من الممكن إعادة ضبط الساعة البيولوجية (ساعة الجسم الداخلية) بالتعرض لإشارات زمنية محددة من البيئة. فما هي الإشارات الزمنية للمزامن؟ وكيف تعمل هذه التأثيرات على إعادة ضبط الساعة الداخلية التي تتحكم في النوم وإفراز الهرمونات والعمليات الأخرى؟ اكتشف معنا كيف يمكن للضوء والحرارة والوجبات والتمارين أن تؤدي دورًا في ذلك، وماذا يحدث إذا فُقدت إشارات الساعة البيولوجية هذه؟

مفهوم (المزامن-Zeitgeber)

كلمة ألمانية تعني (منح الوقت)، وتشير إلى أي إشارة خارجية تستطيع إعادة ضبط نظام الحفاظ على الوقت في الكائن الحي. يسيطر المزامن على الساعة البيولوجية عند البشر، وتتوضع ناظمة الخطى المركزية في النواة فوق التصالبية للوطاء الأمامي للدماغ.

إليك بعض المزامنات وكيفية تأثيرها في نومك:

ضوء النهار:

يُعد الضوء واحدًا من أهم المزامنات التي تؤثر في النوم، إذ يؤثر الضوء في ساعتك الداخلية من خلال الخلايا الحساسة للضوء في شبكية العين، وتُسمى هذه الخلايا (الخلايا العقدية الشبكية المحتوية على الميلانوسبين)، فهي حساسات منفصلة عن تلك التي تساهم في الرؤية، ما يعني أنه قد تكون محفوظة لدى المكفوفين.

تخبر هذه الخلايا جسمك متى يكون الوقت ليلًا ومتى يكون نهارًا، ما يساعد على تنظيم دورة نومك.

قبل اختراع المصباح، اعتاد الناس أن يناموا عندما تغرب الشمس، ويستيقظوا عندما تشرق، ولكن الآن التعرض للضوء غير الطبيعي في وقت متأخر من الليل (خاصة ضوء الشاشات)، وقلة الوصول إلى ضوء الشمس الطبيعي إذا كنت تعمل في مكتب، قد يساهمان في صعوبة النوم.

جدول الوجبات:

قد يؤثر أيضًا تناولك الطعام ليلًا في جودة نومك، فتناول الطعام في وقت متأخر من الليل أمر لا بأس به بما أنك تأكل في نفس الوقت تقريبًا كل ليلة. وبوجه آخر قد يكون لديك مستويات مختلفة من الطاقة في الوقت الذي تحاول فيه النوم عادةً، ما قد يؤدي إلى اضطراب في ساعتك البيولوجية.

يُعتقد أيضًا أن الطعام المتناول قد يؤثر على مقاومة الأنسولين، وقد يكون لذلك تأثير في النوم.

جدول التمرين:

قد تؤثر ممارستك الرياضة أيضًا في دورة نومك مثل تأثير جدول وجبتك.

لا يتعلق الأمر كثيرًا بموعد التمرين، بل يتعلق أكثر بثبات توقيتك. فإذا كان جسمك معتادًا على ممارسة الرياضة كل ليلة، ولكنك في يوم ما غيرته وذهبت إلى تمرين في الصباح الباكر، فمن المتوقع أن تلحظ تغيرًا في نومك.

قد يؤثر النوم في درجة حرارة جسمك ومستويات الكورتيزول، وقد يكون تجنب إجراء تمارين رياضية قبل موعد نومك الطبيعي مباشرةً أمرًا مهمًا.

درجة الحرارة:

توجد أدلة على أن انخفاض درجة الحرارة يساعد على تحويل الجسم إلى وضع النوم. تنخفض درجة حرارة الجسم أيضًا طبيعيًا في الصباح (نحو الساعة 4 صباحًا)، ما قد يحافظ جزئيًا على فقدان الحرارة الذي قد يحدث مع اختلاف أكبر بين الجسم والبيئة الطبيعية.

فقد تُفقد هذه الإشارة عندما يحدث التحكم في درجة الحرارة والحفاظ عليها ثابتةً، كما هو الحال عندما يُحافَظ على درجة حرارة المنزل عند الدرجة 22 سيليزيوس باستمرار بغض النظر عن الفصل أو التوقيت من اليوم.

ينام الكثير من الناس نومًا أفضل عند إبقاء النوافذ مفتوحة في أثناء الليل. وقد يساعد التبريد أيضًا على الانتقال إلى وضع النوم والتخفيف من الأرق.

قد يساعد الاستحمام بالماء الساخن قبل الذهاب إلى السرير على النوم؛ لأنه يجلب الدم إلى سطح الجلد ما يسمح للحرارة بالانتشار.

كيف يتغير المزامن بمرور الوقت؟

مع تقدمك في العمر قد تتغير حساسية إيقاع الساعة البيولوجية لإشارات الوقت، وقد يفسر هذا سبب عدم تأثير تناول البيتزا في الساعة الثانية صباحًا قبل النوم على جودة نومك، في حين يبدو أنه حتى التغييرات البسيطة في روتينك لها تأثير ضار على أنماط نومك.

قد يساعدك تنظيم وجبتك وجدول التمارين وإيجاد طرق للحصول على ضوء الشمس في الصباح؛ على العودة إلى المسار الصحيح إذا كنت تعاني انخفاض جودة نومك.

يُنصح أن يحدث التعرض لأشعة الشمس مدة 15 دقيقة إلى 30 دقيقة مباشرةً بعد الاستيقاظ، وذلك لتحسين نمط الساعة البيولوجية.

قد يكون وجود صندوق ضوئي في بعض المناطق في أشهر الشتاء أمرًا ضروريًا لتحقيق الاستقرار في النوم.

علامات اضطراب النوم

إذا كنت متعبًا باستمرار، وكانت جودة نومك رديئة طوال الوقت، فقد تكون مصابًا باضطراب نوم الساعة البيولوجية، إذ تضم علامات اضطراب النوم ما يلي:

  •  معاناتك عند بدء النوم.
  •  مكافحتك لكي تبقى نائمًا، والاستيقاظ على نحو متكرر في أثناء الليل.
  •  الميل إلى الاستيقاظ مبكرًا، وعدم القدرة على استئناف النوم.
  •  الشعور بالنعاس في وقت أبكر في المساء، أو قبل موعد النوم المعتاد.
  •  المعاناة من ضعف وظيفي في مكان العمل أو المنزل أو المدرسة.

غالباً ما تسبب مشكلات الساعة البيولوجية الأرق والنعاس في أثناء النهار، وقد تزيد المخاطر المرتبطة بهذه المشكلات لدى العاملين في المناوبات، كارتفاع معدل الإصابة بسرطان القولون أو الثدي، وزيادة الوزن، ومشكلات أخرى.

كلمة من موقع Verywell

تحدث إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك إذا كنت تشك في أنك تعاني اضطرابًا في النوم. قد تكون التغييرات البسيطة التي تعزز اتصالك بالبيئة الطبيعية (كالتعرض لأشعة الشمس في الصباح) مفيدةً في تنظيم ساعتك البيولوجية وأنماط نومك. إذا لم ينفع الأمر، فقد يكون اتباع المزيد من الإرشادات والاختبارات ضروريًا لتحسين صحة النوم.

اقرأ أيضًا:

الساعة البيولوجية التي تحكم حياتنا وتحدد صحتنا

اكتشاف الخلايا العصبية المسئولة عن الساعة البيولوجية بالدماغ!

ترجمة: سميرة طارق غزولين

تدقيق: عبد الرحمن داده

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر