رواد الفضاء الذين يقضون فترات طويلة في محطة الفضاء الدولية غالبًا ما يقضون عطلهم في التحديق نحو الأرض وهم غائبون عن الاحتفالات، لكن عضو طاقم سابق قد صرح برؤية منظر مدهش يدل على وجود احتفالات صاخبة قريبة، ألا وهي الألعاب النارية.

من غير المرجح أن تكون مشاهدة الألعاب النارية -التي هي تفجيرات كيميائية تنتج موجة من الأصوات المفرقعة والألوان المبهرة- من الفضاء أمرًا مبهجًا كما تشاهده من بقعة تنزهك المفضلة، إذ إن الشرارات الصغيرة من الألعاب النارية المستخدمة شخصيًا لا تشكل أي عرض ضوئي لرواد الفضاء.

لكن ماذا عن الألعاب النارية الضخمة منمقة الصنع؟ هل قد تكون هذه الشرارات من الضوء مرئية لرواد الفضاء الذين يحدقون نحو الأسفل؟

في أغلب الحالات، تكون تلك الاشتعالات خافتة جدًا أو تُحجَب بسبب الطقس فلا تُرصد على ارتفاع حوالي 250 ميل، حيث تحوم محطة الفضاء الدولية في مدار أرضي منخفض، مع الأخذ بالاعتبار تأثير التلوث الضوئي الصناعي الذي يغمر رواد الفضاء كل ليلة، إذ إن النجاح في رصد شرارة من الضوء اللامع بعيدًا في الأسفل ليس بالأمر المعتاد.

إلا أن بعض رواد الفضاء المحظوظين أبلغوا أنهم لمحوا نقاطًا ملونة صغيرة تطلق في سماء بعض المدن.

كتب كريس هادفيلد، رائد الفضاء الكندي السابق، على منصة تويتر أنه مع الظلام والتوقيت المناسب فإن الألعاب النارية قد تُرصَد بالكاد من داخل نوافذ المحطة وخارجها. وقد ذكر أندريه كويبرس، رائد الفضاء السابق في وكالة الفضاء الأوروبية، أنه رأى بقعة ضوئية حمراء وخضراء فوق وارسو، بولندا، حيث كان هو وزملائه يحتفلون برأس السنة الجديدة في 2014.

تزدهر صناعة الألعاب النارية أكثر من أي وقت مضى، وأكبر الألعاب النارية المطلقة جوًا حتى الآن سجلت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2020، إذ إن انفجارًا حوّل سماء الليل في مدينة ستيمبوت سبرينغز، كولورادو إلى لون أحمر قرمزي. كانت القشرة الكروية لهذه الألعاب النارية تزن 2800 باوندًا، والقنبلة الضخمة كان لابد أن تُطلق من مدفع «أنبوب فولاذي مدفون في الأرض» على عمق 26 قدمًا.

ومع ذلك، وفقًا لمدير المحاضرات التوضيحية في جامعة بيردو، بول سميث، فإن قدرة رواد الفضاء على رؤية الألعاب النارية لا تعتمد على حجم القشرة الكروية، بل تعتمد على تركيز الضوء، ما يعني أنها تعتمد على قوة الإشعاع الصادر من المصدر.

يقول سميث وهو أيضًا رئيس نقابة الألعاب النارية العالمية: «الأمر الرئيسي هو تركيز الضوء المنبعث».

لذا، من أجل ألعاب نارية أكثر إشراقًا وجمالًا، يتوقع سميث أنها تُرى من الفضاء الخارجي. ولكن إذا كان الضوء يفتقر الى الشدة يقول سميث: «إن الأمر ليس مرتبطًا بحجم اللعبة النارية ومدى انتشارها، فإنها لن تستطيع إرسال ضوء كافٍ لكي تُرى من الفضاء».

من غير المعروف ما إذا كان أحد قد لمح الضوء الصادر عن اللعبة النارية المطلقة في ستيمبوت سبرينغز من محطة الفضاء الدولية. ولكن حتى لو فعلوا، فإن ذلك الإنفجار المسجل لن يبدو لهم كما شهده سكان الأرض، بدلًا من ذلك، فإن الرعد الأحمر الهادر كان سيتحول إلى ومضات شرارية صغيرة.

يقول سميث: «مفهوم الشدة هو السبب في كون بعض الألعاب النارية الملونة كالحمراء والخضراء أكثر وضوحًا عن غيرها». وأشار أن الأهم من صنع مشهد انفجار ناري للسكان في القطر هو تحسين كيفية إطلاق السكان الصواريخ من منازلهم.

يوصي سميث أن أي شخص يحب الانخراط في عالم الألعاب النارية بالتحقق من مبادرة «الاحتفال بأمان»، وهي مبادرة تثقيفية توضح كيفية التعامل مع الألعاب النارية في الفناء الخلفي والتقليل من سوء استخدامها. والهدف هو تقليل الحوادث السنوية المرتبطة بالألعاب النارية، فوفقًا للجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، نُقل نحو 11,500 شخص إلى وحدة الطوارئ عام 2021 بسبب هذا النوع من الحوادث، وأن 9 أشخاص على الأقل قد لقوا حتفهم.

وأردف سميث: «نحن نحب الألعاب النارية ونريد أن نروجها، ولكن نريد للناس أن يفهموا: استمتع، ولكن بحذر».

قد يكون من المستحيل لرواد الفضاء أن يروا الألعاب النارية التي تطلقها من فنائك الخلفي، لكن إحياء الذكريات دون التعرض إلى الحوادث هي مكافأة خاصة.

اقرأ أيضًا:

عام 2031 سيشهد نهاية عمل محطة الفضاء الدولية وإغراقها في المحيط

الحروق: درجاتها، كيفية علاجها، الوقاية منها ومخاطرها المختلفة

ترجمة: مصطفى عبدالعظيم

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر