المراقبة النشطة للسوق ومحفظة أسهمك مهمة للحد من تأثيرات الصعود والهبوط للبورصة، ومع ذلك يبدو أنه من الضروري أيضًا للمستثمرين الأفراد إدارة الدوافع السلوكية للشراء والبيع العاطفي، الذي يمكن أن يأتي من متابعة تقلبات السوق، والواقع يقول لنا أن الكثير من المستثمرين يشترون وقت ارتفاع سعر السهم ويبيعون وقت الانخفاض، وذلك بسبب الضجيج الإعلامي أو الخوف، فكيف يمكن المستثمرين التنقل بين الأسهم والسندات مع الحفاظ على قيمة جيدة ومتنوعة للحافظة للحصول في النهاية على أفضل العوائد الإجمالية؟ المفتاح يكمن في فهم الدوافع وراء الاستثمار العاطفي وتجنب كل الفخاخ الاستثمارية وكذلك تجنب أخذ القرارات أوقات الاكتئاب أو البهجة.

سلوك المستثمر:

كان سلوك المستثمرين محورًا هامًا للعديد من النظريات والدراسات التي تحاول فهم المبالغة في رد الفعل الذي كثيرًا ما يتعرض له البائعون والمشترون عندما يتعلق الأمر بالمال. في الواقع إن نفسية المستثمر قادرة على الإفراط في التفكير العقلاني أثناء أوقات التوتر، سواء كان هذا التوتر نتيجة لفرحة أو ذعر. إن تبني نهج عقلاني وواقعي في الاستثمار في أثناء ما يبدو كأنه إطار زمني قصير للاستفادة من الوفرة أو التطورات المخيفة في السوق أمر ضروري.

فالمستثمرون غير المحترفين يضعون عادة أموالًا نقدية مكتسبة بصعوبة في استثمارات من أجل الحصول على عائد كبير. ومع ذلك، فإنهم يرون أن استثماراتهم تفقد قيمتها بسبب تطورات السوق أحيانًا. وقد تتسبب الخسائر في التوتر والتكهنات، وهذا يعني أن العديد من المستثمرين لديهم قدرة منخفضة نسبيًا على تحمل المخاطر عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، لأن خسارة المال أمر مؤلم.

ولكن من الممكن أن ننظر إلى المجازفة باعتبارها نقطة إرشادية للاستثمار وسلوك المستثمرين. إن المستثمرين الذين يدخلون في استثمارات بإدراك المستوى الأساسي من المخاطر المترتبة على ذلك من الممكن أن يخففوا قدرًا كبيرًا من المشاعر المرتبطة بالاستثمار. وبعبارة أخرى، فإن التحديات الناجمة عن الاستثمار العاطفي من الممكن أن تنمو عندما يرى المستثمرون مخاطر غير محددة أو أعلى من تلك التي تأكدوا من صحتها في الأصل.

أسواق الثور (الصعود) وأسواق الدب (الهبوط):

أسواق الثور هي فترات تصعد فيها الأسواق بلا هوادة وأحيانًا بعشوائية. وعندها يصبح الثوران ومشاعر المستثمرين من بين المنتفعات العامة، فقد يرى المستثمرون فرصًا للسوق أو يتعلمون عن الاستثمارات من آخرين مثل الأخبار، أو الأصدقاء، أو زملاء العمل، أو الأسر، الأمر الذي قد يجبرهم على اختبار مياه جديدة، وقد تدفع هذه الإثارة المستثمر إلى محاولة الحصول على مكاسب من الاستثمارات الناشئة بسبب ظروف السوق المتضخمة.

وعلى نحو مماثل، عندما يقرأ المستثمرون قصصًا عن اقتصاد رديء أو يسمعون تقارير عن فترة سوق متقلبة أو سلبية، فإن الخوف من استثماراتهم قد يغذي البيع، فأسواق الدببة تتربص دومًا في الأفق، وهي تأتي مع العديد من محاولاتها الخاصة التي قد تكون مهمة للمستثمرين لاتباعها وفهمها.

وكثيرًا ما تتطور أسواق الدب من بيئة تتسم بارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما من شأنه أن يحفز الابتعاد عن المجازفة والتحول من الاستثمارات الأكثر خطورة مثل الأسهم إلى منتجات الادخار المنخفضة المخاطر. وقد يكون من الصعب أن تتحرك أسواق الدببة عندما يرى المستثمرون أن حيازاتهم من الأسهم تفقد قيمتها، في حين تصبح الملاذات الآمنة أكثر جاذبية بسبب العائدات المتزايدة. وخلال هذه الأوقات، قد يكون من الصعب أن نختار بين شراء الأسهم عند أدنى مستوى لها في السوق أو شرائها في منتجات نقدية أو ذات فائدة.

