قد تسبب المواقف الدفاعية توترًا وخصامًا ضمن العلاقات الفردية والمجموعات الكبيرة، ويمتد الأمر ليشمل جماعات سكانية كاملة.

يوضح بحث جديد أن الحل الأنسب لمعالجة هذه المعضلة يتمثل في إنشاء العلاقات الاجتماعية بدلًا من تدميرها.

يبين الباحثون احتمالية تفاقم موقف الأشخاص الدفاعيين حال وضعهم موضع الرفض عند تخطيئهم وإدراكهم خطأهم، أو عند مخالفة رأيهم. إن التعامل باحترام مع شخص لا يوافقك الرأي أو يجعلك تبدو مخطئًا ليس سهلًا، فضلًا عن تقدير رأيه، لكن الاحترام يجنبك التعقيدات اللاحقة، ويراعي مكنونات جميع الأطراف على المدى الطويل. تقول ليديا ووديات مختصة علم النفس في جامعة فلندرز في أستراليا: «إن النزعة الدفاعية تعززها الاستجابة الاجتماعية السلبية، في حين يضعفها شعور الأشخاص بالحماية والاحترام والتقدير ضمن هويتهم الجماعية».

يضم البحث الجديد تجربتين، تشمل الأولى 202 متطوعًا طُلب منهم التحدث عن موقف خالفوا فيه رأي شخص آخر والإجابة عن عدة أسئلة، مثل مدى فداحة الحادثة وفقًا لاعتقادهم، ومدى التقارب بينهم وبين الطرف الآخر، ومدى شعورهم بالسوء حيال الأمر. اعتمادًا على نتائج هذا الاستقصاء، تناسبت شدة الموقف الدفاعي طرديًا مع أهمية علاقاتهم وحرمانهم من شعور الانتماء والقبول، ومن ثم ازداد رفضهم لقبول خطئهم جراء ما حدث.

أما الدراسة الثانية فقد سعت لتخفيض حدة المواقف الدفاعية، إذ شاهد 143 متطوعًا فيلمًا وثائقيًا حول إنتاج اللحم والبيض بوسائل لا أخلاقية، ثم طُلب منهم المشاركة في دردشة مبرمجة مسبقًا حول ما شاهدوه وموقفهم تجاهه. اتخذ المشاركون -مثل التجربة الأولى- موقفًا دفاعيًا عند وضع أخلاقهم أو هويتهم الاجتماعية تحت التهديد، وفي هذه الحالة خفض الاتفاق والقبول وإصلاح النيات من النزعة الدفاعية، بواسطة إتاحة التبرع لرعاية الحيوانات مثلًا.

كيف تتعامل مع أصحاب المواقف الدفاعية - كيفية التعامل باحترام مع شخص لا يوافقك الرأي أو يجعلك تبدو مخطئًا - الاستجابة الاجتماعية السلبية

وفقًا لما استخلصه العلماء، تنخفض غالبًا حدة موقف الأشخاص الدفاعيين عند شعورهم بالانتماء للمجموعة ومعاملتهم باحترام، فحتى لو خالفت رأي أحدهم فإن محاولة الاتفاق معه ستكون أفضل بمراحل مما لو هاجمته. تقول ووديات: «ليس من السهل دومًا التعامل مع آراء الآخرين، خاصةً عندما تعتقد أنهم يقصدون الإساءة إليك، إذ يُعد ميلنا لحماية ذواتنا ميلًا فطريًا. لذلك عندما يُضبط الأشخاص خلال ارتكابهم أخطاءً في مجتمعنا يُوصمون بالعار غالبًا، إضافةً إلى رفضهم وعقابهم، ما قد يزيد ردود أفعالهم الدفاعية، ولا يقتصر الأمر عليهم فقط، بل يمتد إلى أشخاص آخرين يعيشون تجارب مماثلة».

يُعد الدفاع مفهومًا ومفيدًا أحيانًا، إذ يساعدنا على التعافي من الفشل وصون تقديرنا لذواتنا والإبقاء على تفاؤلنا، لكنه يعوق حل مشكلاتنا ويؤثر سلبيًا في اتخاذ قراراتنا.

قد ننجي أنفسنا من العقاب بتذكر الأحداث السابقة تذكرًا خاطئًا، مقللين مقدار الأذى ومحملين الآخرين أخطائنا، أو ربما ننسحب من الموقف تمامًا، تمكن ملاحظة هذه التصرفات كثيرًا في مشاجرات وسائل التواصل الاجتماعي. يرشدنا البحث الجديد إلى حل هذه المشكلات، سواءً على مستوى أسرة واحدة أو بلد كامل، فلا بد من التعامل مع الأشخاص الدفاعيين عند اجتياز المواقف الصعبة.

تقول ووديات: «تُعد حاجة البشر إلى تقدير الآخرين لهم ضرورةً نفسيةً أوليةً تُشعرهم بأنهم أعضاء مجموعة جيدون أو شركاء علاقة مناسبون. يخلق الدفاعيون بقعًا عمياء في عملية اتخاذ القرار، إذ تأخذ المشكلات صبغةً مبهمةً عند تعامل الأفراد والجماعات معها بطريقة دفاعية، فتتدهور العلاقات، ويتم تجاهل الضحايا».

اقرأ أيضًا:

التحيز لخدمة المصالح الشخصية: إلى أيّ مدى قد نسيء فهم المواقف والحالات المختلفة التي تصادفنا في حياتنا؟

كيف تناقش السياسة مع أصدقائك دون أن تخسرهم؟

ترجمة: علي ياسر جوهرة

تدقيق: راما الهريسي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر