول جرعات علاجية إضافية عند بداية ظهور نزلات البرد قد تساعد أيضًا على تقصير مدة المرض، وكذلك تخفيف الأعراض مثل ألم الصدر والحمى والقشعريرة.

ما هي جرعة فيتامين سي التي تحتاجها للتمتع بصحة جيدة؟

يعتمد البديل اليومي الموصى به (RDA) لفيتامين سي على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والجنس.

وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، يجب أن تحصل النساء على 75 مليغرام من فيتامين سي يوميًا، بينما يحتاج الرجال إلى 90 مليغرام.

من جهة أخرى، يجب زيادة الجرعة المتناولة للنساء الحوامل والمرضعات اعتمادًا على أعمارهن، وقد يحتجن إلى 80-120 مليغرام يوميًا. أما الأفراد المدخنون فقد يحتاجون أيضًا إلى 35 مليغرام في اليوم أكثر من غير المدخنين.

إن فيتامين سي هو فيتامين ذائب في الماء، ما يعني أنه لا يُخزن في الجسم ويُرتشح خارج الجسم عن طريق البول.

مع ذلك، قد تؤدي الجرعات العالية من فيتامين سي إلى آثار جانبية غير مرغوب بها، إذ إن الحد الأعلى لتناول هذه المغذيات هو 2 غرام في اليوم.

اقرأ أيضًا:

عشرون نوعًا من الأغذية الغنية بفيتامين سي

ما تأثير فيتامين سي C على مناعتنا؟

ترجمة: سارا رياض الخضر

تدقيق: تسبيح علي

المصدر