حصلنا في هذا العام على قياس أصغر كتلة لجسيم نيوترينو باستخدام نظائر الهيدروجين المتحللة. حدد الفيزيائيون حدًّا أعلى لكتلة الإلكترون مضاد النيوترينو (الجسيم المضاد للنيوترينو يحمل شحنة محايدة تنتج عن تحلل بيتا وهو تحلل يحدث لبعض الأنوية الذرية)، وهي 0.8 إلكترون فولت فقط عبر قياس توزع الطاقة للإلكترونات المنبعثة في أثناء تحلل بيتا للتريتيوم.

مع أننا لا نملك قياسًا دقيقًا فإن تصغيره إلى 1.6×10^-36 كيلوغرام في الكتلة المترية هو رقم صغير جدًا يساعدنا على فهم هذه الجسيمات الغريبة ودورها في الكون وتأثيرها في نظريات الفيزياء الحالية، وقد حُقِقَت هذه النتيجة في تجربة كارلسروه نيوترينو التريتيوم في ألمانيا.

كتب الباحثون في ورقتهم البحثية التي نُشرت في فبراير 2022: «وصلنا في تجربة كاترين في قياس كتلة نيوترينو الثانية إلى مرتبة إلكترون فولت، فقد تحسنت النتائج بالمقارنة مع أول مرة إلى مرتبة ميكرو فولت … يعد النيوترينو من الجسيمات الغريبة دون الذرية المتوفرة كثيرًا في الكون، وهي شبيهة بالإلكترونات ولكنها دون شحنة وكتلة تقريبًا، ما يعني أنها نادرًا ما تتفاعل مع المواد العادية ويوجد المليارات منها في جسم الإنسان لهذا تسمى الجسيم الشبح».

توجد عدة طرق لاكتشافها رغم صعوبة ذلك، مثل كاشف تشيرنكوف الذي يكتشفها بصورة غير مباشرة، إذ يلتقط تأثير نيوترينو بدلاً من النيوترينو نفسه، ما يعني أن قياس كتلته الصغيرة القريبة من الصفر هو تحدٍّ صعب جدًا، ولكن إذا تمكن العلماء من قياس ذلك فسنعلم الكثير عن كوننا، ولكن لسوء الحظ من غير الممكن القيام بذلك الآن.

تستغل تجربة كاترين تحلل بيتا للنظير المشع غير المستقر للهيدروجين (التريتيوم) لقياس كتلة نيوترينو. يتحلل غاز التريتيوم إلى هيليوم وإلكترون وإلكترون مضاد نيوترينو داخل حجرة بطول 70 متر، وتتأكد صحة النتائج بمقياس ضخم وحساس.

من الصعب قياس نيوترينو نظرًا لكونها جسيمات شبحية، لكن علماء الفيزياء متأكدون من أن الجسيم والجسيم المضاد لهما نفس الكتلة والطاقة، لذلك إذا قيست طاقة الإلكترونات نحصل على طاقة نيوترينو، وهي الطريقة التي استخدمها الفريق للحصول على الحد الأعلى البالغ 1 إلكترون فولت لكتلة نيوترينو في عام 2019.

زاد الفريق عدد جزيئات التريتيوم المتحللة لتحسين النتائج، إضافة إلى طرق لتقليل التلوث من أنواع أخرى من التحلل الإشعاعي ما أعطى دقة في النتائج.

قال الفيزيائيان ماغنوس شلوسر من معهد كارلسروه للتكنولوجيا وسوزان ميرتنز من معهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا: «كان هذا العمل الشاق والمعقد هو الطريقة الوحيدة لاستبعاد الانحرافات المنهجية بسبب العمليات المشوهة، ونحن فخورين بالفريق الذي عمل بجد من أجل الحصول على نتائج جيدة».

تمثل النتيجة التي حصلنا عليها المرة الأولى التي انخفض فيها قياس نيوترينو الى دون 1 إلكترون فولت، وهي نتيجة مهمة، فرغم عدم دقتها ستسمح للعلماء بتحسين نماذج الفيزياء الخاصة بالكون، وفي الوقت نفسه سيستمر التعاون في محاولة قياس كتلة نيوترينو بطريقة أفضل.

قال الباحثون: «ستستمر قياسات كتلة نيوترينو حتى نهاية عام 2024، ولاستغلال كل الإمكانات المتاحة لهذه التجربة الفريدة سنزيد باستمرار إحصائيات أحداث الإشارة مع تطوير أو تثبيت التحديثات باستمرار لتقليل المعدلات الطبيعية … وصلنا في تجربة كاترين في قياس كتلة نيوترينو الثانية إلى مرتبة إلكترون فولت بالمقارنة مع أول مرة فقد تحسنت النتائج الى مرتبة ميكرو فولت».

اقرأ أيضًا:

لماذا يطارد الفيزيائيون أغرب الجسيمات الشبحية أو النيوترينوات ؟

رصد الجسيمات الشبحية النيوترينوات من حطام نجم ممزق

ترجمة: عمر أحمد حمدان

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر