يُعد الحوار بين الأبوين والأبناء في غاية الأهمية، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الشائكة، وما من حوار أشد إحراجًا من الحوار حول الجنس. لذلك يهتم الباحثون بالأبحاث في مجال الحوار الجنسي وتزويدنا بنصائح عن كيفية إتاحة الآباء لبيئة مريحة تسهل الحوار عن الجنس مع الأبناء.

لا يحبذ معظم الآباء خوض هذا الحوار مع أبنائهم رغم حاجة الأبناء إليه. فما الذي قد يحدث للأبناء حال تجنب الآباء الحديث معهم حول الجنس؟

تساعدنا دراسة حديثة نشرت في American Journal of Sexuality Education على الإجابة. فحص باحثون من جامعة كونيتيكت تأثير حديث الأمهات مع أولادهن حول الجنس والنتائج الإيجابية لذلك. بحثوا تحديدًا تأثير الحوار حول الجنس في الرضا الجنسي وتقدير الذات جنسيًا والقلق الجنسي.

قد تسأل نفسك بعض الأسئلة. أولًا: لماذا البحث في الرضى الجنسي؟ فقد تبدو غريبةً فكرة تحسين الحوار حول الجنس لحياة الأبناء الجنسية مستقبلًا. وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يتحدثون مع شركائهم العاطفيين عن حياتهم الجنسية يكونون أسعد في علاقاتهم.

ثانيًا: ما الفرق بين تقدير الذات جنسيًا والقلق الجنسي؟ تقدير الذات جنسيًا هو ميل الشخص إلى تقييم نفسه إيجابيًا من ناحية الجنس في نظر الآخرين، في حين يعبر القلق الجنسي عن فقدان الراحة والشعور بالتوتر تجاه الحياة الجنسية. يشكل هذان المفهومان منظور الشخص إلى هويته الجنسية.

أجرى الباحثون استبيانًا، شمل 137 رجلًا أغلبهم مغايرو الجنس تراوحت أعمارهم بين 18 و 23. سُئل المشاركون عن كونهم يرون أنفسهم نشطين جنسيًا، وسُئلوا عن تواصلهم مع أمهاتهم حول المواضيع الجنسية من ناحية درجة تقبل الأمهات للحديث وخلو كلامهن من الإدانة والأحكام. أجاب المشاركون عن أسئلة تقيم رضاهم الجنسي، وتقديرهم الذاتي جنسيًا، وقلقهم الجنسي.

أظهرت النتائج أن الأبناء الذين حظوا بأمهات يظهرن التقبل والخلو من الإدانة تجاه المواضيع الجنسية كانوا أكثر رضًا جنسيًا وأقل قلقًا، في حين لم يتأثر تقدير الذات جنسيًا. يرجح الباحثون أن الآباء الأكثر تقبلًا للحديث حول الجنس يسهمون في محو العار عن الجنس، من ثم يفهم الأبناء أن الجنس ليس مغامرة خطرة تستدعي القلق.

هل تخشين من كيفية التحدث مع أولادك حول الجنس؟ إليك نقطتين لتبقيهما في الاعتبار:

  1.  أظهري التقبل تجاه التحدث حول الجنس. ليس كل شخص خبيرًا يملك الإجابات، لكن على الأقل، تخبرنا الأبحاث أن إظهار التقبل والخلو من الإدانة تجاه الحوار حول المواضيع الجنسية من شأنه أن يثري حياة الأبناء الجنسية مستقبلًا. تشعر الكثير من الأمهات بضعف الثقة في أهليتهن للحديث مع أولادهن في المسائل الحميمية، لكن الخبر السار هو أنكِ لست بحاجة إلى أن تتمتعي بالمعرفة والتخصص. كل ما عليكِ فعله هو إتاحة المجال المريح للتواصل لتمكني ابنك من فتح هذه المواضيع، ما يعني أنه لا حاجة إلى تقديم المعلومات وإدارة الحوار، إنما الاستماع والتفاعل الموحي بالتقبل كافيان لبث روح الارتياح.
  2.  الكيف أهم من الكم. من مميزات هذه الدراسة أنها سألت الشبان عن جودة الحوارات التي خاضوها مع أمهاتهم بصرف النظر عن عددها، لأن تذكر العدد خاضع لمعايير ذاتية تختلف حسب الشخص. ذلك يعني أن الفرد منهم ربما خاض حوارًا واحدًا فقط حول الجنس مع أمه، لكن الأمر كان إيجابيًا إذ أظهرت الأم التقبل والراحة. لذلك لا تقلقي حيال تعليم الأبناء باستمرار حول الجنس لأن راحة الأبناء في الحديث حول الجنس تتفاوت. الأفضل أن تسعي لتُشعري ابنك بالارتياح لفكرة أن يعاود النقاش معك إن رغب.

الجنس من أعقد المواضيع للنقاش، لكن الأبحاث تظهر أن تجنب الآباء للحديث حول الجنس مع أبنائهم يزيد من فرصة الحمل في المراهقة وانخراط الأبناء في ممارسات جنسية خطرة. سيقود التقبل والارتياح للحديث حول الجنس مع الأبناء إلى نتائج إيجابية، مثل استخدام الواقي الجنسي والثقة بالنفس عند التكلم مع الأصدقاء.

قد تشعرين بالتوتر، لكن تجنب الحديث حول الجنس قد يشير في نظر الأبناء إلى أنه لا ينبغي للمسائل الجنسية أن تخرج عن نطاق الشخص ذاته. أما إتاحة مساحة تواصل آمنة حول الجنس فستشجع الأبناء على تكوين مساحة آمنة للحديث حول الجنس مع شركائهم المستقبليين. تساعد إتاحة الحوار وتعزيزه على جعل الأم ركيزةً ودافعًا لتطور الأبناء على مستوى التواصل، ليكبر الأبناء ويتحولوا من أولاد إلى رجال.

اقرأ أيضًا:

عوائق الصحة الجنسية في صفوف المراهقين الذكور و الشبان

ثلاثون طريقة علمية تؤثر بها طفولتك على نجاحك كشخص بالغ

ترجمة: عون حدّاد

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر