ارتفعت درجة حرارة الأرض نحو نصف درجة مئوية في مئة سنة الأخيرة، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. قد لا يبدو هذا كثيرًا، لكن حتى نصف الدرجة قد تؤثر في كوكبنا، إذ ارتفع مستوى سطح البحر -وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية- ما بين 15 و20 سم، خلال ذلك الوقت.

قد يُسبب ارتفاع درجة الحرارة ذوبان بعض الجبال الجليدية العائمة، لكن ذلك لن يؤدي إلى ارتفاع مستوى المحيطات. الجبال الجليدية كتل ثلجية عائمة ضخمة، يزيح الجبل الجليدي كمية ماء تساوي وزنه كي يطفو، وهو المبدأ ذاته الذي تستخدمه الغواصات للارتفاع والغوص في الماء.

لكن قد تؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجبال الجليدية دورًا محدودًا في ارتفاع مستوى المحيط. الجبال الجليدية قطع من الأنهار الجليدية، التي تنفصل عن مساحات اليابسة، وتسقط في المحيط. قد تؤدي درجة الحرارة المرتفعة إلى تشكل المزيد من الجبال الجليدية، وذلك بإضعاف الأنهار الجليدية، ما يؤدي إلى زيادة التصدعات، ومن ثم زيادة احتمالية تكسر الجليد، فيرتفع مستوى المحيط قليلًا عند سقوط الجليد فيه.

إذا أثرت درجة الحرارة المرتفعة في الأنهار والجبال الجليدية، هل تعرض القمم الجليدية في القطبين لخطر الذوبان مسببةً ارتفاع مستوى المحيطات؟ قد يحدث هذا، لكن لا أحد يعرف متى.

القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا، اليابسة الرئيسية المغطاة بالثلج في القطب الجنوبي، تحوي نحو 90% من جليد العالم و70% من مياهه العذبة. أنتاركتيكا مغطاة بالثلج بثخانة 2133 مترًا. في حال ذوبان جليد أنتاركتيكا بأكمله، سيرتفع مستوى سطح البحر نحو 61 مترًا. لكن متوسط درجة الحرارة في أنتاركتيكا 37 درجة مئوية تحت الصفر، لذا فإن الجليد هناك ليس عرضةً للذوبان. في الحقيقة، لا تتجاوز الحرارة في معظم القارة درجة التجمد.

أما جليد القطب الشمالي فليس قريبًا من ثخانة جليد القطب الجنوبي. يطفو الجليد على المحيط المتجمد الشمالي، وذوبانه لا يؤثر في مستويات سطح البحر. تغطي كمية كبيرة من الجليد جزيرة جرينلاند، قد تضيف 7 أمتار إلى مستوى البحار حال ذوبانها. درجات الحرارة في جرينلاند أعلى منها في أنتاركتيكا، لأنها أقرب إلى خط الاستواء، وعلى هذا فإن الجليد أكثر عرضةً للذوبان.

لكن لارتفاع مستوى المحيط سبب آخر، وهو ارتفاع درجة حرارة الماء. يكون الماء في أشد حالاته كثافة عند 4 درجات مئوية، وتقل كثافته فوق هذه الدرجة أو تحتها، أي أن الوزن ذاته من الماء يشغل مساحةً أكبر. يتمدد الماء قليلًا تلقائيًا عندما ترتفع درجة حرارته الكلية، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى المحيطات.

أصدر الفريق الدولي المعني بتغير المناخ سنة 1995 تقريرًا تضمن فرضيات مختلفة لتغير مستوى سطح البحر بحلول عام 2100. وذكر أن مستوى سطح البحر قد يرتفع 50 سم، وتتراوح تقديرات الفريق بين 15 و95 سم. يأتي هذا الارتفاع من التمدد الحراري للمحيط ومن ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية.

50 سم ليس بالتغير القليل، قد يكون له تأثير كبير في المدن الساحلية، خصوصًا في أثناء العواصف.

اقرأ أيضًا:

الاحتباس الحراري يغير منظومة المحيطات

هل نتمكن من إصلاح وعكس التغير المناخي قبل فوات الأوان؟

أثر ذوبان الجليد في المناخ

ارتفاع مستوى سطح البحر يؤثر في المناطق الساحلية بصورة أكبر من المتوقع

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: حسين جرود

المصدر