حين بدأت السيدة توري فوليس (Tori Foles)، زوجة لاعب نادي فلادلفيا إيجيلز لكرة القدم نيك فوليز (Nick Foles)، الشعور بأعراض دوار وغثيان وتعب، أخبرها الطبيب بأنه من الممكن أنها تعاني من أعراض قلق واكتئاب. طبيب آخر أخبرها أنها ربما تعاني من عدوى فيروسية. ولكن كل ذلك تغيّر حين اكتشف أنها كانت تعاني من حالة غامضة تؤثّر على تدفق الدم في الجسم تسمّى متلازمة تسارع نبضات القلب الانتصابي (postural orthostatic tachycardia syndrome – POTS) أو متلازمة «بوتس».

وفي تصريح لـ(سي إن إن) قالت توري فوليس: «أخبروني بأنني مصابة بفيروس، لكنّي لم أسمع مسبقًا بمرض فيروسي يسبب الدوار طوال الوقت. حتى أنني لم أستطع النهوض من على سريري في كثير من الأحيان». وكانت قد تحدثت مؤخرًا في اجتماع لمنظمة ديسأتونوميا (خلل الوظائف اللاإراديّة) الدولية، وهي منظمة غير ربحية تركز أبحاثها حول متلازمة بوتس.

متلازمة بوتس هي عبارة عن خلل في النظام العصبي اللاإرادي، وهو النظام العصبي المسؤول عن التحكم بالوظائف اللاإرادية، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم والهضم.

وبحسب مركز المعلومات للمعهد الوطني للصحة الوراثية والأمراض النادرة (GARD)، فإنّ أهم ما يميِّز متلازمة بوتس ما يمكن تسميته بـ«بالتحسس من الانتصاب (الوقوف على القدمين)»، أي تظهر الأعراض حين يغيِّر الشخص وضعية الجلوس أو الاستلقاء إلى وضعية الانتصاب وقوفًا. ويصف المركز قائلًا: «فِي حالة الناس المصابون بمتلازمة بوتس، يقلّ تدفق الدم العائد إلى القلب حين يغيرون وضعية الاستلقاء إلى وضعية الوقوف». وتضيف منظمة ديسأتونوميا الدولية: «يزداد معدّل ضربات القلب بـ٣٠ دقة في الدقيقة وخلال ١٠ دقائق من الوقوف».

يؤدّي الخلل في الدورة الدموية هذا إلى أعراض يمكن أن تتضمن دوار وإغماء، خفقان في القلب، صداع، ضبابية الرؤية، أعراض معويّة كغثيان أو انتفاخ في البطن أو إمساك أو إسهال، ضيق في التنفس وتعب.

ويقدّر مركز (GARD) إصابة مليون إلى ٣ مليون أمريكي بمتلازمة بوتس، والذي يصيب غالبًا النساء تحت عمر ٣٥ سنة. وفِي تقرير لـ(سي إن إن)، أن المتلازمة يصعب تشخيصها، إذ أشارت دراسة إلى أن المرضى يذهبون إلى حوالي سبعة أطباء خلال أربع سنوات في المعدل قبل أن يُشخَّصوا بمتلازمة بوتس.

وبحسب الـ(سي إن إن) أن العديد من مرضى متلازمة بوتس يُشخصون خطأً على أنهم مصابون بحالة نفسيّة قبل أن يشخصوا بالمتلازمة. دراسة في المملكة المتحدة وجدت أن خمسين في المائة مرضى متلازمة بوتس شُخِّصوا مسبقًا بأنها مشاكل نفسية وهي المسؤولة عن ظهور الأعراض. ويعود السبب للتشخيص الخاطئ ربما لأن كثيرًا من مرضى متلازمة بوتس يافعون، ويتمتعون بصحة جيدة قبل ظهور الأعراض، ولأن ٨٠٪ من المرضى نساء، واللاتي يكنَّ عرضة أكثر للاكتئاب.

فوليس التي شخصت بالمتلازمة عام ٢٠١٣ في عمر ٢٣ سنة، كتبت في مدونة لها أنها استاءت بالبداية حين ظنّ العديد من الأطباء أن الأعراض لديها متعلقة بحالة قلق أو اكتئاب.

وكتبت فوليس في المدونة: «لن أنسى أبدًا حين نظر إليّ أحد الأطباء في مكتبه وقال لي: “أنتِ يافعة، وبصحة جيدة، وحالتك مثالية. هل عانيت من اكتئاب أو قلق؟” كنتُ مشوشة ومستاءة. ليس هناك أسوأ من أن يخبرك أحدهم أنك بصحة جيدة، ولكنك تعاني من حالة نفسية سيئة. يحتاج الأطباء إلى أن يتعلموا أكثر حول هذا المرض، ويحتاجون للبحث أكثر حين يأتي إليهم مريض يشكو من هذه الأعراض».

بحسب مركز (GARD)، لا يعرف السبب لمتلازمة بوتس، ولكن يمكن أن تتجلى الأعراض عند التعرض لحوادث معينة، كالحمل مثلًا، أو عمليات جراحية كبرى أو نزيف أو مرض فيروسي.

يضيف مركز (GARD) أنّه لا يوجد علاج واحد لمتلازمة بوتس، لكن بعض المرضى يلاحظون تحسنًا في أعراضهم من خلال تغييرات في نمط معيشتهم، والتي تهدف إلى زيادة ضغط الدم وكميته. وهذه التغييرات تتضمن إضافة الملح للطعام، وشرب سوائل إضافية، وتجنّب العادات التي من الممكن أن تزيد من سوء الأعراض، كتناول الكحول والكافيين. كما أن بعض الأدوية المحددة ممكن أن توصف، مثل دواء الفلودروكورتيزون -نوع من الأسترويدات- أو دواء ميدودرين، وهو دواء لمعالجة ضغط الدم المنخفض.


  • ترجمة: لبيد الأغبري
  • تدقيق: صهيب الأغبري
  • تحرير: إيناس الحاج علي
  • المصدر