توقيت سيئ:

إن الاستثمار العاطفي كثيرًا ما يكون في توقيت السوق السيئ. قد تكون متابعة وسائل الإعلام طريقة جيدة لاكتشاف متى تتطور أسواق الثور والدب، لأن تقارير سوق الأوراق المالية اليومية تغذي النشاط الذي يحدث طوال اليوم، الذي قد يخلق أحيانًا ضجة للمستثمرين، غير أن التقارير الإعلامية قد تكون قديمة أو قصيرة العمر أو حتى غير حساسة وتستند على الشائعات.

وفي نهاية المطاف، يكون المستثمرون الأفراد مسؤولين عن قراراتهم التجارية، ولذا يجب عليهم أن يكونوا حذرين عند سعيهم إلى الحصول على فرص السوق على أساس أحدث التطورات الموجودة في السوق.

استخدام التفكير العقلاني والواقعي لفهم متى يكون الاستثمار في طور التنمية هو المفتاح لتقييم الفرص المثيرة للاهتمام ومقاومة الأفكار الاستثمارية السيئة. ربما كان رد الفعل على آخر الأنباء العاجلة علامة تشير إلى أن القرارات مدفوعة بالعواطف وليس التفكير العقلاني.

نظرية اختبار الزمن:

إن فكرة شراء العديد من المستثمرين في السوق في أثناء ارتفاع الأسعار وبيعها وقت انخفاضها أثبتت وجودها بالفعل بفضل تحليل تدفق الأموال. ينظر تحليل تدفق الأموال إلى صافي تدفق الأموال من أجل الأموال المتبادلة، وكثيرًا ما يظهر أنه عندما تبلغ الأسواق قممًا أو منخفضات، فإن الشراء أو البيع يبلغان أعلى مستوياتهما.

المفارقات في السوق مثل الأزمة قد تكون فترات زمنية مفيدة للمراقبة. في أثناء الأزمة المالية بين عامي 2007-2008، سحب المستثمرون الأموال من السوق وتحول تدفق الأموال إلى صناديق متبادلة سلبية. وقد بلغ صافي تدفقات الأموال ذروته عند انخفاض السوق، وكما هو الحال عند انخفاض الأسعار في السوق، فقد أدى البيع إلى خلق استثمارات مفرطة، وهو ما شكل في نهاية المطاف الأساس لنقطة تحول وارتفاع أسعار السوق بعد ذلك.

استراتيجيات لإبعاد العاطفة عن الاستثمار:

أكثر نهجين شعبيةً للاستثمار: معدل التكلفة الدولارية وتنويعها، يمكنهما أن يقللا من بعض التخمين قبل قرارات الاستثمار ويقللا من مخاطر التوقيت السيئ بسبب الاستثمار العاطفي ، ومن بين الأكثر فاعلية معدل تكلفة الدولار من دولارات الاستثمار.

معدل تكلفة الدولار استراتيجية تُستثمر فيها مبالغ متساوية من الدولارات في فترة زمنية منتظمة محددة سلفًا. ويمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية في أي حال من ظروف السوق. ففي سوق متجانسة منخفضة نسبيًا يشتري المستثمرون أسهمًا بأسعار أقل، وفي أثناء ارتفاع السوق تحقق الأسهم المحتفظ بها سابقًا في الحافظة مكاسب ربحية، ونظرًا إلى أن الاستثمار بالدولار مبلغ ثابت، فإن شراء الأسهم سيقل عندما يكون سعر السهم أعلى.

مثال توضيحي: إذا قررت أن تشتري أسهمًا بألف دولار كل شهر وكان متوسط سعر السهم 20 دولارًا في شهرٍ ما، فأنت ستشتري 50 سهمًا، وإذا زاد سعر الأسهم في شهر لاحق ليصبح 30 دولارًا فأنت ستشتري نحو 33 سهمًا.

المفتاح إلى استراتيجية معدل تكلفة الدولار يتلخص في الإبقاء على المسار الصحيح. ضع الاستراتيجية ولا تعبث بها ما لم يحدث تغيير كبير يتطلب إعادة النظر في المسار المحدد وإعادة التوازن إليه. ويمكن أن يعمل هذا النوع من الاستراتيجيات بأفضل شكل في خطط ثابتة، حيث يتم خصم مبلغ ثابت من كل راتب ويقدم صاحب العمل مساهمات إضافية.

