أشارت فرضية جديدة إلى أن توسع الكون يمكن أن يتسبب في زيادة كتلة كل الأجسام المادية، إذ تقترح دراسة جديدة أن الثقوب السوداء قد تنمو مع توسع الكون، وأنها أكبر مما توقعه علماء الفيزياء الفلكية.

تقول فرضية الاقتران الكوني الجديدة أنه مع توسع الكون بعد الانفجار العظيم خارجيًا، تنمو جميع الأجسام أيضًا، والثقوب السوداء تنمو أكثر باعتبارها من أضخم الأجسام الموجودة.

تنبثق هذه الفرضية من موجات الجاذبية في الزمكان، التي تحدث عندما ينغلق ثقبان أسودان ضخمان في المدار، ويتصادمان لولبيًا نحو الداخل. لاحظ العلماء منذ عام 2015 -في مرصد الأمواج الثقالية ليغو (LIGO) ومقياس التداخل فيرجو، المصممان لاكتشاف موجات الجاذبية هذه- العديد من عمليات اندماج الثقوب السوداء.

يجب أن يكون للثقوب السوداء كتلة أقل بمقدار 40 مرة من كتلة الشمس تقريبًا بناءً على الحجم التقديري لتوزع النجوم في الكون، ولكن البيانات المأخوذة من موجات الجاذبية هذه تظهر أن العديد من الثقوب السوداء تزيد بمقدار 50 كتلة شمسية، وبعضها يقترب من 100 كتلة شمسية.

التفسير الشائع لعدم التوافق هذا؛ هو أن الثقوب السوداء تنمو بمرور الوقت من طريق التهام الغاز والغبار والنجوم وحتى الثقوب السوداء الأخرى.

نظرًا إلى أن الثقوب السوداء تتشكل -غالبًا- بعد انفجارات نجمية عملاقة تسمى سوبرنوفا، فإن العديد من الثقوب السوداء لا تحتوي على أيٍ من هذه المواد.

عرض علماء الفلك تفسيرات أخرى، ولكنهم يقترحون تغييرات غير مرئية لفهمهم الحالي لدورات حياة النجوم، ولم يستطع أحد تفسير التنوع الهائل في حجم الثقوب السوداء المندمجة، التي اكتشفتها مراصد موجات الجاذبية.

تقترح الورقة البحثية الجديدة -التي نُشرت في 3 تشرين الثاني في المجلة الفيزيائية الفلكية- شرحًا لكتل الثقوب السوداء المدمجة الكبيرة والصغيرة؛ إن الكتل المنتفخة للثقوب السوداء ليست نتيجة ما تبتلعه، ولكنها بطريقة ما مرتبطة بتوسع الكون نفسه.

ما يعني أن جميع الثقوب السوداء في الكون، متضمنةً الثقوب السوداء المندمجة المكتشفة في تجارب موجات الجاذبية، والثقوب السوداء المتجولة في أطراف مجرتنا، وحتى الثقوب السوداء الضخمة جدًا في مراكز معظم المجرات تنمو بمرور الوقت.

اختار الباحثون تصميم نموذجين مدمجين للثقوب في كون متنامٍ لاختبار صحة فرضيتهم، بدلاً من الأكوان الثابتة التي تبنيها فرق البحث الأخرى من أجل تبسيط المعادلات المعقدة (المشتقة من نظرية أينشتاين للنسبية العامة)، التي توفر الأسس لنماذج اندماج الثقب الأسود.

يستغرق الأمر بضع ثوانٍ فقط حتى يندمج ثقبان أسودان لولبيان، لذا فإن افتراض وجود كون ثابت خلال هذا الإطار الزمني القصير كما الأعمال السابقة يبدو منطقيًا. غير أن الباحثين لا يتفقون، يقولون إنه إذا افترض العلماء وجود كون ثابت في نماذجهم، يمكنهم استبعاد التغييرات المحتملة في الثقوب السوداء على مدى مليارات السنين الموجودة قبل الوصول إلى نقطة الاصطدام.

