جمع الباحثون تأثير كازيمير وتأثير الموّصلات الفائقة في الوقت ذاته وفي المكان ذاته، إذ يُعتبران من أغرب الظواهر في فيزياء الكم، ولم يكن جمعهما معًا شيئًا ممكنًا من قبل.

وجرت التجربة بوضع سلكين بالقرب من رقاقةٍ دقيقةٍ تُسمى بالشريحة المجهرية.

وهكذا سيتمكن العلماء أخيرًا من اختبار بعض الفرضيات الحاليّة حول الجاذبية الكميّة، وهي تعني أنّ القوى الكميّة تستطيع تفسير قوّة الجاذبية.

وقد طوّر باحثون من جامعة ديلفت للتكنولوجيا في هولندا تصميمًا جديدًا لمستشعرٍ للحصول على سلكين قريبين من بعضهما البعض عند درجات الحرارة المنخفضة جدًا، وهي درجات الحرارة اللازمة لتحويل المعادن إلى موصلاتٍ فائقةٍ.

يقول الباحث سايمون جروبلاخر: «تحتوي الأسلاك على ثقوبٍ في الوسط تعمل كحساسٍ بصريٍّ، ويمكن التقاط ضوء الليزر من خلال طولٍ موجيٍّ معين».

وأضاف: «ويمكننا استخدام هذا الضوء لقياس التحرّك الصغير بين الأسلاك، ما يعني أنّه من الممكن قياس القوى المطبقة في أيّ درجة حرارة».

يفترض تأثير كازيمير أنّ الأجسام القريبة جدًا من ببعضها تُدفع عبر (جسيمات الفراغ)، وهي جسيمات توجد حتى في الفراغ حسب ميكانيك الكم.

و بسبب تأثير كازيمير؛ لا يمكن تجميع تلك الأسلاك بشكلٍ وثيقٍ معًا على رقاقةٍ صغيرةٍ، وتم إثبات هذا التأثير عدة مراتٍ لكن هذه أول مرةٍ نراه مع الموصلات الفائقة.

وتصف الموصلات الفائقة الطريقة التي تقوم بها بعض المواد -بما في ذلك الألمنيوم والرصاص- بنقل الكهرباء دون أيّ مقاومةٍ في درجات الحرارة المنخفضة للغاية.

إنّ المزيج الجديد من هذين التأثيرين على رقاقةٍ واحدةٍ أمرٌ مثيرٌ للعلماء الذين يرغبون في التعمق أكثر في فهم الأفكار الغريبة في فيزياء الكم.

واستخدم فريق البحث زوجًا من أسلاك التوصيل الفائقة من الألمنيوم لاختبار فرضياتٍ مختلفةٍ من المجال الكموميّ مثل الجاذبية الكميّة.

يقول الباحث ريتشارد نورتي: «يمكننا دحض إحدى نظريات الجاذبية الكميّة غير المحتملة والمثيرة للجدل، والتي تنبأت بوجوب رؤية تأثيرٍ قويٍّ شبيهٍ بكازيمير؛ بسبب حقول الجاذبية التي تتدفق من الموصلات الفائقة».

لم يُقَس هذا التأثير من خلال الحساسات الحاليّة، وهذا يعني إذا كان هنالك تأثيرٌ مشابهٌ لتأثير كازيمير للجاذبية فإنّه ليس بنفس القوّة التي كان يعتقدها العلماء في السابق، والكثير من الاكتشافات المماثلة الأخرى يمكن أن تكون على الطريق ذاته.

ويسعى الباحثون إلى ضبط حساسية أجهزتهم، وربما يقومون أيضًا بإنشاء نسخةٍ عالية الحرارة.

تعمل فيزياء الكم على حواف فهمنا العلميّ وحدود الفيزياء الكلاسيكيّة، والأجهزة المبتكرة كهذه وغيرها ستكون مهمةً في استكشاف التأثيرات الكميّة بشكلٍ أوسع.

وأشار الباحثون إلى أنّ التقنيات المتطورة توفر إمكانياتٍ جديدةٍ للإجابة على الأسئلة الفيزيائية الأساسيّة التي كانت بعيدةً عن التجارب التقليديّة.


  • ترجمة: أحمد طريف المدرس
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر