عندما دعت الحاجة لربط الأجهزة الالكترونية المختلفة بعضها ببعض، وفّرت الأسلاك حلًا لتلك المشكلة، ولكنها ولدت بدورها مشكلة أخرى وهي أن الأسلاك نفسها تعد مزعجة وتحتاج إلى حيز كما أنها تقيّد الحركة نظرًا لنشوء فكرة الأجهزة المحمولة، لذلك قامت العديد من الشركات بالبحث عن بدائل لاسلكية.

هناك العديد من الطرق التي يتم ربط الأجهزة بها على سبيل المثال:

  • كابلات
  • أسلاك كهربائية
  • كبلات إيثرنيت
  • واي فاي
  • إشارات الأشعة تحت الحمراء

أصبح فن ربط الأشياء أمرًا أكثر تعقيدًا يومًا بعد يوم.

في هذه المقالة، سوف نتعرّف على طريقة ربط الأجهزة عن طريق البلوتوث.

يعد اتصال البلوتوث لاسلكيًا وتلقائيًا، ويقدّم العديد من الميزات المثيرة للاهتمام والتي يمكن أن تبسّط حياتنا اليومية.

المشكلة

عندما تريد وصل أي جهازين مع بعضهم البعض لبدء محادثة الكترونية، يجب عليك الاتفاق على عدد من النقاط قبل أن تبدأ تلك المحادثة:

النقطة الأولى من الاتفاق هي المادية: هل ستتحدثان عبر الأسلاك، أو من خلال شكل من أشكال الإشارات اللاسلكية؟

إذا كنتما تستخدمان الأسلاك، فكم عدد المطلوب – واحد، اثنان، ثمانية.. ؟

وحالما يتم تحديد السمات المادية، تنشأ عدة أسئلة أخرى:كم من البيانات ستُرسل في وقت واحد؟

فعلى سبيل المثال، ترسل المنافذ التسلسلية بيانات بقيمة بت واحدة في المرة الواحدة، بينما ترسل المنافذ الموازية عدة بتات في آن واحد.

كيف ستتحدّثان مع بعضكما البعض؟

يتعين على جميع الأطراف في المناقشة الإلكترونية أن تعرف ما تعني البتات وما إذا كانت الرسالة التي تتلقاها هي نفس الرسالة التي تم إرسالها.

وهذا يعني تطوير مجموعة من الأوامر والردود المعروفة باسم البروتوكول.

كيف يقوم البلوتوث بإنشاء الاتصال؟

طوّر البلوتوث عملية الاتصال في الأماكن المحدودة إلى مستوى مختلف تمامًا من التكنولوجيا مع معدل استهلاك طاقة منخفض أيضًا.

عندما نتحدث عن الاستخدام في الأماكن المحدودة فبإمكاننا تخيّل أن مكالمة وردتك من صديق وأنت خارج المنزل و أخبرته أنك بحاجة لخمس دقائق لتدخل المنزل و تقوم بتغيير ملابسك و قمت بتشغيل البلوتوث و بناءًا على نظام مبرمج سابقًا، فعندما كنت في سيارتك كان هناك اتصال ما بين الهاتف الخاص بك و بين الـ GPS الخاص بالسيارة وعندما عدت لمنزلك فإن هاتفك أدرك عن طريق الـ GPS أنك في المنزل وعندما قام صديقك بالاتصال مرة أخرى لم تتلقَّ المكالمة على الهاتف الخليوي بل على هاتف المنزل فقد عرفت الأجهزة أين أنت تمامًا.

تعمل خاصية البلوتوث على مستويين:

  1. مستوى يوفر اتفاقًا على المستوى المادي – معيار الترددات الراديوية.
  2. مستوى يوفر اتفاقًا على مستوى البروتوكول، حيث يتعين على الأجهزة أن تتفق عندما ترسل البتات، وكم بت سيتم إرسالها في وقت واحد؟ وكيف يمكن للأطراف في محادثة التأكد من أن الرسالة الواردة هي نفس الرسالة المرسلة.

من أهم مميزات البلوتوث، أنها لاسلكية وغير مكلفة وتلقائية. هناك طرق أخرى للتواصل دون استخدام الأسلاك، بما في ذلك الاتصالات بالأشعة تحت الحمراء و هي تشير إلى موجات الضوء على تردد أقل من التردد الذي تدركه عيون الإنسان ويمكنها أن تتلقى وتفسر وتنقل معلومات.

تستخدم الأشعة تحت الحمراء في معظم أنظمة التحكم عن بعد مثل جهاز التحكم الخاص بالتلفزيون.

تعتبر الاتصالات بالأشعة تحت الحمراء موثوقة إلى حدٍ ما ولا تكلف كثيرًا لتصميمها في جهاز، ولكن لديها اثنين من العيوب:

أولًا، الأشعة تحت الحمراء هي (خط البصر) على سبيل المثال، يجب أن توجه جهاز التحكم عن بعد إلى التلفزيون مباشرة ليعمل.

