كيف تؤثر عقاقير إنقاص الوزن على أدمغتنا؟


في دراسة حول تأثير عقاقير فقدان الوزن بمركز بيت إسرائيل، وجد الباحثون عقارًا جديدًا لفقدان الوزن يُدعى (لوركاسرين-lorcasrin) يقلل من استجابة أجزاء الدماغ الخاصة بالتركيز والمشاعر لإشارات الطعام، مما يؤدي للحد من عدد السعرات الحرارية المستهلكة بالإضافة لإنقاص الوزن ومؤشر كتلة الجسم BMI.

تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها من حيث تناولها تأثير عقار لوركاسرين على الدماغ البشري، فقد كشف البحث الآلية الكامنة وراء فعالية الدواء، وقدم نظرة واضحة للأفراد الذين قد يستفيدون أكثر من هذا الدواء.

نُشِرَت الورقة البحثية بمجلة the journal Diabetes ومجلة the American Diabetes Association. يقول الطبيب كريستوس منتزروس، رئيس وحدة التغذية البشرية بفرع الغدد الصماء والسكري والتمثيل الغذائي بالمركز الطبي وأستاذ الطب بجامعة هارفرد: ‹‹إن سلوك تناول الإنسان للطعام يتضمن مناطق من الدماغ مسؤولة عن السيطرة المعرفية واتخاذ القرارات››.

ويضيف: ‹‹أردنا التأكد من تأثير عقار لوركاسرين على مناطق محددة من الدماغ، وإذا كان له تأثير فأين وكيف يتم››. فحقيقة أن ثلث الشعب الأمريكي يُعاني من السمنة وثلث الآخر يعاني من زيادة الوزن، لهو عبء عظيم سواء على مستوى الأفراد أو نظام الرعاية الصحية ككُلّ.

بالإضافة لذلك، فإنَ مرض السمنة يؤدي إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وأنواع عدة من السرطان. وهذا ما يحثنا على مواصلة العمل لتطوير علاجات آمنة وفعالة للتغلب على هذا الوباء.

بعد المصادقة عليه من قبل وكالة الدواء والغذاء الفيدرالية FDA، أصبح لوركاسرين دواء يُوصَف لمن يعانون من السمنة أو زائدي الوزن من البالغين الذين يعانون من أمراض مرتبطة بالسمنة كداء السكري.

أوضحت عدة دراسات أن العقار قد ساعد حوالي نصف متناوليه على خسارة خمسة بالمئة من كتلة الجسم خلال عام واحد، لكن لم تكن النتائج قاطعة نظرًا لوجود تنوع هائل في نتائج الأفراد، بالإضافة لعدم معرفة آلية محددة لعمل الدواء سابقًا.

لتحديد تأثير الدواء على الدماغ البشري، قام كريستوس ورفاقه بوضع 48 رجلًا وامرأةً ممن يعانون من السمنة تحت الملاحظة، أُعطي الدواء لنصف العدد بينما حصل النصف الاخر على عقار بدون محتوى فعّال لمدة علاج استمرت اربعة أسابيع.

حضر المشاركون إلى العيادة أربع مرات لإجراء فحص دم واختبارات بدنية وقياسات بالإضافة لإجراء استشارة مع إختصاصي تغذية متخصص، كما طلب الباحثون منهم الاحتفاظ بسجل للطعام الذي تناولوه خلال فترة الخضوع للدراسة.

خلال الثلاث زيارات-أُجريت أولها قبل تناول الدواء (الأسبوع صفر) والثانية في الأسبوع الأول من تناول الدواء (الأسبوع 1) أما الأخيرة فكانت بعد أربعة أسابيع من استخدام الدواء (الأسبوع 4)-أُخضع المشاركون لفحص الدماغ مرتين: الأولى في حالة الصيام لمدة 12 ساعة على الأقل والثانية بعد تناول وجبة طعام.

أُجري الفحص باستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لقياس التغيير في تدفق الدم في الدماغ النشط، مما يُحدد أي منطقة من الدماغ كانت تعمل أثناء كل حالة معطاة. كان الاختبار قائم على مشاهدة المشاركين ل150 صورة بعضها لأطعمة شهية كالكعك وحلقات البصل المقرمشة، وأخرى لأطعمة أقل جاذبية كالخضروات وصور لأشياء لا تؤكل كالصخور والأشجار.

في الأسبوع الأول، أظهر الفحص لمستخدمي الدواء خلال حالة الصيام انخفاض نشاط الدماغ في منطقة الاهتمام بالقشرة الجدارية والبصرية للمخ وهي المنطقة المسؤولة عن دمج المعلومات الحسية عند رؤية الطعام الشهي.

بحلول الأسبوع الرابع، أظهر الفحص نقص نشاط الدماغ في نفس المنطقة في حالة تناول الطعام مسبقًا عند رؤية الطعام بشكل عام. وأوضحت البيانات أن الأشخاص الذين أظهروا نشاطًا أعلى للدماغ كاستجابة لرؤية الطعام في السابق، حصلوا على نتائج أفضل بعد تناول الدواء.

يقول كريستوس: ‹‹تم ربط كل من نقص السعرات الحرارية المتناولة، والوزن ومؤشر كتلة الجسم؛ بالاستجابة القوية لإشارات الطعام في مناطق الدماغ التي ترتبط بالمشاعر والسرور والاهتمام، قبل تناول الدواء، مما يعني أنّ لوركاسرين قد يعطي نتائج أفضل لدى من يعانون من الجوع العاطفي على وجهٍ خاص››.

يستهدف العقار مستقبلًا واحدًا الخاصَ بهرمون السعادة سيرتونين (serotonin) المعروف ب 5-HT2c، وأظهرت الاختبارات التي تمت على الحيوانات دوره الهام في حالات تناول الطعام بصورة غير طبيعية.

أظهر جيل سابق من عقاقير فقدان الوزن إرتباط بالمستقبل عينه، لكن نظرًا لتأثير العقاقير على نطاق أوسع من الدماغ، كان لها تأثيرات جانبية على القلب تتضمن ارتفاع ضغط الدم الرئوي ومشاكل في صمامات القلب. على عكس
لوركاسرين الذي يعمل على إنقاص الوزن دون هذه المخاطر حسب ما لاحظه الباحثون.

بالإضافة لهذا، يقول كريستوس: ‹‹تختلف آلية عمل العقار بالمقارنة مع عقاقير فقدان الوزن الأخرى ما يُعطي فرصة لإنتاج عقاقير جديدة لعلاج السمنة وخلق حلولًا أكثر فاعلية وفتح آفاق جديدة للاستكشاف››.


ترجمة: رحمة قريش
تدقيق: غنوة عجرم
المصدر