يحدث كثيراً أن نجلس قرب النافذة مذهولين نتأمل البرق في الليالي الماطرة، سائلين أنفسنا “كيف يتكون البرق؟” وفي هذا المقال ستفاجئكم الحقيقة كما يفعل الرعد بعد التأمل. إن الوميض شديد الإضاءة الذي نراه هو تيار كهربائي متجه من الأرض إلى الغيوم وليس العكس. فكيف يحدث ذلك؟ وما هو البرق وما هو الرعد؟

كيف يحصل الرعد والبرق؟

بعد تبخرّ المياه من على سطح الكرة الأرضية، يحدث ما يسمّى بالتكثف، حيث أن بخار المياه يمر عملية تبريد تدريجيّة وذلك بسبب العلاقة العكسية بين الإرتفاع ودرجات الحرارة.

ومع انخفاض درجة حرارة البخار، تتراجع الجزيئات عن حركتها العشوائية وتبدأ بالإستقرار، مما يمنحها ذالك الشكل التّكتُّلي الذي نسميه نحن بالغيوم. ولكن الطبيعة لا تحب الهدوء، فالرياح الهائجة وضغط الهواء المتقلب في المستويات المرتفعة تحول بيئة الغيوم الساكنة إلى بيئة أكثر إضطرابا.

وجود هذه الإضطرابات خلال عملية التبخر والتكثف يمهد لحدوث ظاهرة أخرى وهي تأيُّن الهواء الذي يُكوّن الغيوم، أي أن الجسيمات موجبة الشحنة “البروتونات” تنفصل عن الجزيئات سالبة الشحنة “الإلكترونات”. بعد خسارتها مقداراً كافيا من الطاقة الحرارية، تبدأ جزيئات المياه والجليد الناعم التي تكونت نتيجة لتكثف البخار بالسقوط وتحتك خلال سقوطها مع جزيئات الهواء، ونتيجة لذلك الاحتكاك تتكون لدينا شحنات سالبة.

تبدأ الالكترونات بالنزول إلى أسفل الغيمة وتتوزع في قاعدتها، بينما تتجمع البروتونات في أعلى الغيمة. تصنع عملية التأيُّن هذه حقلاً كهربائياً داخل الغيمة نفسها، وآخر بين الغيمة والكرة الأرضية، حيث أن البروتونات الموجودة في الأجسام على سطح الكره الأرضية تبدأ بالصعود عن طريق الأجسام المرتفعة عادة، باحثةً عن الإلكترونات في أسفل الغيمة.

في هذه الأثناء، تبدأ الإلكترونات بشق طريقها نحو الكرة الأرضية منجذبةً إلى الشحنات المعاكسة، ويظهر ذلك على شكل تيارٍ كهربائي متفرع ومنخفض الوميض يميل لونه إلى البنفسجي ويسمى بالمرشد الخطيّ.

من الجهة الأخرى تتحفز الشحنات الموجبة الموجودة على سطح الكرة الأرضية وتبدأ بالصعود إلى أعلى، ويسمى هذا بالشريط المتحور الموجب. وفي لحظة إلتقاء المرشد والشريط تتكون قناة بين الأرض وبين الغيمة المشحونة، وكون الأرض مصدراً للشحنات يتيح التفريغ بتيارات كهربائية كبيرة جداً.

عند توصيل القناة ينطلق من الأرض تيار شديد الإضاءة اخذاً أحد مسارات المرشد الخطيّ، وهو ناتج عن تدفق الشحنات بالاتجاه المعاكس، وهذا هو ما نسميه ب”صاعقة البرق”. أي أن جواب “ما هو البرق” هو تدفق شحنات كهربائية من الأرض نحو الغيوم.

المذهل في الأمر أن عمليتي الشحن والتفريغ تحدثان في غضون أقل من ثانية واحدة، وحدوثها بتلك السرعة هو ما يسبب الرعد. فعند حدوث عملية التفريغ بين الكرة الأرضية والغيوم، يتسبب التيار الكهربائي الهائل بتسخين الهواء من حوله إلى درجات حرارة تصل إلى 3000 درجة مئوية، ونتيجة لذلك يتمدد الهواء، وعند اختفاء التيار يعود الهواء ليتقلص بسرعة شديدة وبعنف، وهكذا يصدر الصوت المفزع الذي نسمعه، وهذا هو جواب سؤال ما هو الرعد.

يظن الكثيرون أن البرق يستهدف الأجسام المرتفعة، ولكن ذالك ليس صحيحاً. فمن الصعب معرفة المسلك الذي سيتخذه المرشد الخطّي عند نزوله إلى الأرض، مما يأكد خطورة البرق وضرورة الاحتماء منه.

يساعدنا الرعد في معرفة بُعد العاصفة عنّا لكي نسارع في إيجاد مخبأ، حيث أن الرعد من عاصفة تبعد عنّا كيلومترا واحدا يصل إلينا خلال ثلاث ثوانٍ. فإذا بدأت بالعدّ ولم تصل إلى الثانية الثالثة، إعلم أنك لست في أفضل مكان!


  • الترجمة: بشار زحالقه.
  • التدقيق: أسامة القزقي.

المصدر1 / المصدر2