ثانيّا، ترسل الأشعة تحت الحمراء البيانات بنظام (واحد إلى واحد) أي يمكنك إرسال البيانات بين الكمبيوتر المكتبي وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بك فقط، إذ ليس بمقدور هذه التقنية الإرسال لأكثر من جهاز في نفس الوقت.

إن هذه الصفات في الأشعة تحت الحمراء مفيدة أحيانًا، لأن المرسلات والمستقبلات بالأشعة تحت الحمراء يجب أن تصطف مع بعضها البعض، فإن التداخل بين الأجهزة أمر غير شائع.

طبيعة الخاصية (واحد إلى واحد) من الاتصالات بالأشعة تحت الحمراء مفيدة حيث يمكنك التأكد من أن الرسالة تذهب فقط إلى المتلقي المقصود.

وتهدف تقنية البلوتوث للتغلب على المشاكل التي تأتي مع أنظمة الأشعة تحت الحمراء.

إن معيار بلوتوث 1.0 القديم لديه سرعة نقل قصوى تصل إلى 1 ميغابت في الثانية في حين أن بلوتوث 2.0 يمكنه إدارة ما يصل إلى 3 ميغابايت في الثانية.

 كيف تعمل خاصية البلوتوث؟

تنقل شبكة البلوتوث البيانات عبر موجات الراديو منخفضة الطاقة، ويتصل بتواتر قدره 2،45 غيغاهرتز (في الواقع بين 2،02 غيغاهرتز و 2،480 غيغاهرتز، على وجه الدقة).

وقد تم وضع هذا النطاق بموجب اتفاق دولي لاستخدام الأجهزة الصناعية والعلمية والطبية (ISM).

وتتصل عدة أجهزة من نفس نطاق الترددات الراديوية هذه مثل: مصل الشاشات، وفتحات أبواب المرآب، وأحدث جيل من الهواتف اللاسلكية.

ويعد التأكد من أن شبكة البلوتوث وهذه الأجهزة الأخرى لا تتداخل مع بعضها البعض كان جزءًا  مهمًا من عملية التصميم.

إحدى الطرق التي تتجنب بها أجهزة بلوتوث التداخل مع الأنظمة الأخرى هي إرسال إشارات ضعيفة جدًا تبلغ حوالي 1 ميلي واط.

على سبيل المقارنة، يمكن للهواتف المحمولة نقل إشارة أقوى من 3 واط.

وتحد الطاقة المنخفضة من نطاق جهاز بلوتوث إلى حوالي 10 أمتار (32 قدمًا)، مما يقلل من فرص التداخل بين نظام الكمبيوتر الخاص بك والهاتف المحمول أو التلفزيون حتى مع انخفاض الطاقة، وتقنية بلوتوث لا تتطلب التواصل في خط مستقيم عند توصيل الأجهزة مثل ريموت التلفزيون.

الجدران في منزلك لن توقف إشارة البلوتوث، مما يمكنك من السيطرة على عدة أجهزة في غرف مختلفة.

يمكن للبلوتوث توصيل ثمانية أجهزة في وقت واحد.

وكل هذه الأجهزة في دائرة نصف قطرها 10 متر (32 قدم)، قد تعتقد أنها سوف تتداخل مع بعضها البعض، ولكن هذا من غير المحتمل حيث يستخدم البلوتوث تقنية تسمى انتشار الطيف وانتشار القفز الذي يجعل من النادر لأكثر من جهاز واحد ان يتم الإرسال له على نفس التردد في نفس الوقت.

في هذه التقنية وفي حالة البلوتوث، تتغير ترددات المرسلات 1،600 مرة كل ثانية، مما يعني أن المزيد من الأجهزة التي يمكنها الإستفادة من شريحة محدودة من الطيف الراديوي.

فمن غير المرجح أن اثنين من أجهزة الإرسال ستكون على نفس التردد في نفس الوقت.

هذا الأسلوب نفسه يقلل من خطر أن الهواتف المحمولة أو الشاشات سوف تعطل أجهزة البلوتوث، لأن أي تدخل على أي تردد معين سوف لن يستمر سوى جزءًا صغيرًا من الثانية.

بنية نظام البلوتوث

دعونا نقول أن لديك غرفة معيشة مع الأشياء الحديثة النموذجية، هناك نظام ترفيهي مع ستيريو، ومشغل دي في دي، وجهاز تلفزيون مع قنوات فضائية وتلفزيون.

وهناك أيضًا هاتف لاسلكي وجهاز كمبيوتر شخصي.

كل من هذه الأنظمة تستخدم البلوتوث، ولكل شكل نظامه الخاص للتواصل بين الوحدة الرئيسية والفرعية.

لدى الهاتف اللاسلكي وحدة الارسال بلوتوث في قاعدة وأخرى في الهاتف.

قامت الشركة المصنعة ببرمجتها لكل وحدة مع عنوان يندرج ضمن مجموعة من العناوين التي أنشأتها لنوع معين من الأجهزة.

عندما يتم تشغيل القاعدة لأول مرة، فإنه يرسل إشارات الراديو ويطلب رد من أي وحدات مع عنوان في نطاق معين.

وبما أن الهاتف له عنوان في النطاق، فإنه يستجيب، ويشكّل شبكة صغيرة.

الآن، حتى لو أن واحدة من هذه الأجهزة تتلقى إشارة من نظام آخر، فإنه سيتم تجاهل ذلك لأنه ليس من داخل الشبكة.

نظام الكمبيوتر والترفيه يمر بإجراءات شبيهة، وإنشاء شبكات بين العناوين في النطاقات التي وضعتها الشركات المصنعة.

وبمجرد إنشاء الشبكات، تبدأ النظم بالتواصل فيما بينها.

كل نظام  يتصل من خلال الترددات المتاحة، لذلك يتم فصل كل الأنظمة تمامًا عن بعضها البعض.

أنشئ في غرفة المعيشة ثلاث شبكات منفصلة، تتكون كل واحدة من الأجهزة، عنوان المرسلات التي يجب أن تستقبل منها و ترسل إليها وعنوان أجهزة الاستقبال التي يجب أن تتواصل معها.

وبما أن كل شبكة تقوم بتغيير تردد تشغيلها آلاف المرات في الثانية، فمن غير المحتمل أن تكون أي شبكتين على نفس التردد في نفس الوقت.

إذا تبين ذلك، فإن الإرتباك الناتج لن يكون سوى جزء صغير من الثانية، والبرمجيات مصممة لتصحيح مثل هذه الأخطاء.

الأمن في البلوتوث

في أي تصميم خاص بالشبكات اللاسلكية يعد الأمن مصدر قلق.

حيث يمكن للأجهزة بسهولة انتزاع موجات الراديو من الهواء، لذلك على الناس الذين يرسلون معلومات حساسة عبر اتصال لاسلكي، أن يتخذوا الاحتياطات للتأكد من أن هذه الإشارات لا يتم اعتراضها.

لا تختلف تقنية البلوتوث عن غيرها فهي لاسلكية وبالتالي عرضة للتجسس والوصول عن بعد، تمامًا مثل الواي فاي فهو عرضة للاختراق إذا كانت الشبكة ليست آمنة.

على الرغم من أن الطبيعة التلقائية للاتصال والتي تعد مفيدة جدًا من حيث اختصار الوقت والجهد، فهي أيضًا جيدة للأشخاص الذين يتطلعون إلى إرسال البيانات لك دون إذنك.

يوفر البلوتوث العديد من وسائل الأمن، في جميع الحالات تقريبًا يمكن لمستخدمين بلوتوث إنشاء (الأجهزة الموثوقة) التي يمكن تبادل البيانات دون طلب الإذن.

عندما يحاول أي جهاز آخر إنشاء اتصال لأداة المستخدم، يجب على المستخدم أن يقرر السماح به.

يعمل النظام على دعم الخدمة والأمان على مستوى الجهاز لحماية أجهزة البلوتوث من نقل البيانات غير المصرح بها.

وتشمل أساليب الأمن إجراءات الترخيص وتحديد الهوية التي تحد من استخدام خدمات بلوتوث للمستخدم المسجل وتتطلب أن يتخذ المستخدمون قرارًا واعيًا لفتح ملف أو قبول نقل البيانات.

وطالما تم تمكين هذه التدابير على هاتف المستخدم أو الجهاز الآخر، فمن غير المرجح الوصول غير المصرح به.

يمكن للمستخدم أيضًا ببساطة تبديل وضع البلوتوث إلى (غير قابلة للاكتشاف) وتجنب الاتصال مع أجهزة بلوتوث أخرى تمامًا.

مثل إذا كان المستخدم يستخدم شبكة بلوتوث في المقام الأول لتوصيل الأجهزة في المنزل، قد يكون هذا وسيلة جيدة لتجنب أي فرصة لانتهاك الأمن أثناء وجوده في الأماكن العامة.

في كل جهازبلوتوث هناك أربعة من الكيانات المستخدمة للحفاظ على الأمن وهي:

  1. عنوان جهاز البلوتوث (BD ADDR) الذي هو عنوان مؤلف من 48-بت وهو فريد لكل جهاز
  2. مفتاح الوثوقوية الخاص ذو الـ 128 بت عشوائي، ويستخدم هذا المفتاح لأغراض الوثوقوية.
  3. مفتاح التشفير الخاص، بطول 8-128 بت الذي يستخدم لأغراض التشفير.
  4. رقم عشوائي مؤلف من 128-بت عشوائي، ويحدد هذا الرقم جهاز البلوتوث نفسه.

  • ترجمة: عمرو سيف
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: طارق الشعر
  • المصدر