إنّ الأخبار التي نسمعها عن الأفعى التي ابتلعت رجلًا بأكمله في جزيرة إندونيسية تترك شعورًا مؤلمًا في حلقك، فالصور التي نراها ومقطع الفيديو، بطول ست دقائق، يظهر أفعى مقطعة وفي بطنها رجل ميت منذ مدة، يمكن أن تكون ملهمة لأفلام الرعب الهستيرية.
الدكتورة ساشا هيربيرت Sasha Herbert)) التي تعمل في وحدة الحيوانات الأليفة السامّة في جامعة ملبورن (Melbourne)، ترى أنّ السبب الغامض لموت المزارع في مزرعة لزيت النخيل، والبالغ من العمر خمسة وعشرين عامًا، في حين أنّ الأفاعي نادرا ما تفترس البشر، تقول الدكتورة ساشا إنّ هذا الأمر على ندرته فهو مثال متطرف لطريقة عمل الطبيعة.
موت الرجل بهذه الطريقة أمر فظيع له ولمن حوله، ولكن من منظور اخر فإنّه من الفظيع أيضًا للظبي أن يتم أكله من قبل أسد، إنّ عالمنا عبارة عن سلسلة غذائية، ليس استثناءً من أفعال الحيوانات، إنّما هي مجرد فرصة اغتنمها.
بغض النظر عن لقطات اليوتيوب المروعة، دراسة مثل هذه المأساة تعتبر إغراءً، باختصار وكما ذكرت الدكتورة ساشا والتي عملت عقدًا في حدائق الحيوان، منها ست سنوات في سنغافورة، إنّ الزحف العمراني للبشر داخل مناطق الحيوانات، هو السبب في مثل هذه المواجهات المروعة معها.

 

 

إنّ أعداد هذه الحيوانات النادرة تقل شيئًا فشيئا بسبب توغلنا أكثر في مناطقها، في أي منطقة يكون فيه المفترس كبيرًا بما فيه الكفاية، فإنّه من الممكن أن يكون البشر على قائمة طعامه.
في هذه الحالة نحن نتحدث عن ثعبان شبكي بطول 8 أمتار، والذي يمكن أن يزن بسهولة أكثر من 100 كيلوغرام اعتمادًا على كمية الدهون المخزنة في جسمه (والتي توجد بكثرة في هذا النوع من الثعابين).
تقول الدكتورة ساشا أنّ هذه الثعابين مفترسة متربصة وليست صيادة، أي أنّها تستلقي متربصة لوجبتها، ففي جنوب شرق اسيا تتغذى هذه الافاعي على أيّ شيء، بدءًا من الفئران وحتى الغزلان، بجانب الثدييات متوسطة الحجم بينهما، في الغالب تقوم بالصيد من على سطح الأرض، فتصبح ثقيلة للغاية لتتسلق الأشجار.

 

 

في حين أنّ الضحية لديه جرح في الظهر والذي يمكن أن يكون ناجمًا عن عضة، تتسائل الدكتورة ساشا إذا ما حدثت للضحية أيّ حادثة قبل أن يهاجمه الثعبان معتبرًا إياه وجبة دسمة يمكن أن تشبعه لفترة كبيرة.

يمكن للثعبان أن يهاجم للدفاع عن نفسه، لإخافة أعدائه وإبعاد الخطر عن نفسه، أو يمكن أن يهاجم بقصد الافتراس بالالتفاف حول الفريسة التي يراها مناسبة له.

إنّ هذه الثعابين غير سامه وهو ما يتعارض مع شكله المخيف وفكّه العلوي الذي يحوي صفين من الأسنان، وصفًا آخرًا في الفك السفلي.
ثم تأتي تلك الضمة المميتة
تقول الدكتورة ساشا: «إنّ الأفاعي تهجم على الفريسة فتضربها، ثم تلتف عليها بشكل بقوّة شديدة ومع كل لفة تضغط بشدة أكثر فتموت الفريسة اختناقًا»، إنّ شخص القوي المناسب يممكن أن يردع هذه الهجمة إلّا إذا كانت الضربة الاولى للثعبان شكّلت قبضة لا مفر منها.
إنّ الثعابين الشبكية واحدة من الثعابين القليلة التي يمكنها من النمو إلى حجم يكفي لابتلاع إنسان، فبمجرد أن تلف ضحاياها يقوم فكها المدهش بعمله-والذي يحتوي على عظام توجد في أذننا الداخلية نتيجة صدفة تطورية.

 

 

كما اضافت الدكتورة: «إن فكوكها يمكن أن تفتح لدرجة كبير، في لا تملك نفس المفاصل التي لدينا، مما يسمح لهم بأكل فرائس كبيرة كما يمكن لجلدها أن يتمدد بشكل كبير».

بمساعدة من عضلات المريء، المعدة والأمعاء القوية تُدفع الفريسة إلى الداخل، تبدأ الافاعي بالرأس دائمًا، فهو يوفر انزلاقًا أكبر واحتكاكًا أقلّ.
في حين أنّ الثعابين يمكن أن تظل ستة أشهر أو حتى سنة كاملة بدون طعام، فإنّ الثعبان المصاب بسوء تغذية تضعف خلايا أمعائه لتصبح ضعيفة وشبه شفافة كمادة الفلم (cling film).

فحتى وليمة قد تعرض حياته للخطر، إذ أنّ فريسةً بحجم الانسان تحتاج الى شهر لكي تهضم، وتكفي الثعبان لسنة كاملة، ولكن عدم قدرة الثعبان على هضم ملابس الضحية هو في الغالب ما قتلها حتى لو لم يقم بذلك القرويون.
وذكرت الدكتورة ساشا أنّها قامت بتشريح ثعبان كان قد أطعمه مالكه محلول فأر موضوع على بقايا قميص قديم، فأكل الثعبان القميص وعانى من عسر في الهضم، تمامًا كما يحدث لكلبك عندما يبتلع أحد جواربك.

فالقماش غير قابل للهضم ولا يمر بسلاسة فيسبب التقرحات والإصابات وهذه قد لا تكون نهاية جيدة لثعبان.

 

 

كما أنّها لم تكن اخبار سعيدة للقرويين الإندونيسيين، قالت الدكتورة ساشا أنّه في حين أنّ استراليا تضم العديد من أنواع الثعابين (اكبرها ثعبان السجادة من جنس موريليا Morelia)، فإنّه لا يوجد ثعبان واحد منها يصل للحجم الذي يمكّنه من ابتلاع إنسان، مع وصول الثعبان إلى الحجم العملاق من السيء اخبارك أنّه بإمكانه تذوق طعم البشر.

إنّ الثعابين الاليفة ممكن أن تتعلم أن تحب طعم الفئران التي تقدم اليها، ولكن في البرية فإنها تفترس ما تشاء.

دائمًا ما تكون القصص الخيالية والأساطير تحوم حول الموضوع.

فالإنسان ليس فريسة سهلة، ففي الغالب يكون بحجم كبير جدًا، حتى على أكبر ثعبان.

إنّه سريع وغير ساكن لكي يتم امساكه بسهولة. إنًه من غير المنطقي القول إنّ الثعابين ممكن أن تتطور لتأكل البشر.

فهي فقط من الممكن أن تكون بحجم كبير كفاية لأن تجرب ذلك إذا اتيحت لها الفرصة.


المترجم: حسن كوسا
المدقق: خليل حسن
المصدر