بأرجله القوية، ومخالبه المستدقة خنجرية الشكل، التي بإمكانها نزع أحشائك بضربة واحدة، يعد طائر الكاسوار، الطائر الأكثر جدارة بلقب أحدث ديناصور. والمفاجأة أن هذه الطيور اللافتة للنظر، قد تكون رُبيت ودجّنت من قبل البشر، وهذا قبل الوصول إلى شكل الدواجن التقليدي.

تظهر بقايا قشور البيض، التي عمرها 18000 سنة مضت، أن البشر جمعوا بيض الكاسوار لأغراض أخرى، غير أغراض التغذية.

تقول عالمة الانثروبولوجيا من ولاية بنسلفانيا، البروفيسور دوغلاس:

«لم يكن هذا النوع من الطيور صغير الحجم. كان ضخمًا، ومزخرفًا، وهذا المفترس كان عاجزًا عن الطيران».

استقرّت هذه الطيور، آكلة الفاكهة، في أستراليا وفي غينيا الجديدة، لأن مناخها غابات استوائية مساعدة على الزراعة، عبر نشر البذور وتخصيب النبات، ومنها من يعتمد كليًا على هذه الطيور.

كما وارتبط انحدار أعداد هذا النوع من الطيور، بتضاؤل مساحات الغابات الاستوائية في أستراليا.

وجد الباحثون في كيفية إدارة البشر لمواردهم خلال الفترة الممتدة ما بين العصر الجليدي المتأخر إلى العصر الهولوسيني، في الغابات الجبلية الماطرة في بابوا غينيا الجديدة، أن البشر جمعوا بيوض تلك الطيور، أكثر من جمع الطيور الناضجة نفسها. هذه البيوض تعود لطيور الكاسوار الأقزام، إذ يبلغ وزن طائر الكاسوار البالغ منها نحو 20 كيلوغرام.

أنشأت دوغلاس وزملاؤها نموذجًا لمراحل تطور قشور البيض، اعتمادًا على المجهر ثلاثي الأبعاد لبيض النعام، وذلك لتحديد خصائصها الأساسية عبر الزمن، وذلك بعد قيامهم باختبارات ناجحة على طيور أخرى، إذ استطاعوا تطبيق هذا النموذج على أكثر من 1000 قشرة بيض كاسوار، محفوظة في المتحف الوطني ومعرض الفنون في غينيا الجديدة، فقد جمعتها عالمة الآثار النيوزيلندية سوزان بالمر.

كما قالت بروفيسور دوغلاس أيضًا: «إن معظم قشور البيض، جُمعت خلال مراحل تطورية متقدمة».

وقد توصلت في النهاية مع فريقها، إلى أن البشر في تلك الحقبة، تعمدوا جمع تلك البيوض، في مراحل تطورية متقدمة، أي في مرحلة اكتمال الأرجل والمنقار والريش والمخالب عند الأجنّة.

وقالت: «تبدو بقايا القشور متقدمة جدًا، وهذا النمط في الجمع لم يكن عشوائيًا، فإما أنهم كانوا يأكلونها عبر طهي أجنة الدجاج، وتُأكل وهي لاتزال في القشر أو أنهم انتظروا البيوض لتفقس».

وتوجد أيضًا قرائن تقترح، أن بعض البيوض قد طُهِيت وأكِلت، ولكن يبقى احتمال أنها قد فقست هو الأقرب.

تقول بروفيسور دوغلاس:
«يوجد لدينا عينات كافية من قشور البيض لمراحل متأخرة من التطور الجنيني للأجنة الكاسوار، وهي تخلو من علامات الاحتراق، ويمكن القول إنها فقست، ولم تُؤكل».

«إن هذا السلوك المشاهد، قد كان موجودًا قبل آلاف السنين الماضية، وذلك قبل القيام بعملية تدجين الدجاج».

لقد دُجّن الدجاج، من قبل البشر، قبل نحو 9500 سنة مضت، وذلك حسب الأدلة الجينية.

ويُعد تدجين البشر لطيور الكاسوار، أمرًا في غاية الأهمية، ويشكل هذا الأمر حاليًا دليلًا على تربية البشر المتأخرة للطيور.

«هذه الأدلة قد تغير المفاهيم الراسخة للتدجين جغرافيًا وتاريخيًا».

«نحن نعرف بما فيه الكفاية عن الثديات، وعن علاقة الانسان بها وتربيته لها، كالكلاب، ونحن اليوم بحاجة إلى معرفة العلاقة بين الإنسان وأنواع الطيور المختلفة».

عمومًا، تعد طيور الكاسوار خجولة، وعادةً ما تتجنب البشر، ولكنها خطيرة جدًا فيما إذا شعرت بالتهديد. وعلى الرغم من ذلك، لا زال البشر اليوم في غينيا الجديدة، يربون الطيور ويبيعونها، ويستعملون لحومها، وعظامها، وريشها وبيضها.

ويوجد أيضًا سجل تاريجي يثبت أن هذه الطيور (الكاسوار)، قد توجر بها.

وقال فريق البحث: «إن طيور الكاسوار الفتية كانت مهيئة -أو قابلة- للتأقلم مع البشر، وكان من السهل تربيتها والوصول بها إلى أحجام كبيرة».

وصل البشر إلى هذا المكان قبل نحو 42000 سنة، ومقارنة بتأثير الزراعة، وأسلوب الصيادين الجامعين، يعتقد أنه كان لهم تأثير صغير على بيئتهم.

تقترح هذه الدراسة، أن الجماعات البشرية في تلك الحقبة، والتي كانت تبحث عن المؤونة، قد تكون تكيفت مع بيئتها بطرق لا يمكن توقعها.

كما أنه من المعروف بين الأجيال، للعديد من شعوب المنطقة، التي تكون مقيدة بعادات وتقاليد مالكيها وأسلافهم، أنهم كانوا يعتمدون على الزراعة بصفة مكثفة في الأراضي الواسعة لآلاف السنين.

عالميًا، كانت معظم الطيور غير القادرة على الطيران محكومة بالانقراض، لوصول البشر إلى مواطنهم فقط، وتعد طيور الكاسوار استثناءً.

ساعد تحليل بقايا القشور، على فهم سبب انقراض الطيور غير القادرة على الطيران.

ما زالت هذه الطيور تزدهر في الغابات الممطرة الأسترالية الآسيوية، إذ تقتات على الفاكهة وتصدر أصواتًا غريبة في أثناء تنقلها.

اقرأ أيضًا:

يظهر هذا الانفوغرافيك الجينات الغريبة لاسلافنا و التي استمرت حتى يومنا هذا

اكتشاف جينة مسؤولة عن حجم الدماغ لدى البشر

ترجمة: طارق محمد

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: حسين جرود

المصدر