التنويع هو عملية شراء مجموعة متنوعة من الأسهم بدلًا من التركيز على واحدة أو اثنتين من الأوراق المالية، ومن الممكن أن يساعد في الحد من الاستجابة العاطفية لتقلب السوق. ففي نهاية المطاف، هناك بضع مرات فقط في التاريخ تحركت فيها كل الأسواق بانسجام، ولم يوفر التنويع سوى قدر ضئيل من الحماية، أما في دورات السوق العادية، يوفر استخدام استراتيجية التنويع عنصرًا من عناصر الحماية لأن الخسائر في بعض الاستثمارات تُعوَّض بالمكاسب في استثمارات أخرى.

تنويع قائمة المشاريع قد يأخذ أشكالًا عديدة مثل الاستثمار في صناعات مختلفة، ومناطق جغرافية مختلفة، وأنواع مختلفة من الاستثمارات، بل وحتى التحوط مع استثمارات بديلة مثل العقارات والأسهم الخاصة. وهناك ظروف سوقية متميزة تناسب كلًا من هذه المجموعات الاستثمارية، لذا فإن أي حافظة تتألف من كل هذه الأنواع المختلفة من الاستثمارات لا بد من أن توفر الحماية في مجموعة من ظروف السوق.

الأسئلة الشائعة:

لماذا العواطف مهمة جدًا لعلم النفس في السوق؟

العديد من المستثمرين عاطفيون، والخوف والطمع في كسب المزيد هما من الأسباب التي تحول دون الكسب في هذا المجال. وفقًا لبعض الباحثين، فإن الطمع والخوف يملكان القدرة على التأثير في أدمغتنا بطريقة تجبرنا على التخلي عن الشعور السليم وضبط النفس ومن ثم إحداث التغيير، وعندما يتعلق الأمر بالإنسان والمال، قد يكون كل من الخوف والجشع دافعًا قويًا.

كيف يمكننا قياس مستوى الخوف أو الجشع في سوق الأسهم؟

هناك العديد من مؤشرات التوجه في السوق التي يمكننا أن ننظر إليها، ولكن اثنين منها على وجه التحديد يهتمان بمشاعر الخوف والطمع. على سبيل المثال، يقيس مؤشر VIX في بنك اليابان المستوى الضمني من الخوف أو الطمع في السوق من خلال النظر إلى التغيرات في التقلبات في مؤشر S&P 500.

مؤشر الخوف والطمع هو أداة جيدة أخرى تقيس التغيرات اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية في الخوف والطمع. ويستخدم مؤشرًا متباينًا يبحث في سبعة عوامل مختلفة لتحديد مدى الخوف والطمع في السوق، إذ يسجل شعور المستثمرين على نطاق يتراوح بين 0 و 100.

ما بعض الاستراتيجيات التجارية للحفاظ على العواطف تحت السيطرة؟

امتلاك خطة استثمارية والتمسك بها هو أفضل مسار في العمل لتجنب تأثير العاطفة في التجارة. والواقع أن الاستثمار في المؤشرات السلبية، والتنويع، وسعر تكلفة الدولار، كلها من الطرق السهلة إلى حد ما للحفاظ على الموضوعية.

خلاصة القول:

إن الحديث عن الاستثمار دون مشاعر أسهل من فعله، ولكن هناك بعض الاعتبارات المهمة التي قد تمنع المستثمر الفرد من ملاحقة مكاسب عقيمة أو الإفراط في البيع في حالات الذعر. إن فهم ما تفعله الشركات مع المخاطر المترتبة على استثماراتك قد يشكل أساسًا مهمًا لاتخاذ القرارات العقلانية. وكذلك الفهم النشط للأسواق أمر بالغ الأهمية أيضًا.

بالمجمل، ورغم أن الاستثمار النشط والعاطفي قد يكون مربحًا أحيانًا، فإن البيانات تظهر أن اتباع استراتيجية استثمارية محددة بشكل جيد والبقاء على المسار في أثناء تقلب السوق كثيرًا ما يؤدي إلى تحقيق أفضل عائد على الأداء في الأمد البعيد.

اقرأ أيضًا:

دليل الاستثمار في الأسهم للمبتدئين

ما الأسهم ذات القيمة الكبيرة؟

ترجمة: عمرو سيف

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر