تتضمن مغالطة التركيب تعميم صفات جزء من جسم أو مجموعة على باقي الأجزاء، وهي شبيهة بمغالطة التقسيم من حيث الفكرة، ولكنها تعمل في الاتجاه المعاكس.

تفترض مغالطة التركيب أن امتلاك كل «جزء» لسمة ما تجعل «الكل» ممتلكًا لهذه السمة تلقائيًا. وهي مغالطة، فليس كل ما هو صحيح حول جزء ما من الموضوع صحيح عن الموضوع كله بالضرورة، ناهيك عن صحته في المجموعة الكاملة التي ينتمي إليها الموضوع.

من المهم ملاحظة أن مغالطة التركيب تشبه مغالطة التعميم المتسرع، ولكنها ليست نفسها، فالأخيرة تفترض أن شيئًا ما ينطبق على المجموعة كلها بناءً على فحص عينة صغيرة أو عينة لا نمطية أصلًا، وهو أمر مختلف عن الافتراض الخاطئ اعتمادًا على سمة تشترك فيها كل الأجزاء -أو أعضاء المجموعة- حقًا.

الصيغة العامة لمغالطة التركيب:

من الممكن ملاحظة مغالطة التركيب عند رؤية الصيغة التالية:

تمتلك كل أجزاء أو عناصر «شيء ما» الصفة «الفلانية»، لذلك يمتلك «الشيء بكامله» الصفة «الفلانية» نفسها.

ومن الأمثلة الواضحة لهذه المغالطة:

لأن الذرات التي تكون الفلس لا تُرى بالعين المجردة، فالفلس نفسه لا بد ألا يُرى بالعين المجردة.

لأن كل مكونات هذه السيارة خفيفة وسهلة الحمل، فلا بد أن تكون السيارة نفسها خفيفة وسهلة الحمل.

لا يعني هذا أن ما هو صحيح بخصوص الأجزاء لا يمكن أن يكون صحيحًا بخصوص الكل؛ فمن الممكن أن يصرح المرء بعبارة تشبه في شكلها صيغة مغالطة التركيب، ولكنها صحيحة حقًا، ولا تُعد مغالطة، ومثال ذلك:

لأن للذرات التي تُكوّن الفلس كتلة، فالفلس نفسه لا بد أن يمتلك كتلة.

لأن كل مكونات هذه السيارة بيضاء، فلون السيارة نفسها لا بد أن يكون أبيض.

خصائص الحجج:

إذن، لم يصح قول العبارتين عن كتلة الفلس ولون السيارة أعلاه، ولا تصح محاجتا رؤية الفلس ووزن السيارة؟ يتلخص الجواب بأن مغالطة التركيب ليست مغالطة صورية، فعلى المرء أن يتفحص مضمون الحجة بدلًا من صيغتها، فإن دققت في المضمون ستجد شيئًا مميزًا يتعلق بالخصائص أو الصفات المستعملة.

من الممكن تعميم صفة من صفات الأجزاء على الكل حين يكون وجود هذه الصفة في الأجزاء سببًا لتكون صحيحة في الكل، ففيما يتعلق بكتلة الفلس، يمتلك الفلس كتلةً لأن الذرات التي يتألف منها تمتلك كتلة، وفيما يتعلق بلون السيارة، فهي بيضاء لأن مكوناتها بيضاء، فصفة الكل سببها صفة الأجزاء.

هذه مقدمة غير مذكورة في الحجة تعتمد على معرفتنا المسبقة عن العالم، مثلًا: نعلم أن أجزاء السيارة قد تكون خفيفة، ولكن جمع هذه الأجزاء معًا سيجعل الكل (أي السيارة) ثقيلة جدًا وصعبة الحمل. فلا يمكن جعل السيارة خفيفة وسهلة الحمل بجمع مكوناتها الخفيفة سهلة الحمل فقط، وأيضًا لا يمكن أن نجعل الفلس خفيًا لأن ذراته خفية فقط.

حين يعرض شخص ما حجةً تشبه الحجج الواردة أعلاه، وتشك في مدى صحتها، عليك أن تتفحص مقدمة الحجة واستنتاجها بعناية، وقد تحتاج إلى طلب توضيح العلاقة الضرورية بين الصفة المميزة للأجزاء وبين انطباقها على الكل.

تمييز مغالطة التركيب:

يمكن أن نذكر أمثلةً أخرى -أقل وضوحًا- لمغالطة التركيب لنتعرف أكثر على هذه المغالطة:

لأن كل عضو في فريق البيسبول هو الأفضل في مركزه، فالفريق نفسه لا بد أن يكون الأفضل.

لأن السيارات تُلوث البيئة أقل من الحافلات، فلا بد أن يُسبب استخدام السيارات مشكلة تلوث أقل للبيئة مقارنةً باستخدام الحافلات.

في النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر، يجب على كل فرد من أفراد المجتمع التصرف بطريقة تزيد من مكاسبه الاقتصادية الخاصة، لذلك سيحقق المجتمع -بصفته الكلية- أقصى منفعة اقتصادية ممكنة.

تساعد هذه الأمثلة على توضيح الفرق بين المغالطات الصورية والمغالطات غير الصورية، فلا يمكن تمييز الخطأ -في حالة المغالطة غير الصورية- فور النظر إلى بنية الحجة، بل يجب التمعن في مضمون الادعاء، وعندئذ يُصبح من المستطاع رؤية أن المقدمات غير كافية لتوضيح حقيقة الاستنتاجات.

وظائف أرسطو البشرية:

ارتكب الفلاسفة مغالطة التركيب، حتى المشهورين منهم، وهذا مثال من كتاب أرسطو (الأخلاق النيقوماخية):

«هل وُلد الإنسان بلا وظيفة؟ أم مثلما للعين واليد والقدم وكل أعضاء الجسم -عمومًا- وظيفة، يستطيع المرء أن يقول أن للإنسان وظيفة منفصلة عن كل هذه الوظائف؟».

هنا يُجادل أن لا بد أن تكون للشخص «وظيفة عليا» أو «دورًا مهمًا» ما دامت لأجزائه (أعضائه) وظائف عليا (أدوار مهمة)، ولكن الناس وأعضاءهم ليسوا متناظرين بهذا الشكل؛ فمثلًا ما يُعرّف عضو الحيوان هي الغاية التي يخدمها (أي وظيفته)، ولكن هل يجب أن يُعرف الكائن الحي (بكليّته) بهذه الطريقة أيضًا؟.

حتى لو افترضنا للحظة أن الناس يمتلكون «وظائف عليا» حقًا، فليس من الواضح أن تكون وظيفتهم مماثلةً لوظيفة أعضائهم المنفردة، ولذلك يُستعمل مصطلح «وظيفة» بمعانٍ مختلفة في الحجة نفسها، والنتيجة هي ارتكاب مغالطة الالتباس اللفظي.

اقرأ أيضًا:

مغالطة الاحتكام إلى القوة

مغالطة كتمان الدليل

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: عبد المنعم الحسين

مراجعة: حسين جرود

المصدر