هل نحن وحدنا في هذا الكون؟ وفقًا لمنطق الإحصاء، قد يوجد غيرنا، وهو الاحتمال الذي تحاول مفارقة فيرمي مساعدتنا على التفكير فيه.

نظرًا إلى كثرة النجوم التي يُحتمَل أنها تستضيف كواكب شبيهة بالأرض لتوفّرها على شروط داعمة للحياة، مثل الماء السائل والجو المعتدل، فقد تكون الحضارات الفضائية قد نشأت بالفعل وازدهرت وأصبحت تنتشر ما بين النجوم.

بالنسبة لهؤلاء الفضائيين قد يكون السفر بين المجرات مهمة سهلة جدًا، مثل التنقل من المنزل إلى أقرب مطعم.

إن صح الأمر، ألا يعني هذا أننا لسنا بحاجة إلى البحث عنهم في عوالم بعيدة عنا، وبدلًا من ذلك؛ هم من سيحاولون الاتصال بنا؟

لا شك أنها فكرةٌ مخيفة ومثيرة في آنٍ واحد، ولكن كيف سيتواصل الفضائيون مع البشرية؟ سُرّبَت وثيقة سرية من إدارة الأمن القومي الأمريكي تكشف ما يفترضه بعض كبار العلماء في العالم حول الكيفية التي ستسمح للفضائيين بالاتصال بالجنس البشري.

يجب أن يكون الفضائيون على قيد الحياة ويحاولون التواصل معنا باستمرار:

مع التطور المتزايد للتكنولوجيا التي يبتكرها الإنسان بفضل تقدم العلوم التجريبية، توصلنا إلى معرفة طرائق جديدة تُمكّن الكائنات الفضائية الذكية من اختراق أعماق الكون السحيق والتواصل معنا.

الإجماع المتزايد بين العلماء هو أن الاتصال بالحضارات الفضائية قد يكون أمرًا لا مفر منه، وسمةً من سمات تطور الإنسان، والمجتمعات والحضارة، أي سيحدث، ولو دون قصد، بصورة طبيعية تمامًا، مثل اكتشافنا التلقائي للنشاط الإشعاعي، أو خطواتنا الأولى على القمر.

جاء في الدراسة التي رُفِعت عنها السرية على موقع وكالة الأمن القومي: «لم يعد الأمر مجرد خيال، ولكنه حدث طبيعي في تاريخ البشرية ربما يقع في حياة الكثير منا».

هنا يجب علينا أن نستحضر ما قاله ذات مرة عالم الفلك الراديوي السير برنارد لوفيل: «يجب أن تكون هناك كواكب ذات كيمياء، وأبعاد، ودرجة حرارة مناسبة لدعم التطور العضوي في مجرتنا».

هذا وتشير أبحاث ناسا أن مجرتنا لديها على الأقل نحو 100 مليار نجم، أما التقدير الأقصى فقد يبلغ ما يقرب من 400 مليار نجم.

للتذكير يجب أن يتوفّر لدى الفضائيين بعض المتطلبات الأساسية من أجل الاتصال بنا. أولاً، أن يحاولوا الاتصال باستمرار، وألا يتخلوا عن هذه الفكرة. هنالك أيضًا احتمال أنهم حاولوا ذلك منذ آلاف السنين وينتظرون ردنا. أخيرًا، يجب أن يكونوا على قيد الحياة أو على الأقل كانوا على قيد الحياة وقت إرسال الرسالة.

الليزر و الهياكل الفضائية العملاقة وموجات الراديو:

قد تكون نبضات الليزر المتكررة هي أفضل وسيلة للاتصال بين النجوم، إذ يمكنها السفر لمسافات شاسعة جدًا. حتى الآن، يختبر مشروع البحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض (SETI) نظام نبضات الليزر، الذي يُسمّى (LaserSETI)، ولا توجد إشارة إيجابية.

تتضمن طريقة أخرى تحريك عدة نجوم (نعم قد تستطيع هذه الكائنات المتطورة فعل ذلك)، وتجميعها في نمط هندسي غير طبيعي، الذي من شأنه أن يحمل رسالةً لأي مراقب خارجي (البشر)؛ إن هذا النمط الهندسي ليس من صنع الطبيعة.

في هذا الصدد، قال عالم الأحياء الفلكية ديفيد جرينسبون من معهد علوم الكواكب في تقرير لموقع Live Science: «يستطيع الفضائيون بناء شيء يمكن رؤيته من مسافة شاسعة عبر المجرة، أو حتى من مجرة أخرى، في دلالة واضحة أنه مصطنع».

يشك بعض العلماء في أن هذه الهياكل الفضائية الضخمة يمكن أن تنجح بوصفها رسالة واضحة مفادها أن الحياة موجودة هناك في الكون، ولعل أشهر مثال على ذلك هو نجم تابي، الذي طُرحت حوله تكهنات كثيرة، منها أن تقلبات ضوء النجم غير العادية قد تكون إشارةً إلى نشاط مرتبط بحياة ذكية خارج كوكب الأرض، ولكن اتضح في دراسات لاحقة أن تقلبات هذا النجم الوامض طبيعية ولا تمت بأي صلة لرسالة من الفضائيين.

تُعد الطريقة القديمة (الراديو) أكثر قابلية للتصديق، وأعلى موثوقية في تتبّع الاتصالات بين النجوم. كانت موجات الراديو بمثابة وسيلة العلماء الأساسية للاستماع إلى الإشارات الفضائية لنحو قرن من الزمن. قوة موجات الراديو نشطة جدًا، وتتحرك عبر أظلم أعماق المجرة دون عوائق. إنها موثوقة، وإن كانت بطيئة نسبيًا. يسافر الراديو بسرعة الضوء، ومع وجود أقرب نجم على بعد أكثر من أربع سنوات ضوئية، فإن الاستجابة ستستغرق ثماني سنوات.

قد يكون جيلنا أول من يحل مفارقة فيرمي، ويتواصل مع الكائنات الفضائية، وهذا يستدعي طبعًا تجاوز الاعتماد على طرائق البحث التقليدية، وتطوير وسائل تكنولوجية عصرية من شأنها أن تحدث ثورة جديدة في مجال إرسال، واستقبال الإشارات عبر الفضاء السحيق.

مع هذا قد يُحتمَل أننا أول الواصلين إلى مسرح الوجود أو أكثرهم تقدمًا، ما يعني أن الكائنات الغريبة لن يردوا على رسائلنا مدة 3000 سنة أخرى، فقد يكونون متخلّفين جدًا عنا.

اقرأ أيضًا:

هل يوجد فضائيون؟ الخبراء يجيبون وإجاباتهم مذهلة

ما هي مفارقة فيرمي؟

ترجمة: رضوان بوجريدة

تدقيق: ميرفت الضاهر

مراجعة: حسين جرود

المصدر