على الرغم من أن فكرة الواقع ثلاثي الأبعاد ليست فكرة واضحة، فإن هناك تطبيقات لاستكشاف نظرية تُعرف باسم «الازدواجية ثلاثية الأبعاد» باستخدام الحوسبة الكمومية.

تقترح الفكرة نظرية الجسيمات والجاذبية. رغم أنها لا تتوافق مع الطرق التقليدية لأن نظرية الجسيمات تصف الأشياء في بعدين فقط بينما تصف نظرية الجاذبية الأشياء في ثلاثة أبعاد؛ فإنها متوافقة رياضيًا، ويمكن تصور منحنى الزمكان نسيجًا ثنائي الأبعاد تتمثل قوته بالانحناء لأعلى أو لأسفل.

تهدف الازدواجية ثلاثية الأبعاد في حالات الجاذبية الشديدة مثل الثقب الأسود؛ إلى تصور الكون بأنه إسقاط ثلاثي الأبعاد للجسيمات قد يكشف عن الجزء الداخلي للثقب الأسود، كإسقاط للجسيمات المرسومة على نسيج منحنى الزمكان.

حلل فريق من الباحثين الازدواجية ثلاثية الأبعاد بواسطة الحوسبة الكمومية والتعلم العميق، لاكتشاف نماذج مصفوفة الكم، وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة PRX Quantum فإن أدنى حالة طاقة من المشاكل الرياضية المتعلقة بالفكرة تقربنا خطوة للكشف عن الجزء الداخلي للثقوب السوداء.

يمكن أن يكون هذا البحث عند بعض العلماء خطوة لتوسيع نطاق الإسقاط الثلاثي للجسيمات في مجال الجاذبية الكمي، ملمّحين إلى أول نظرية موحدة في العالم لكل شيء.

قد تساعدنا الحوسبة الكمومية في حل نظريات الجسيمات

يقول إنريكو رينالدي -عالم أبحاث مقيم في طوكيو استضافه مختبر فيزياء الكم النظري ضمن مجموعة الأبحاث الرائدة في معهد ريكين لأبحاث العلوم الطبيعية في واكو اليابانية- في بيان صحفي: «إن هذا البحث يقترب من الإجابة على سؤال أبدي. بحسب نظرية النسبية العامة لا توجد جسيمات، وإنما هناك فقط زمكان، وفي النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات لا توجد جاذبية، بل هناك جسيمات فقط. يُعد الربط بين النظريتين المختلفتين قضية عالقة في الفيزياء، وهو أمر ما يزال العلماء يسعون لحله منذ القرن الماضي».

نماذج المصفوفة الكمية للدراسة هي تمثيلات معقدة لنظرية الجسيمات، وبما أن الازدواجية ثلاثية الأبعاد تشير إلى أن نظرية الجاذبية ونظرية الجسيمات هما معادلتان رياضيتان، فإذا تمكن العلماء من حل هذا النوع من نموذج المصفوفة بواسطة الحوسبة الكمومية، فقد يكتشفون معلومات عن الجاذبية التي ظلت لغزًا محيرًا منذ ما يقارب القرن.

استخدم رينالدي وزملاؤه في الدراسة نموذجين لمصفوفتين يمكن حلهما تقليديًا، لكن ما تزالان تحتفظان بالسمات الرئيسية لنماذج المصفوفات المستخدمة لوصف الثقوب السوداء، من طريق الازدواجية ثلاثية الأبعاد.

يقول رينالدي، وهو أيضًا عالم أبحاث في قسم الفيزياء بجامعة ميتشيغان: «نأمل -بواسطة فهم خصائص نظرية الجسيمات بالتجارب العددية- أن نفهم شيئًا عن الجاذبية، ولكن لسوء الحظ، ما يزال حل نظريات الجسيمات أمرًا صعبًا، ومن الممكن أن تساعدنا فيه أجهزة الكمبيوتر».

نظرية موحدة في الفيزياء

نماذج المصفوفة في الأساس هي مجموعات من الأرقام تمثل الأشياء في نظرية الأوتار، تتكون من جسيمات موجودة على هيئة سلاسل أو أوتار أحادية البعد. يبحث العلماء -بواسطة حل نماذج المصفوفة التي تستخدم هذه الأوتار- عن طريقة لتمثيل أدنى حالة طاقة في النظام تسمى (الحالة الأرضية). يحتفظ النظام بشروطه الأولية في هذه الحالة حتى يضيف شخص أو شيء ما قوةً من نوعٍ ما لتعطيله.

يضيف رينالدي: «من المهم أن نفهم كيف تبدو الحالة الأرضية لأنه يمكننا حينها صنع أشياء منها، ولكن العثور عليها من بين جميع الحالات الممكنة يمثل مهمة صعبة للغاية لذلك نستخدم الطرق العددية».

نجح الباحثون في النهاية في اكتشاف الحالة الأرضية لكلا المصفوفتين المدروستين، لكنهم أكدوا على الكلفة الباهظة لتقنية الحوسبة الكمومية الحالية، وأننا بحاجة إلى المزيد من التطور للانتقال إلى الخطوة التالية: تطوير نظرية الجاذبية الكمومية عبر فكرة الازدواجية ثلاثية الأبعاد.

إذا استمر تطور أجهزة الحوسبة الكمومية، وأُجريت المزيد من العمليات الحسابية بتكاليف أقل، فقد يكون رينالدي وفريقه قادرين على الكشف عما يحدث داخل الثقوب السوداء، وراء أفق الحدث، وهي المنطقة المحيطة مباشرة بالثقب الأسود، حيث لا يستطيع الضوء ولا الوقت أن يفلتا من قوة الجاذبية الهائلة.

يمنع أفق الحدث من الناحية العملية جميع عمليات الرصد التقليدية التي تعتمد على الضوء. ولكن يأمل الفريق في أن يحرز المزيد من التقدم ليس لإلقاء نظرة خاطفة داخل ثقب أسود، بل لوضع ما حلم به علماء الفيزياء منذ أيام آينشتاين: «نظرية موحدة للفيزياء».

اقرأ أيضًا:

ما هي الحوسبة الكمومية؟

قانون نيفين في الحوسبة الكمومية

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر