يبدو أن نظامًا نجميًا عادي المظهر، يكاد يكون مرئيًا في سماء الليل، قد يحظى بمستقبل مشرق في جعبته، حتى إن بعضنا قد يكون حاضرًا لرؤيته في حال كانت تنبؤات علماء الفلك صحيحة.

النجم الثنائي ڤي ساچيتاي (V Sge)، ضعيف جدًا حاليًا لدرجة أنه من الصعب إيجاده هناك، حتى لو استخدمنا تلسكوبًا متوسط الحجم. لكن قد يتغير كل ذلك في العقود القليلة القادمة حين يُسحب النجم إلى قزم أبيض قريب.

يعتقد الخبراء في جامعة ولاية لويزيانا أن هذا الزوج الفلكي الضعيف مقدر له أن يصبح النجم الأكثر إضاءة في مجرة درب التبانة بدرجة تفوق حتى سيريوس، وهو النجم الذي يحتل المرتبة الأولى حاليًا، ولمدة 60 عامًا على الأقل، من المقرر أن يخلق الاندماج التدريجي للنجم مع مرافقه القزم انفجار العمر، وليس ذلك بالأمر البعيد.

قال عالم الفيزياء الفلكية من جامعة ولاية لويزيانا برادلي شيفر: «سيرتفع معدل تراكمه كارثيًا في العام 2083 تقريبًا، مسرّبًا الكتلة إلى القزم الأبيض بمعدلات مرتفعة للغاية، مع اشتعال هذه المادة بعيدًا. سوف تتدفق كتلة النجم المرافق بأكملها إلى القزم الأبيض في الأيام الأخيرة من دوامة الموت هذه، مُحدثة رياحًا هائلة من النجم المندمج تبدو بإشراق سيريوس، ربما حتى بإشراق كوكب الزهرة».

في الواقع، يعتقد الباحثون أنه قد ينتهي الأمر بهذا الانفجار ليكون المستعر الأكثر إشراقا على الإطلاق، تقريبًا بدرجة إشراق المستعر الأعظم. كانت آخر مرة شهد فيها العالم شيئًا بهذا التطرف منذ ما يزيد عن قرن مضى، ويختلف نظام نجم V Sge عن الانفجار السابق هذا بعدة نواح.

تُعد الأقزام البيضاء -بمفردها- مجرد جمر لنجوم محتضرة محكومة بالاشتعال حتى الفناء. لكنها قادرة على سرقة وقود كاف من مجاورتها لتصمد عندما تكون في نظام ثنائي مع نجم مرافق قريب مثل V Sge، ولكن لفترة وجيزة فقط.

يشبه الأمر المستعر التقليدي الذي يحدث عندما يسخِّن نجم قريب سطح الأقزام البيضاء حتى يتحقق الاندماج النووي الجامح، لكنه ليس مثله بالضبط. بدلًا من ذلك، تُعرف ما تسمى بمُستعرات الأقزام مثل V Sge بالمتغيرات الكارثية أو CVs، وتنشأ عندما يقع نجم عادي ببطء في قزم أبيض ضمن مدار ثنائي. يوجد على الأرجح ما يزيد عن مليون متغير كارثي في المجرة بأكملها، لكن علماء الفلك يقولون إن V Sge هو المتغير الكارثي الأكثر تطرفًا الذي شهدناه حتى الآن، إذ إنه مضيء أكثر من جميع الأمثلة المعروفة الأخرى بنحو مئة مرة تقريبًا.

يعود ذلك غالبًا إلى حجم النجم المرافق الهائل الذي يبلغ أربعة أضعاف حجم القزم الأبيض الجائع الذي يلتهمه. قال شيفر: «يكون القزم الأبيض أكثر ضخامة من النجم العادي الذي يدور حوله في جميع أنواع المتغيرات الكارثية الأُخرى، لذا يُعد V Sge فريدًا تمامًا من نوعه».

وضع الفريق تاريخًا مفصلًا للنجم يعود إلى تسعينيات القرن التاسع عشر، وذلك بعد قياس إشراق V Sge في صور السماء القديمة المحفوظة في مرصد جامعة هارفارد.

بالنظر إلى هذا الإطار الزمني، يبدو أن V Sge يتصاعد نحو النجم القزم بسرعة أكبر مما ظننا، ويقترب أكثر من أي وقت مضى من انتقال كتلة ضخم قد يكون شديد الانفجار. نظرًا إلى حجمه الكبير للغاية، قدّر المؤلفون أن جميع غاز V Sge تقريبًا يجب أن يسقط في النجم القزم خلال الأسابيع والأيام القليلة الأخيرة من الاندماج، مسببًا رياحًا نجمية أكبر من أي شيء شوهد من قبل.

قال عالم الفلك من جامعة ولاية لويزيانا يوهان فرانك: «يكتسب V Sge إضاءة هائلة في إطار زمني مضاعف يبلغ 89 عامًا. لا يمكن أن يحدث هذا الإشراق إلا بارتفاع معدل سقوط الكتلة من النجم المرافق المتصاعد بصورة هائلة، لأن المدار الثنائي يتصاعد بسرعة في نهاية المطاف».

نظرًا إلى عدم اليقين بالتاريخ النهائي لهذا المستعر المدهش، يعتقد الفريق أن النجمين سوف يندمجا في وقت ما بين عامي 2067 و2099، ما يعني أن بعضنا قد يراه بأم أعيننا. قال شيفر: «الآن بإمكان الناس حول العالم معرفة أنهم سوف يرون نجمًا ضيفًا عجيبًا يلمع في السماء بإشراق لا مثيل له مدة شهر أو قرابة ذلك، ويشار إليه بالسهم الموجود أسفل مركبة سيغنوس الفضائية مباشرة».

اقرأ أيضًا:

هل يحتوي الكون على أربعة أبعاد فقط؟

ماذا وُجد قبل الانفجار العظيم؟ هل كوننا الحالي ناتج عن كون سابق؟

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: آلاء رضا

مراجعة: نغم رابي

المصدر