وقال مؤلف الدراسة الأول كيفن س.كروكر، الأستاذ في قسم الفيزياء والفلك في جامعة هاواي في مانوا: «إنه افتراض يبسط معادلات آينشتاين، لأن الكون الذي لا ينمو لديه أقل بكثير لتتبعه»، وأضاف: «هنالك مقايضة، على الرغم من أن التنبؤات قد تكون معقولة فقط مدة محدودة».

تمكن الباحثون من طريق محاكاة ملايين الأزواج من النجوم (من نشأتها حتى اندثارها) من دراسة تلك المندثرة لتشكيل ثقوب سوداء مقترنة وربط مقدار نموها بما يتناسب مع توسع الكون. بعد مقارنة بعض التنبؤات استنادًا إلى نموذج الكون الذي ازداد مع بيانات فيرجو وليغو، تفاجأ الباحثون برؤيتها متطابقة جيدًا.

قال المؤلف المشارك جريجوري تارلي، أستاذ الفيزياء في جامعة ميشيغان: «علي الاعتراف: في البداية، لم أكن أعرف ما أفكر فيه. لقد كانت فكرة بسيطة، ولقد فوجئت أنها نجحت بصورة جيدة».

قد تبدو الفرضية غريبة، ولكن الاقتران الكوني موجود في مكان آخر في الفيزياء الفلكية. ولعل أشهر مثال على ذلك هو (الانزياح الأحمر)، إذ يمتد ضوء الأجسام المتحركة بعيدًا إلى أطوال موجية أطول (وبالتالي حمراء).

هذا يعني أنه مع توسع الكون وابتعاد النجوم عن بعضها بعضًا، تصبح جسيمات الضوء أو الفوتونات، التي تصدرها النجوم أكثر احمرارًا بمرور الوقت، وتفقد طاقتها في أثناء ذلك. يقال إن طاقة الضوء مقترنة من الناحية الكونية بتوسع الكون.

إذا كان الباحثون على حق، فهذا يعني أن الشيء ذا الكتلة يكبر، الشمس والنجوم النيوترونية والكواكب وحتى البشر. طبعًا، سيكون هذا الاقتران أضعف بكثير بالنسبة لنا من الثقوب السوداء.

قال كروكر للايف سينس: «ينطبق الاقتران الكوني على الأجسام والمواد الأخرى في الكون، ولكن قوة الاقتران ضعيفة جدًا، إذ لا يمكنك رؤية آثارها»، وأضاف: «بالنسبة لأنواع الثقوب السوداء التي افترضناها، قد يكون الاقتران أكبر بمليون مرة مما تتوقعه من لب الشمس. قد تضطر إلى الانتظار مئات الملايين من السنين لمضاعفة كتلتك بالنسبة لهذه الأنواع من الثقوب السوداء».

يقول كروكر: «قد لا تكون أكثر من فكرة مثيرة للاهتمام في الوقت الحالي، ولكن نظرًا إلى أن أجهزة الكشف عن موجات الجاذبية أصبحت أكثر استشعارًا بمرور الوقت، ستتوفر المزيد من البيانات لاختبار الفرضية».

ويضيف: «التحسينات المخططة لليغو وفيرجو، إضافةً إلى البيانات التي ستجمعها خلال السنوات المقبلة، ستشرح العديد من عمليات اندماج الثقوب السوداء».

«كلما جُمِعَ المزيد من البيانات، زادت قوة اختبار فرضيتنا. قد تسمح لنا تجارب موجات الجاذبية الفضائية، مثل LISA (هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي)، برؤية الكسب الكتلي مباشرةً في الأنظمة الوحيدة».

اقرأ أيضًا:

أشعة جاما الغامضة يمكن أن تنشأ من الثقوب السوداء النائمة

لماذا لا تبتلع الثقوب السوداء الفضاء بأكمله؟

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: دوري شديد

مراجعة: حسين جرود

المصدر