كيف تكيّفت ناطحات السحاب مع تغيّر المناخ؟


لم يعُد بناء ناطحة سحاب أخرى في مدينة مانهاتن شيئاً ملحوظاً بسبب اكتظاظ المدينة بناطحات السحاب والأبراج الفاخرة في الآونة الأخيرة .
ولكن مباني النحاس الأمريكيّة التي تُبنى على جهة نهر الشرق وهي عبارة عن مُجمّع مكوّن من برجيْن مؤلّفيْن من ٧٦٤ شقة بإطلالة بانوراميّة وقاعة مدخل ضخمة مع بوّاب، قد تبدو مختلفة!

والتي خُطّط لها تماماً بعد أن ضرب إعصار ساندي مدينة نيويورك في أكتوبر من عام ٢٠١٢، والذي اعتبر ناقوس خطر آخر على التأثيرات المتزايدة للتغيّر المناخي، حيث صُمّم للتوافق مع أي أخطار جديدة لم تخطر على البال، وتعكس كيف يتطوّر عالم العقارات لحساب الاحترار العالمي على النقيض من تحرّكات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقليص عمل الحماية البيئية.

حيث أودت العاصفة الضخمة بحياة أكثر من ٤٠ شخصاً في نيويورك ممّا أدّى لشل حركة رأس المال والسوق في الولايات المتحدة الأمريكية لأيام.
حيث اشترت شركة تطوير مباني النحاس في أميركا IDS الأرض للمشروع في نفس الوقت تقريباً.

وقال (سيمون كوستر -Simon Koster ) رئيس في الشركة: «كان كل شيء حينها عبارة عن بحيرة، حيث يمكننا من أخذ جولة في الموقع في زورق، كنا نعرف أن شيئاً من هذا القبيل يمكن أن يحدث مرة أخرى لذلك فكّرنا كيف بإمكاننا التأكد من أنّنا إذا عشنا هنا، فإنّنا لن نواجه هذا السيناريو مرة أخرى؟ لذلك أطلقنا للمُصمّمين الحرية آنذاك».

الأدوات المُستخدمة للبقاء على قيد الحياة:

ضمان حصول السكان على أكبر قدر من الكهرباء في حال انقطاع الكهرباء عن المدينة، أحد أهم الابتكارات الرئيسيّة، وبدلاً من التخطيط لسقيفة فخمة في الطابق العلوي وفّر المعماريّون مساحة لمولّدات الغاز الطبيعي المُصمّمة للحفاظ على أداء المعدّات في حال انقطاع الكهرباء.

وتابع كوستر:«على الرغم من وجود هذه الآلات في العقارات الأكثر قيمة لهذا البناء، إلا أنها تجعل جميع الوحدات الأخرى أكثر قيمة».

وقال المهندس المعماري (جريج باسكواريلي- Gregg Pasquarelli ): «سنواجه المزيد من هذه الأحداث في المستقبل القريب، لكن الذكاء والاستراتيجيّة تكمن في كيفيّة التحضير لها» وأضاف أيضاً : في حال فقدنا السلطة والقوّة، ومازال بإمكاننا الصعود والهبوط بالمصعد ولدينا ثلاجة تعمل ومقبس كهرباء واحد فقط لشحن الهاتف الخاص بنا فعلى الأرجح سيمكننا البقاء على قيد الحياة لمدة أسبوع فقط في نيويورك!

ويحتوي كل مطبخ على مقبسيْن كهربائيّيْن إحداهما للثلاجات متّصل بدائرة كهربائية احتياطيّة تُغذّيها المولّدات، ممّا يعني أن الهواتف الذكيّة يمكن شحنها خلال الانهيار!

وبعكس الاستخدام الشائع لمساحة القبو (الطابق الأول) فإنّ معدّات التدفئة والتهوية والمعدّات الكهربائية الكبيرة تم وضعها في الطابق الأوّل بدلاَ من ذلك، بمساحة تقدّر بـ ٢٠ قدم أي (سبعة أمتار) فوق الشارع للحد من مخاطر الفيضانات.

أمّا المدخل الرئيسي فهو عبارة عن مدخل كبير مع دعائم فولاذيّة وبلاط أرضي مُصمّم للخارج. والجدران مكسوّة بالخشب لزيادة حرارة الغلاف الجوّي، ولكن الألواح الجانبيّة المفتوحة يمكنها أن تجف بسهولة بدون أي ضرر في حالة الفيضانات.

وستكون الاستوديوهات الرخيصة مُتاحة للإيجار ابتداءً من ٣٠٠٠ دولار في الشهر وتتضمّن امتيازات رفاهيّة للدخول إلى بركة للسباحة وشُرفة ضخمة مُطلّة على بناء Empire state بالإضافة إلى خاصية مقاومة الفيضانات.

تقبّل المرونة :

يقول (أليكس ويلسون- Alex Wilson ) رئيس معهد التصاميم المرنة في ولاية فيرمونت The Vermont-based Resilient Design Institute المُختص في مثل هذه القضايا: « تتبنّى نيويورك النماذج المعماريّة المرنة أكثر من المدن الأخرى، لأنّ عقاراتها الباهظة الثمن قد رفعت من المخاطر الماليّة».

بالإضافة إلى أن الأساليب المستخدمة في الكهرباء والعمارة تأتي مع طرق لتوفير مياه الشرب بصنابير مزوّدة للجميع في الطابق السفلي، فضلاً عن الحفاظ على درجة حرارة معقولة أيضاً.

وقال ويلسون :«في حال انقطاع التيار الكهربائي في فصل الصيف، هناك الكثير من الوحدات السكنيّة ذات الزجاج السميك المحمي تصبح غير صالحة للسكن حينها. حيث تقوم المدينة بتحديد قائمة المباني الأكثر تكيّفاً لذلك».

ويضيف ويلسون:«بيد أن العقبات التي تحول دون إعادة بناء الهياكل القديمة أكبر من دمج مقاومة الفيضانات أثناء تشييد مشاريع جديدة مثل مباني النحاس -وهكذا هي التكاليف- كما يمكن أن يكون هذا النهج في السياسة أيضاَ، حيث خطّطت إدارة ترامب لخفض ميزانيّة وكالة حماية البيئة، ممّا قد يؤثر على جمع البيانات لتقييم الهياكل الأساسيّة الضعيفة».

ثم تابع ويلسون :« إذا توقفت الحكومة عن جمع البيانات بشأن مواطن ضعف الفيضانات (موجات الحرارة) ستكون أصعب لتصميم وتطوير المجتمعات لدمج التغييرات في تصميمها».
ومع ذلك فإنّ ويلسون يشعر بالتفاؤل من رفض الحكومة لعلوم آثار تغيّر المناخ حيث سيكون لها تأثير مؤقت فقط.

ويدرك القطاع الخاص هذا تماماً، إذ تُعدّ مؤسّسات التأمين أكثر وعياً بهذا حيث ستستمر هذه الصناعات بالتقدم في مجال المقاومة.


ترجمة: نور المجالي
تدقيق: أسمى شعبان
المصدر