قد يبدو غير منطقي أن الشركات التي تدير شبكات الإنترنت قادرة على تحقيق أرباح كبيرة كل عام، رغم مجانية خدماتها. ازداد عدد الشركات العاملة في خدمات الإنترنت باستمرار على مر السنين، نتيجة لزيادة استخدام المستهلكين الإنترنت لشراء المنتجات والخدمات، أو الاتصال بالعائلة والأصدقاء، أو البحث عن عمل، أو الحصول على المعلومات والأخبار عن أي موضوع تقريبًا.

معظم المحتوى الذي تقدمه شركات الإنترنت للمستخدمين مجاني أو منخفض التكلفة، وقد اعتاد المستخدمون الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت مجانًا.

في الواقع، تملك شركات مثل جوجل وفيسبوك وياهو وتويتر والعديد من الشركات الأخرى طرقًا مختلفة لتحقيق الإيرادات، مع الاستمرار في تقديم خدماتهم للمستخدمين مجانًا، تتمثل الطريقة الأساسية لجني هذه الشركات الأموال من الإنترنت في الإيرادات الناجمة عن بيع الإعلانات.

الربح بواسطة الإعلانات

تُعد عائدات الإعلانات من أكثر طرق ربح شركات الإنترنت شيوعًا، دون فرض رسوم على المستخدمين مقابل الوصول إلى المحتوى. يُقدم محتوى المواقع في محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي إلى المستخدمين مجانًا، إذ يقضي ملايين المستخدمين الوقت في زيارة مواقع الإنترنت مثل جوجل وفيسبوك وتويتر يوميًا.

قد يكون أي من هؤلاء المستخدمين عميلًا محتملًا للشركات الأخرى التي تعرض منتجاتها وخدماتها عبر الإنترنت.

بوسع الشركات التي ترغب في استهداف العملاء المحتملين شراء مساحة إعلانية على أحد مواقع المحتوى المجانية، في محاولة للوصول إلى المستخدمين الذين قد لا يستطيعون إيصال رسالتهم التسويقية إليهم. تفرض المواقع رسومًا على الشركات مقابل تقديم رسالة إعلانية محددة إلى المستخدمين، التي قد تكون حملةً إعلانية واسعة أو مخصصة.

كيف تربح شركات الإنترنت من خدماتها المجانية؟ - ما هي الطرق التي تتبعها شركات التجارة الإلكترونية من أجل تحقيق الإيرادات من خلال خدماتها المجانية

بوسع الشركات المعلنة على المواقع المجانية أن تدفع أكثر مقابل استهداف أكبر لشريحة العملاء المستهدفة، بتصدُّر نتائج البحث، أو الرسائل المستهدفة لفئات معينة من المستخدمين.

الربح عبر جمع البيانات

تُعد المساحات الإعلانية التي تشتريها شركات التجارة الإلكترونية وسيلةً للربح لمواقع المحتوى المجاني، مثل محركات البحث والمدونات الرائجة ومنصات التواصل الاجتماعي، بسبب وصولها إلى ملايين المستخدمين. مع ذلك، بوسع شركات الإنترنت المجانية الربح أيضًا بجمع بيانات المستخدمين، وتقديم هذه المعلومات القيّمة للشركات التي تحتاج إليها.

تُجمع بيانات ملايين المستخدمين الذين يقضون وقتًا في تصفح المواقع المجانية، متضمنةً الموقع الدقيق للمستخدم، وعادات التصفح، وعمليات الشراء، والاهتمامات الخاصة. قد تُستخدم هذه البيانات لمساعدة شركات التجارة الإلكترونية على تصميم حملاتهم التسويقية الخاصة بفئة معينة من المستخدمين عبر الإنترنت.

تُعد بيانات المستخدم مفيدة أيضًا للشركات التي تقدم منتجات وخدمات على الإنترنت عند استخدامها أبحاثًا تسويقية. تساعد قاعدة البيانات الشركة على فهم ردود أفعال المستهلكين تجاه منتج أو خدمة ما، والمنتجات المحددة التي قد تهم بعض المستهلكين، ومدى جودة الرسالة التسويقية للشركة، إذ ترفع هذه الجوانب جميعها من قيمة البيانات المُجمعة والمُخزنة لدى شركات التجارة الإلكترونية.

مخاوف الخصوصية

لا تكسب جميع شركات الإنترنت الأموال مباشرةً من بيع البيانات التي تجمعها عن المستخدمين، إذ تزعم فيسبوك وجوجل أنهم لا يجنون الأموال من بيع بيانات مستخدميهم للشركات الأخرى.

أدلى مارك زكربرغ الرئيس التنفيذي لفيسبوك في أبريل 2018 بشهادته أمام لجنة مشتركة تجارية وقضائية في مجلس الشيوخ، بشأن بكيفية تعامل شركته مع بيانات المستخدمين. قال زكربرغ: «ثمة مفهوم خاطئ شائع حول فيسبوك، هو أننا نبيع البيانات للمعلنين. نحن لا نبيع البيانات للمعلنين أو لأي شخص آخر».

جاءت شهادة زكربرغ عقب الكشف عن أن شركة الاستشارات السياسية «كامبريدج أناليتيكا» حصلت على البيانات الشخصية لنحو 87 مليون مستخدم لفيسبوك دون موافقتهم. أدت تلك الفضيحة إلى تدقيق حكومي كبير في كيفية استعمال شركات الإنترنت للبيانات التي تجمعها عن المستخدمين.

يطلب النظام الأوروبي العام لحماية البيانات من المواقع الإلكترونية إخطار الزوار بالبيانات التي يجمعونها عنهم، ومنحهم حق الموافقة على جمع تلك المعلومات.

مصادر الدخل الأخرى

في حين تُعد الإعلانات أكبر مصدر دخل للعديد من شركات الإنترنت التي تقدم خدمات مجانية، يتطلع بعضها إلى تطوير مصادر أخرى للدخل. يُعد التنويع في مجالات أخرى أمرًا منطقيًا، نظرًا إلى المنافسة المتزايدة على أرباح الإعلانات بين العديد من شركات الإنترنت، والمخاوف المتزايدة بشأن قضايا حماية الخصوصية المتعلقة بجمع البيانات المطلوبة لجني الأرباح من الإعلانات.

في حين تحقق شركة ألفابت -الشركة الأم لجوجل- نحو 80% من إجمالي إيراداتها بواسطة الإعلانات، فإن الشركة توسع نشاطاتها ضمن مجالات أخرى.

تشمل مصادر الدخل الأخرى للشركة رسوم ترخيص نظام أندرويد والتخزين السحابي والتطبيقات والاشتراكات. إضافةً إلى تطوير الشركة منتجات عالية التقنية، مثل السيارات ذاتية القيادة وأنظمة الألعاب السحابية، ما يضيف إيرادات ضخمة إلى الأرباح النهائية مع الوقت.

اقرأ أيضًا:

أبل ومايكروسوفت: مقارنة بين نموذجي الأعمال

لماذا تنحى جيف بيزوس عن رئاسة آمازون؟

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر