تعاني التلسكوبات الأرضية حتى المتطورة منها صعوبات في رؤية الأجسام البعيدة. لا يُعد ذلك خللًا في التلسكوبات الأرضية نفسها، ولكنه نتيجة اضطرارها الرؤية عبر التداخلات الجوية المتغيرة باستمرار للغلاف الجوي المحيط بالأرض، ما يعيق المشاهدين العاديين، ويشكّل تحديًا أمام الباحثين في أثناء سعيهم لبناء صور دقيقة للكون. مع تطبيق خوارزمية الذكاء الاصطناعي الجديدة ومفتوحة المصدر للرؤية الحاسوبية؛ أصبح الباحثون قادرين على تحسين الملاحظات الكونية.

وفقًا لورقة بحثية نُشرت في شهر مارس عام 2023 في النشرة الشهرية للجمعية الفلكية الملكية، فقد درّب فريقٌ من العلماء من جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة وجامعة تسينغهوا في بكين الذكاء الاصطناعي على بيانات جرت محاكاتها لتطابق معايير التصوير لمرصد المسح الشامل الكبير (Vera C. Rubin)، الذي سيُفتتح قرييًا في شمال وسط تشيلي.

وفقًا لجامعة نورث وسترن، فإن هذه التقنية موجودة بالفعل، ولكن الخوارزمية الجديدة ستنتج لقطات وصورًا عالية الوضوح والدقة، وخالية من الضبابية للكون على نحو أسرع وأكثر واقعية.

قالت إيما ألكسندر، وهي أستاذة مساعدة في علوم الكمبيوتر في جامعة نورث وسترن ومن كبار مؤلفي الدراسة: «يُستخدم التصوير الفوتوغرافي غالبًا للحصول على صور جميلة، ولكن نستخدم الصور الفلكية لأغراض علمية».

رأت ألكسندر أن تنقية بيانات الصور على نحوٍ صحيح، يساعد علماء الفلك على الحصول على بيانات أكثر دقة، وبما أن خوارزمية الذكاء الاصطناعي هي خوارزمية حسابية، فستمكّن الفيزيائيين الحصول على قياسات أفضل.

تعدو النتائج كونها صورًا مجرية جميلة لأنْ تكون مصادر ذات موثوقية عالية للدراسة، إذ قد يساعد تحليل أشكال المجرات في تحديد تأثيرات الجاذبية في بعض الأجسام الكبرى في الكون، إلا أن وجود ضبابية في هذه الصور سواء كان ذلك بسبب دقة التكنولوجيا أو التداخل الجوي، فذلك يجعلها أقل دقة وموثوقية بالنسبة للعلماء.

وفقًا لفريق العمل، فإن الأداة المحسّنة أنتجت صورًا بنسبة خطأ أقل من 38% تقريبًا مقارنة بالطرائق التقليدية لإزالة الضبابية، وأقل بنسبة 7% مقارنة بالطرائق الحديثة المستخدمة حاليًا. إضافة إلى ذلك، إن أداة الذكاء الاصطناعي التي طورها الفريق، وشیفرتها البرمجية وإرشاداتها التعليمية، متاحة على الإنترنت مجانًا، ويستطيع أي عالم فلك تحميل الخوارزمية واستخدامها لتحسين تلسكوبه، ومن ثم الحصول على بيانات أفضل وأكثر دقة.

قالت ألسكندر: «وضعنا الأداة في متناول خبراء علم الفلك، وستكون إضافة قيّمة لاستطلاع السماء والحصول على بيانات دقيقة ومهمة. حتى ذلك الحين، يستطيع محبّو علم الفلك أن يتوقعوا من مرصد المسح الشامل الكبير نتائج أكثر تفصيلًا».

من الجدير بالذكر، إن المرصد سيُفتتح رسميًا في عام 2024 لبدء المسح العميق للنجوم.

اقرأ أيضًا:

تطوير ذكاء اصطناعي جديد مزود بخلايا من الدماغ البشري

ذكاء اصطناعي حديث يبتكر 31 مليون مادة جديدة

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: يمنى عيسى

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر