تفضيل الفرد لروائح الجسد يتعلق بجنسه وميوله الجنسية


لطالما لعبت روائح الجسد دورًا هامًا في اختيار الشريك الجنسي عبر التطور عند مختلف الكائنات الحية والبشر ليسوا باستثناء. لكن هل تؤثر الميول الجنسية في تفضيل رائحةٍ دون أخرى أو إنتاج رائحةٍ دون أخرى.

أي هل يختلف الذكور المثلييون عن الذكور الغيريين  في تفضيل روائح جسدٍ معينةٍ تلعب دورًا في اختيار الشريك الجنسي وهل ينتج الذكور المثلييون روائح جسدٍ تختلف عن الذكور الغيريين.

إذا تمكنّا من إثبات وجود اختلافٍ كهذا فهو يدل على أن المثلية الجنسية لها أساسٌ بيولوجيٌ واختلافٌ في مناطق معينة في الدماغ تتعلق بتفضيل روائح دون أخرى وليست مجرد خيارٍ شخصي.

لاختبار هذه الفرضية قام علماءٌ من مركز مونيل للحواس الكيميائية في فيلادلفيا بتجربةٍ تضمنت تحضير روائح الجسد ل 24 شخص (6 رجال غيريين، 6 رجال مثليين، 6 نساء غيريات، 6 نساء مثليات) وتم فحص 80 شخص (20 رجل غيري، 20 رجل مثلي، 20 امرأة غيرية، 20 امرأة مثلية) وتفضيلهم للروائح السابقة. لقد كان على المفحوصين الاختيار بين الروائح التالية:

  • رجل غيري أم رجل مثلي
  • رجل غيري أم امرأة غيرية
  • امرأة غيرية أم امرأة مثلية
  • رجل مثلي أم امرأة مثلية

وأعيدت التجربة لكل شخص 11 مرة لكل من الخيارات الأربعة السابقة (بمجمل 44 مرة)

لقد وجد الباحثون أن تفضيل رائحةٍ دون أخرى مرتبطٌ بالجنس والميول الجنسية للفرد. بشكلٍ خاص كان الرجال المثليون مختلفين بشكلٍ كبيرٍ عن المجموعات الثلاثة الأخرى (الرجال الغيريين، النساء الغيريات، النساء المثليات) بتفضيلهم رائحة دون أخرى أو كيف نظرت المجموعات الثلاثة الأخرى إلى رائحة جسدهم.

فقد كانت رائحة جسد الرجال المثليين هي الأقل تفضيلًا عند المجموعات الثلاث الأخرى (الرجال الغيريين، النساء الغيريات، النساء المثليات) بينما فضل الرجال المثليين روائح الرجال المثليين والنساء الغيريات. لقد كان تفضيل النساء الغيريات والنساء المثليات شبه متطابق وكلاهما شبيه بتفضيل الرجال الغيريين. أي يمكن القول أن الرجال المثليين هم الأكثر اختلاًفا عن المجموعات الثلاث الأخرى التي بدا تفضيلها متشابهًا.

فلو لم يكن هناك فرقٌ بين روائح جسد الرجال المثليين والرجال الغيريين لكان من المفترض ألّا نجد اختلافًا في تفضيل أحد المجموعات لرائحةٍ دون الأخرى وهذا عكس ما وجدته التجربة (حيث كانت روائح الرجال المثليين مرغوبة عند الرجال المثليين وغير مرغوبة عند غيرهم من المجموعات).

ولو لم يكن هناك فرقٌ بين تفضيل الرجال المثليين والرجال الغيريين لرائحةٍ دون أخرى لكان من المفترض أن يكون لدى هاتين المجموعتين نفس الخيارات وهذا عكس ما وجدته التجربة (حيث كان لهاتين المجموعتين خياراتٌ مختلفةٌ تمامًا في كل المجموعات حتى التي تتضمن روائح النساء).

مخططٌ يظهر نتائج التجربة حيث حجم الدائرة يتعلق بدرجة التفضيل فإذا كانت الدائرة أكبر كان التفضيل أكثر لرائحةٍ دون أخرى. أما الخط المتقطع بين الدائرتين يدل على أنه لا يوجد اختلافٌ مهمٌ في تفضيل رائحةٍ دون أخرى.

إن هذه التجربة تدعم النظرية القائلة بوجود اختلافٍ في مناطق من الدماغ بين الأشخاص المثليين والغيريين كما تم إثباته من خلال تجارب سابقة كما أن اختلاف إنتاج الرائحة تبعا للتوجه الجنسي قد يكون نتيجة اختلاف مركب MHC  الضروري في تعرف الخلايا على بعضها وفي المناعة والذي يتحدد جينيًا مما يدعم فكرة دور للوراثة في عملية التوجه الجنسي.

وفي ضوء كل هذه المعطيات يتفق العلماء أنه ما من سببٍ واحدٍ وصريحٍ يقف وراء المثلية الجنسية بل مزيجٌ من عوامل جينيةٍ وعصبيةٍ وغيرها وليس الخيار الشخصي للفرد واحدا منها.


  • ترجمة: ملكي أسعد
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: زيد أبو الرب

مصدر1 / مصدر2 / مصدر3